الأمة بحاجة إلى مصلحين يسعون في الخير ويحرسون الفضيلة ويكونون مصادر خير وعطاء ونور في مجتمعاتهم، والرجل المؤمن ينبع الخير من دواخله فيظهر على جوارحه، وينعكس على مجتمعه الذي يسعد بخيره وينعم بسماحته وبره وتدفقه وعطائه (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ).
ولا يُلمس هذا الأثر ويُعرف قيمة هذا العمل إلا عندما ينطفئ الضوء، ويضمحل النور ويجف العطاء، عندها نعلم أن مصلحاً قد رحل ونجماً قد أفل وشيخاً جليلاً قد فارقنا وجاور ربه. وهكذا رحل وليد يوسف حمد المير الذي إذا ذُكر .. ذُكر معه الإحسان والعمل الخيري والاغاثي ليس في الكويت فحسب لكن في بقاع كثيرة على وجه الأرض ظلت تدعو له بعد وفاته بالخير.
النشأة
ولد وليد يوسف حمد المير في 7 فبراير 1949م بمنطقة “قبلة” بمدينة الكويت العاصمة، وكان ترتيبه الثالث بين اخوانه عاش طفولة سعيدة كان هادئاً خجولاً اجتماعياً ملتزماً، درس الابتدائية والمتوسطة في حولي ثم التحق بثانوية الجاحظ، ثم انتقل إلى ثانوية عبدالله السالم وبعد الثانوية درس في التعليم التطبيقي ليتخرج مساعد مهندس.
وفي مجال النشاط المدرسي كان دوره بارزاً في إلقاء الكلمات الصباحية، وكذلك التحدث باسم زملائه. كان له دور في خدمة المجتمع، محبوباً من الجميع بدون استثناء، مسالماً واثقاً من نفسه له العديد من الهوايات.
وعمل في بداية حياته في بلدية الكويت، ثم انتقل للعمل في الهيئة العامة للإسكان، قبل أن يلتحق بجمعية الإصلاح الاجتماعي منذ نشأتها في بداية الستينيات كأحد مؤسسيها ويتفرغ للعمل فيها حتى وصل كمدير إداري ومالي، وكان له جهدا عظيما في هذا المجال.
لجنة العالم الإسلامي:
مع إطلالة عقد الثمانينات من القرن العشرين بزغت فكرة اضطلاع جمعية “الإصلاح الاجتماعي” بدور خيري وإغاثي في العالم الإسلامي؛ فانتدب مجلس إدارة الجمعية كلاًّ من السيد – عبد الله العتيقي والسيد – وليد المير للسفر إلى شرق آسيا؛ لاستطلاع وضع المسلمين هناك وتقدير احتياجاتهم، وكان من نتائج هذه الزيارة أن تأسَّست أول لجنة خيرية في الجمعية، وسُميت بلجنة “العالم الإسلامي”، وذلك في عام 1982م، لتبدأ من هذه اللحظة مدُّ أول جسور الخير من الكويت إلى شتَّى أصقاع الأرض.
ثم شكَّلت الجمعية لجنتها الخيرية الثانية لإغاثة المسلمين في “أفغانستان”، وهي لجنة “الدعوة الإسلامية”، في عام 1986م، لتضع هذه اللجنة نصب عينيها دعم القضية الأفغانية؛ التي هبَّ العالم الإسلامي وقتها لنصرتها، وكان أول قرارات مجلس إدارة اللجنة ضرورة أن ينطلق الدعم من عمل مؤسسي منضبط وعلمي، وعلى مستوى مهني مرتفع، فتمت هيكلة العمل في كافَّة الجوانب؛ المالية، والإعلامية، والإغاثية، والتربوية التعليمية، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي.. من خلال منظومة إدارية متكاملة.
ثم ما لبثت أن تفجرت المشكلة اللبنانية، واشتد الأمر على أهلنا في “فلسطين”؛ فقرر مجلس الجمعية تأسيس لجنة خيرية جديدة؛ باسم “لجنة المناصرة الخيرية”، وتشكَّل مجلس إدارة اللجنة من عدد من رجالات الكويت؛ منهم: “أحمد الفلاح”، و”مبارك المطوع”، ثمَّ توسَّع نطاق اللجنة الجغرافي بعد ذلك ليشمل جميع بلاد الشام.
وبعد أن تحرَّرت الكويت بفضل الله سنة 1991م، وعادت لأهلها نعمة الأمن المفقود؛ لم يلبث أن تفجَّر الصراع العرقي الذي قاده الصرب ضد المسلمين في “البوسنة والهرسك”؛ فكان أهل الكويت أكثر الناس إحساسًا بآلام أهلنا في تلك البقعة الجريحة، وتمَّ حينذاك تفعيل لجنة “العالم الإسلامي”، لتبدأ صفحة جديدة في سجل الخير الكويتي، بتقديم يد الإغاثة للإنسانية الجريحة في “البوسنة والهرسك”.
صفاته:
يتسم أبو خالد رحمة الله عليه بصفات كثيره من أبرزها وأهمها المحافظة على الصلاة في المسجد، حيث كان المرحوم حتى وهو مريض محافظاً على صلاته في المسجد، وأن يكون في الصف الأول، ويتصف المرحوم بالابتسامة حيث كان مبتسماً للجميع، بالإضافة إلى ابتسامته المشرقة، وهدوئه وتواضعه، كان طيباً وكريماً، واصلاً للرحم، نصوحاً، محباً للخير والدعوة.
عضوا بمجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي
اختير وليد المير عضوا بمجلس إدارتها منذ عام 1979م، وحينما عقدت انتخابات مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي عام 2005م اختير وليد المير عضوا بمجلس الإدارة كما اختير أمينا لصندوق الجمعية، حيث ظل عضوا بمجلس الإدارة لعدة سنوات حتى أنه شارك في وفد جمعية الإصلاح في العزاء الذي أقيم يوم 17 يونيو 2012م في سفارة المملكة العربية السعودية لوفاة ولي العهد السعودي سمو الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله.
عُرف عنه التواضع ودماثة الخلق، وكان شخصية محبوبة، بشوش الوجه، ولا يغضب إلا لما يُغضب الله تعالى، كما اتسم بالإخلاص وحب التقوى والإيمان وأداء واجباته العبادية من صلاة في المسجد وصيام وقيام واعتكاف وعمرة في رمضان والنشاط في كل عمل خيري وتربوي
وكان يعمل ذلك في صمت وهدوء حتى كان لها أثرها في الشباب وبمن تعامل معه، وقد زكاه الدكتور ناصر الصانع بقوله: له فضل بعد الله على قطاع واسع من الإخوة والشباب (وأنا منهم) منذ الستينيات، حيث اهتم بشباب الدعوة والعمل الكشفي والتربية.
قالوا عنه
رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي د. خالد المذكور:
“رحم الله الأخ الفاضل وليد المير، عضو مجلس إدارة جمعية الإصلاح سابقاً، وأسكنه فسيح جناته، ورفع مكانته في عليين على ما قدم لدعوته ولوطنه وأمته من عطاء خير وتربية وقدوة رائدة لجيل يشهد له في ذلك كله”، ووصفه عضو مجلس الأمة الأسبق عيسى الشاهين بأنه “رائد من رواد الدعوة الإسلامية في الكويت”.
الرئيس الفخري لجمعية الرحمة العالمية الشيخ د. جاسم مهلهل الياسين:
نسمة من نسمات الحب الصادق، والإيمان الدافئ، عرفته – والله حسيبنا جميعا- من أكثر من (35) عاماً، شاباً يافعاً قوياً، مداوماً في المسجد، وعايشته في صلوات الفجر في مسجد عبد الله التركي، ذو سمت طيب، وهدوء ورزانة، يخفض الجناح، لأصحابه وإخوانه، لين الكلمة، دائم البشر، كثير التودد، صاحب الأخلاق الرفيعة.
عضو جمعية الإصلاح الاجتماعي د.عبدالله سليمان العتيقي:
كان لي نعم العضيد، رافقته منذ أواخر الستينيات، وان كان لي من شهادة في حقه امام الله فإنني اشهد له بالإخلاص وحب التقوى والايمان واداء واجباته العبادية من صلاة في المسجد وصيام وقيام واعتكاف وعمرة في رمضان والنشاط في كل عمل خيري وتربوي.
الاعلامي نصار الخالدي:
عرفته منذ السبعينيات اخا داعية، مثابرا، مجتهدا، وقائدا ومربيا فاضلا، وحاضرا في كل مجالات العمل الدعوي.
مدير تحرير مجلة الوعي الإسلامي الأسبق أنور الحمد:
أفنى حياته في هذه الدعوة، الدعوة المباركة، وقدم الكثير من جهده للجمعية وترك اثرا كبيرا ورحل، وأسأل الله العلي القدير ان يسكنه الفردوس الاعلى من الجنة.
النائب السابق مبارك الدويلة:
هو معلمنا واستاذنا وليد المير، ابو خالد، وله فضل علينا منذ عرفناه في الستينيات، وهو كما عرفته عن قرب صادق معطاء رغم المرض العضال الذي لم يثنه عن ترك اي فرصة للمشاركة حيث كان يشارك الجميع بدعائه وتشجيعه.
النائب السابق د.ناصر الصانع:
رحم الله عضو مجلس جمعية الإصلاح الإجتماعي اخي واستاذي وحبيبي الاخ وليد المير الذي عمل طوال عمره متطوعا يعمل بصمت وهمة واخلاص وعطاء غير محدود في مختلف القطاعات الخيرية، وميزته “الحبابة” هادئ ومتواضع مع الجميع، الصغير والكبير، وعاش، رحمه الله، مع المرض صابرا محتسبا، رحمك الله ابا خالد.
عادل العصفور، مسؤول مكتب الوفاء بجمعية الإصلاح الاجتماعي:
“تعرفت على المرحوم وليد المير (بوخالد) عام 1971م، ثم عملت معه في بلدية الكويت لفترة وجيزة، فكان المربي والداعية والأخ الحنون، وأراه – والله حسيبه – يتمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: قيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال: “كلُّ مخموم القلب صدوق اللسان”، قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفُه، فما مخمومُ القلبِ؟ قال: “هو التقيُّ النقيُّ لا إثمَ فيه ولا بغيَ ولا غِلَّ ولا حسدَ” (صحيح ابن ماجة).