في مثل هذا اليوم 13/ 5/ 1999م، وبعد جهاد طويل في خدمة العلم والعلماء، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، انتقل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز إلى رحمة الله تعالى.
وبهذه المناسبة تعيد «المجتمع» نشر هذا المقال الذي تحدث فيه سماحة الشيخ عن عداء اليهود للإسلام والمسلمين، ونُشر في العدد (272)، 28/ 10/ 1975م، تحت عنوان «عدوان جديد من اليهود على المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل.. عداء اليهود للإسلام قــديــم ومستمر»، يقول فيه:
إن عداء اليهود للإسلام والمسلمين قديم ومستمر بينه القرآن الكريم في قوله تبارك وتعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة: 82)، وسجل التاريخ أحداثاً وصوراً لا تحصى لهــذا العداء ومـا عودتهـم إلـى فلسطين الأرض المقدسة في هذا القرن بعد طردهم منها منذ مئات السنين إلا تنفيذ لخطط صهيونية خطيرة، يظاهره أعداء الإسلام في كل مكان، ويستهدف تهويد المنطقة وإزالة المقدسات الإسلامية بالهدم أو التحويل إلى معابد أو مؤسسات أخرى يهودية، ومحاربة الإسـلام بكل الوسائل وتفتيت قوة المسلمين وتمزيق تضامنهم وتشتيت وحدتهم وتحقيق المطامع الصهيونية والاستعمارية في أوطانهم وثرواتهم.
ومنذ وقت قريب أحرق «الإسرائيليون» المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المسجدين، ولم يكتفوا بذلك، بل هم يحفرون من حوله، ومن تحته بحثاً عما يزعمونه «هيكل سليمان»، والآن يتجهون إلـــى المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليــل يقتسمونه مع المسلمين ويحتلون الجــزء الأكبر منه، يشربون فيه الخمر وينفخون الأبواق، ويقيمون الولائم، والحفلات الصاخبة لأعراسهم وختانهم، ويشوشون على المصلين المسلمين في الجزء الذي أبقوه لهم من المسجد بشتى الوسائل، ويمنعونهم من إعلان الأذان وإقامة الصلاة إلا في الأوقات التي يحددونها ويحرمون عليهم دخول المسجد إلا من باب واحد، ويعتدون على أئمة المسجد وسدنته.
وإن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إذ تستنكر ذلك كل الاستنكار وتعـــده عدواناً صارخاً وإثماً علــى الإســلام والمسلمين، ليس في فلسطين فحسب بل في سائر أنحاء الأرض حيثما وجد مسـلم، لتهيب بالمسلمين في كل مكان أن يهبوا في وجه هذا العدوان البربري على دينهــم ومقدساتهم وأن يواجهونه بكل قوتهم، ولا ترى الاكتفاء باجتماع لجنة القدس لصد هذا الخطر بل تدعو المؤتمر الإسلامي لعقد دورة خاصــة لدراســة الخطوات الإيجابية التي تنبع في مواجهة العدوان الصهيوني المستمر على المقدسات الإسلامية في فلسطين ووضع خطة عملية لرده، تلتزم جميع الدول الإسلاميـــة؛ حكومات وهيئات، بدورها فــي التنفيـــذ وعـــدم الاكتفاء بإصدار التوصيات أو الاستنكارات التي لا يعبأ بها «الإسرائيليون»، ويسخرون منهـا، ويمضون في تنفيذ خططهم العدوانية الإجرامية الواحدة تلو الأخرى ما داموا لا يجدون أمامهم قوة رادعة تصدهم عن غيّهم وتردهم عن بغيهم.
وإن القيام بذلك، والوقوف في وجه الصهيونية بكل قوة لواجب على المسلمين جميعاً يأثمون بتركه أو التهاون به أو تأخيره عن وقته، وقد فرض الله علـى المسلمين الجهاد في سبيله كما قال سبحانه: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) (الحج: 78)، وضمن لهم النصر على عدوهم وعدوه كما قال تعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40).
وقد عودنا الصهاينة في أساليـب اعتداءاتهم المتكررة على المسلمين ومقدساتهم أن يخطوا خطوتهم الأثمة ويضربوا ضربتهم العدوانية، ثم يتابعوا صداها بين المسلمين فإذا لم يجدوا عملاً يردعهم أقدموا على خطوة أخرى.
فليتنبه المسلمون إلى ذلك وليحذروا الأخطار التي تتهددهم في دينهم ومقدساتهم وحياتهم من جانب الصهاينة المعتدين، وليتحدوا جميعاً في مواجهتها ودرئها، والله معهم إذا اتقوه وصبروا كما قال سبحانه: (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران: 120).