ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني، اليوم السبت، مجزرتين مروعتين بحق أهل قطاع غزة، راح ضحيتها أكثر من 350 بين شهيد وجريح.
مجزرة “المواصي”
نقلت وكالة “الأناضول” عن شهود عيان أن طائرات “إسرائيلية” حربية أسقطت 5 صواريخ ثقيلة على منطقة المواصي المكتظة بالنازحين بخانيونس، ما أثار حالة من الرعب والذعر في صفوف النازحين الناجين من الموت، فيما تناثرت أشلاء الشهداء في المكان.
وقال أحد شهود العيان: إن المشهد مروع للغاية حيث تناثرت أشلاء الشهداء والجثامين في كل مكان.
وبلغت حصيلة ضحايا المجزرة إلى الآن 90 شهيداً نصفهم من الأطفال والنساء و300 مصاب، بينهم حالات خطيرة لا زالت الطواقم الطبية تتعامل معها حتى اللحظة، بحسب وزارة الصحة في غزة.
فيما ذكر “المركز الفلسطيني للإعلام” بأن الحصيلة الأولية للقصف “الإسرائيلي” تتحدث عن استشهاد نحو 100 مواطن عدد منهم مفقودون تحت الأنقاض ودفنوا تحت رمال المنطقة المستهدفة، وإصابة أكثر من 300 آخرين بجروح نقلوا إلى مستشفيي ناصر والكويت التخصصي الميداني.
وأضاف المصدر أن طواقم الدفاع المدني ذهبوا لإنقاذ النازحين في مجزرة المواصي بخانيونس جرى استهدافهم وسقط العديد منهم بين شهيد ومصاب.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أعلن في وقت سابق، عن استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بينهم أفراد وضباط من الدفاع المدني، في مجزرة كبيرة ارتكبها جيش الاحتلال في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس، والتي صنفها ضمن “المناطق الآمنة”.
وأكد المكتب على “عدم وجود مستشفيات تستطيع استقبال هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، وبالتزامن مع تدمير الاحتلال للمنظومة الصحية في قطاع غزة”.
ولأكثر من مرة استهدف جيش الاحتلال خيام النازحين في منطقة المواصي، ومراكز للإيواء في مناطق متفرقة من القطاع، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، وسط إدانة فلسطينية ودولية.
مجزرة المصلين
كما أسفرت غارة صهيونية أخرى عن مجزرة ثانية ضد مصلين في مخيم الشاطئ بمدينة غزة، راح ضحيتها 17 شهيداً.
وأفادت مصادر فلسطينية أن طائرات الاحتلال قصفت مصلى المنتزه بجانب مدرسة شهداء الشاطئ غرب غزة خلال أداء مجموعة من المصلين صلاة الظهر.
دول: حرب على المدنيين الفلسطينيين
من جهتها، أدانت السلطة الفلسطينية ودول عربية، المجزرتين التي ارتكبتها قوات الاحتلال بخيام النازحين في مواصي خانيونس، ومخيم الشاطئ، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى، غالبيتهم من الاطفال والنساء.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: إن هذه المجزرة البشعة التي ذهب ضحيتها المئات من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا، تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأميركية التي تصر على مخالفة جميع قرارات الشرعية الدولية عبر استمرارها في تقديم الدعم بالمال والسلاح لهذا الاحتلال الذي يرتكب يومياً المجازر الدموية بحق شعبنا.
واعتبرت وزارة “الخارجية” في السلطة الفلسطينية هذه الجرائم دليل جديد يؤكد أن حرب “إسرائيل” المعلنة هي على المدنيين الفلسطينيين، وتكذب ادعاءاتها بوجود مناطق آمنة في قطاع غزة، في استخفاف واضح بمسار العدالة الدولية وأوامرها وقراراتها، ودليل قاطع على أن الوقف الفوري للعدوان هو المدخل الصحيح لحماية المدنيين.
وأكدت وزارة الخارجية الكويتية في بيان لها أن ما تقوم به قوات الاحتلال “الإسرائيلية” من اعتداءات إجرامية واضحة وصريحة تدل بما لا يدعي مجالا للشك أن تلك القوات ترتكب جرائم حرب، وتستخف بالجهود الدولية لوقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق ينهي العدوان المستمر منذ أكتوبر من العام الماضي.
وجددت الوزارة دعوة دولة الكويت للمجتمع الدولي ومجلس الأمن بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وإلزام قوات الاحتلال بالانصياع للقرارات الدولية ذات الصلة.
وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية السفير سفيان القضاة، إدانة المملكة واستنكارها المطلق لاستمرار “إسرائيل” في انتهاك قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتحديها للمجتمع الدولي والإرادة الدولية الداعية لوقف الحرب، وارتكابها لجرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعرقلتها لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع.
وزارة الخارجية المصرية طالبت “إسرائيل” بالكف عن الاستهانة بأرواح المواطنين المدنيين العزل، والتحلي بالمعايير الإنسانية الواجبة التزاما بأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مشددة على أن تلك الجرائم لن تسقط بالتقادم، ولا يمكن القبول بها تحت أي مبرر من المبررات.
من جانبها، اعتبرت تركيا، هجمات “إسرائيل” على منطقة المواصي المكتظة بالنازحين الفلسطينيين حلقة في سلسلة جهود حكومة بنيامين نتنياهو للقضاء على الفلسطينيين كافة.
وقالت “الخارجية” التركية في بيان صحفي اليوم السبت: إن هجوم “إسرائيل” على الفلسطينيين الذين يحتمون في منطقة المواصي، التي أعلنتها (منطقة آمنة) في مدينة خان يونس، هو مرحلة من جهود حكومة نتنياهو للقضاء على الفلسطينيين كافة.
“حماس” و”الجهاد”: استمرار للإبادة النازية
بدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن مجزرة مواصي خانيونس استمرار للإبادة النازية ضد الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية شريك مباشر في هذه الجريمة.
وقالت الحركة في تصريح صحفي: إن مجزرة مواصي خانيونس والتي استهدفت منطقة تكتظ بأكثر من ثمانين ألفاً من النازحين؛ تأكيدٌ واضحٌ من الحكومة الصهيونية، على مضيها في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، عبر الاستهداف المتكرر والممنهج للمدنيين العزل، في الخيام ومراكز النزوح والأحياء السكنية، وارتكاب أبشع الجرائم بحقّهم، غير مكترثةٍ بدعوات وقف استهداف المدنيين الأبرياء، أو ملتفتة لأيٍ من قوانين الحروب التي تفرِض حمايتهم.
وشددت على أن هذا الاستهتار بالقانون والمعاهدات الدولية، والانتهاكات الواسعة ضد المدنيين العزل، لم تكن لتتواصَل، لولا الدعم الذي توفره الإدارة الأمريكية لحكومة المتطرفين الصهاينة وجيشها الإرهابي، عبر تغطية جرائمها، ومدها بكل سبل الإسناد السياسي والعسكري، وشلّ يد العدالة الدولية عن القيام بدورها تجاه هذه الجرائم، وهو ما يجعلها شريكةً بشكلٍ كامل فيها.
من ناحيتها، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بمنطقة المواصي في خانيونس إمعان في استمرار حرب الإبادة التي يشنها الكيان النازي بحق الشعب الفلسطيني بعد عشرة أشهر كاملة من تقاعس العالم أجمع وعجزه أمام آلة القتل والإجرام الصهيونية الوحشية، وفشله في وقف آلة القتل الصهيونية وفك الحصار عن مئات الآلاف من المحاصرين بالقتل والتجويع.
وقالت الحركة في بيان لها: “إن إدارة بايدن المجرمة هي المسؤول الأول عن هذه الجريمة النكراء، لما تشيعه من اعتبار الشهداء والمصابين من المدنيين والأطفال والنساء وكبار السن كأضرار جانبية، بتواطؤ وصمت كامل من كل الذين يوفرون للكيان كل أنواع الدعم المختلفة”.
أبو رزق: تواطؤ وتحالف
ويقول الباحث الفلسطيني في العلاقات الدولية علي أبو رزق: “إن جرأة جيش الاحتلال المجرم على قصف أحياء من الأقمشة والخيام تضم في ثناياها آلاف الأطفال والنساء، لا يكمن في الصمت ولا العجز ولا الهوان العربي والإسلامي، بل يكمن السبب في التواطؤ والتحالف، الخفي والمعلن، بين الاحتلال وحلفائه الفلسطينيين والعرب”.
ويصف في تغريدة له على منصة “إكس”، هذا التحالف بأنه “تحالف تحييد المخالب وقمع الشعوب، حتى تحرق “إسرائيل” أطفالنا ونساءنا بأيادٍ صلبة وثابتة وليست مرتعشة”.
ويضيف: “نعم، أنظمتنا وأجهزتنا الأمنية هي التي ساهمت في تثبيت موقف الطيار الإسرائيلي وتصليب جبهته، حتى يأمن العقوبة، مهما تجاوز في إساءته للأدب…!”.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن قوات الاحتلال الصهيوني عدواناً غاشماً على غزة بدعم أمريكي، خلف أكثر من 126 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.