ولِمَ يبدو هذا العنوان مستغرباً وكأنني سأتحدث عن أختي من أمي وأبي؟ أليست الأنثى شقيقة الرجل؟
ولِمَ يبدو هذا العنوان مستغرباً وكأنني سأتحدث عن أختي من أمي وأبي؟ أليست الأنثى شقيقة الرجل؟
«إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» (رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي عن عائشة).
أوضح ما ينطبق هذا الوصف على حواء فهي مشتقة من آدم، ولذا فالأصل هو التوافق والتشابه بين الذكر والأنثى، والفوارق موجودة ولكن محدودة.
الاختلاف جوهر الائتلاف والتكامل بين الذكر والأنثى.
عن أم سلمة – رضي الله عنها – أن الجارية كانت تمشط رأسها، فسمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يخطب في المسجد ويقول: “أيها الناس”؛ فقامت، فقالت لها الجارية: اجلسي، فإنما قال: “يا أيها الناس”، ولم يقل: يا أيها النساء، قالت: إليك عني فإني من الناس. (رواه مسلم).
أن تكون المرأة واعية بقيمتها وذاتها كحال أم سلمة يجعلها مبادرة في الخير.
الاندماج في جنس واحد “الناس” يعني ألا حاجة لحكم خاص أو نظام خاص أو ثقافة خاصة للمرأة.
على الرجل مسؤولية السكن وتوابعه؛ (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (البقرة:35)، والمرأة تابعة له فيه، بخلاف الأكل: (وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً) (البقرة:35)، والمسير (حَيْثُ شِئْتُمَا) (البقرة:35).
يشقى الرجل بالكد وتحمل المسؤوليات الشاقة، وتشقى المرأة بشقاء الرجل؛ (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى {117}) (طه).
لكل من الزوجين خصوصيته التي يخفيها عن الآخر ولو لم تكن إثماً أو خطأً (ويَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ) (الأعراف:22)، والزواج لا يلغي شخصية أحدهما (راجع مقالي: فتش أوراق زوجتك).
أيهما أغرى الآخر بالخطيئة؟ في الروايات الإسرائيلية أن حواء هي من فعلت ذلك، وفي القرآن حملهما المسؤولية معاً (فَأَكَلَا مِنْهَا)، وجعل العقاب عليهما متساوياً (فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ – اهْبِطَا مِنْهَا).
وقيل: كان ذنب حواء هو ترك النصيحة له، وقيل: هو بمجاراته.
وحين نقول: إنها أغرته فنحن نتحدث إذاً عن طبيعة رجل يصغي لأنثاه ويجاريها فيما تقترح، ويقتنع بمشورتها.
وقد تكون حواء تعرّضت لإغراء الشيطان بسبب بُعد آدم وانشغاله وغيابه عنها فوجدت فراغاً ملأه الشيطان بالإغراء، صمت الرجل الطويل، وانصرافه عن المنزل، وحضوره الصامت الممل سبب في استماع المرأة لغيره.
وقد تكون صدَّقت إبليس لما أقسم: (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ {21}) (الأعراف)، وما كانت تعتقد أن أحداً يحلف بالله كاذباً.
استثمار المرأة وقتها في مناجاة الله وتسبيحه مهم وصارف لكيد شياطين الجن والإنس:
مَن لي بِتَربِيَةِ النِساءِ فَإِنَّها في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
من أسوأ الإسقاطات التربوية الإيحاء بأن الرجل يجب ألا يستمع إلى المرأة، ولا يقبل رأيها أو مشورتها، وكأنها تمثّل الشيطان، وقد أخذ الرسول – صلى الله عليه وسلم – برأي أمهات المؤمنين في غير ما مناسبة.
كان العقاب واحداً إذاً، وهو الهبوط، وإن كان نصيب آدم اللهث، ونصيب حواء الطمث!
العقوبات الشرعية واحدة لا يثبت فيها تمييز – فيما أعلم – إلا أن يكون في مسألة اللعان.
المجتمعات العنصرية تفسح المجال لخطيئة الرجل؛ لأنه “يحمل عيبه في جيبه”، بينما توقع أقصى العقوبات، بما فيها جرائم الشرف على البنات.
وتجد في العقوبة انسجاماً مع الطبع البشري، فلم يعاقبهما الله بما يضر؛ كذهاب العقل أو زوال الإنسانية.
الأطراف الخارجية تعكر العلاقة، أول مشكلة بينهما كانت بسبب تدخل طرف خارجي (الشيطان)، وآلت إلى ألم مشترك، وشيء من التلاوم.
على الزوجين السعي في التفاهم والحوار وعدم التسرع في إدخال طرف ثالث حتى لو كان الأهل.
على الزوجين أن يكونا كنصلي (جزئي) المقص، يعاقبان من يتدخل بينهما!