كتبت صحيفة النيويورك نايمز في افتتاحيتها اليوم الخميس 13 أغسطس 2015: “السياسيون في العراق معروفون بأنهم يسوون منازعاتهم بعنف، وعن طريق حقن المظالم القديمة في النزاعات الحديثة، ويدخلون في مشاحنات لا تنتهي ويؤجلون الخيارات الصعبة. ولا يعرفون كيف يصلون لتوافق في الآراء.
وهذا هو الذي يجعل التأييد الواسع لخطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لاصلاح حكومة البلاد خطة غير عادية ومحيرة. فبعد أسابيع من الاحتجاجات في الشوارع، وإيماءة من الزعيم الديني الشيعي الأعلى في العراق، أعلن السيد العبادي في مطلع هذا الأسبوع انه خفض طبقات من الحكومة المركزية المتضخمة، وقضي على العديد من الوظائف التي تم تعيينها من قبل كحصص للشيعة والسنة والأكراد في محاولة لتشكيل حكومة شاملة.
والخطة التي وافق البرلمان العراقي بالإجماع يوم الثلاثاء، هي جزء من جهود واسعة النطاق لخفض الإنفاق الحكومي، والحد من الفساد وتحسين البنية التحتية المتداعية في البلاد. ويبدو أن السيد العبادي يدرك أن تنفيذها سيكون صعب للغاية. ولكنه قال يوم الثلاثاء انه ملتزم بدفع الإصلاحات في البلاد “حتى لو كلفني حياتي”. علي حد قوله.
وتأمين الدعم، على الأقل من حيث المبدأ، في تقريبا كل الدوائر الانتخابية في النظام السياسي المفكك تعتبر بداية جيدة. ولكن تحديات الإصلاح السياسي شاقة بسبب اتساع رقعة البلاد التي تقع تحت سيطرة الدولة الإسلامية، و تراجع أسعار النفط الذي أضر بالاقتصاد العراقي.
ولتحقيق النجاح لخطة السيد العبادي، وهو شيعي، يجب التأكد من أن الإصلاح لن يعمق حرمان الأقلية السنية. ولقد فقد اثنين من السياسيين السنة وظائفهم، نائب الرئيس أسامة النجيفي وصالح المطلج، نائب رئيس الوزراء، وهما من بين أهل السنة الأكثر تأثيرا في بغداد. والقضاء على طبقات في الحكومة، وهم أصحاب نفوذ مثل مجموعات الإقطاعيين، سيغضب بالتأكيد أولئك الذين استفادوا من نظم المحسوبية والمشاركات الاحتفالية.
ولمواجهة ذلك، فإن علي السيد العبادي الوصول إلى زعماء السنة في المحافظات التي تعانى من العنف في غرب وشمال العاصمة ومنحهم كلمة مسموعة ورأي في الحكم. وفشل الحكومة في معالجة مظالم السنة – التي تشمل البطالة والانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن التي يقودها الشيعة والسجن غير المبرر – هو الذي وفر الشروط المناسبة للدولة الإسلامية، وهي جماعة سنية، للسيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق في الصيف الماضي. كما تسيطر على أجزاء رئيسية من محافظة الأنبار بغرب العراق.
وأخطر ما في خطة العبادي هو رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي أصبح نائبا للرئيس عندما اضطر للتنازل عن السلطة في العام الماضي، والآن قد يخسر منصبه. وقد أعرب السيد المالكي، وهو شيعي، عن دعم هذه الخطة، ربما لأنه كان لا يمكنه أن ينتقد خطوة أيدها آية الله العظمى علي السيستاني، الشخصية الدينية الأكثر احتراما في العراق.
والسيد المالكي، وهو سياسي طائفي متطرف، ظلت شخصية تتآكل حتى تقلص دوره بشدة، من الصعب أن نصدق أنه ينوي لها أن تتلاشى بهدوء. والواقع، أن كثير من العراقيين يعتقد أنه يخطط للعودة للسلطة. ولجعل هذا السيناريو المخيف أقل احتمالا، يجب علي السيد العبادي أن يجد طرق لبناء التعاون في هذا البلد الذي لم يشهد منه إلا أقل القليل.”