وصف تقرير لمركز أبعاد للدراسات عام 2015م بأنه عام انزلاق اليمن للهاوية، نظراً للكلفة البشرية العالية التي خلفها انقلاب قاده المتمردون الحوثيون ووحدات عسكرية محسوبة على نظام المخلوع علي عبد الله صالح.
كلفة عالية
وأشار التقرير إلى أن سقوط الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية، واجتياح العاصمة والمدن الرئيسة في يد الانقلابيين نجم عنه حرب أهلية كانت كلفتها عالية، تصل تقديرات ضحاياها في عام 2015م بأكثر من 28 ألف قتيل من اليمنيين؛ أي أربعة أضعاف ضحايا عام 2014م وهو العام الذي حصل فيه انقلاب سبتمبر ووصفه تقرير أبعاد وقتها بعام الحصاد المر.
وقال التقرير: إن انعدام الشفافية لدى الانقلابيين جعل إحصاء قتلاهم أمراً غاية في الصعوبة، وأن التقديرات الأولية تكشف عن خسارة بشرية للانقلابيين بنحو 20 ألف قتيل غالبيتهم من الفقراء وطلاب المدارس صغار السن الذين جندوهم في معاركهم المفتوحة.
وتشير تقديرات أبعاد إلى مقتل حوالي 8300 يمني ينتمي بعضهم للمقاومة الشعبية والجيش الوطني، فيما غالبيتهم من المدنيين، حيث إن نسبة القتلى من النساء والأطفال حوالي 12%، وتأتي تعز وعدن ومأرب ولحج على رأس المحافظات المقاومة التي كانت خسارتها البشرية مرتفعة وبما يقارب 5 آلاف قتيل؛ أي بواقع 60% من مجموع قتلى المحافظات المقاومة.
الأخطار الأمنية
يشير التقرير إلى تحديات أمنية كبيرة أوجدها انقلاب المتمردين الحوثيين وصالح، أبرزها الفراغ الذي استغلته مليشيات متطرفة بعضها طائفي وبعضها مناطقي، وقال: إن أبرز المليشيات التي استغلت ظروف الحرب هي الجماعات الجهادية المنتمية لـ”تنظيم القاعدة” بعضها تحت مسمى “أنصار الشريعة”، والبعض الآخر تحت مسمى “داعش”.
وحول “داعش”، قال التقرير: إن هناك غموضاً يلف التنظيم الذي استطاع استقطاب بعض الشباب النازحين والمقاتلين، رغم أن غالبية قياداته لم تشارك في الحرب ضد الحوثيين بخلاف المنتمين لـ”القاعدة”، مشيراً إلى أن التنظيم الذي يقدر عدد أفراده بالمئات يمتلك 3 معسكرات تدريب في عدن ولحج وحضرموت.
ويضيف: يتجنب قادة “داعش” الظهور إعلامياً، لكن الدوائر المقربة منهم تتحدث عن شخص يكنى أبو محمد العدني، هو من يقود التنظيم الذي يضم داخله خبراء أجانب بعضهم فرنسيون وسوريون متخصصون في تدريب المجندين والإنتاج السينمائي والإعلامي، وقد بثوا مقاطع فيديو لعمليات قتل بشعة.
جنيف.. وسيناريوهات السلام
وقال التقرير: على المستوى السياسي المعادلة تغيرت؛ حيث يتكئ الرئيس هادي على انتصار سياسي يتمثل في عودة الشرعية إلى عاصمة اليمن المؤقتة عدن.
وعلى المستوى العسكري، يمكن القول: إن التحالف تمكن من تفكيك الجيش الذي اعتمدت عليه المليشيات الانقلابية، وإن الكتلة الصماء في هذا الجيش المتمثلة في الحرس الجمهوري والأمن المركزي في عهد نظام صالح قد تحولتا إلى مليشيات متفرقة تعج بمتدربين جدد.
أما على المستوى الأمني؛ الرئيس هادي يعتقد أنه تمكن من ترويض الحراك الجنوبي وإشراكه في القرار من خلال تسليمه سلطات العاصمة المؤقتة، بعد أن كانت هناك مخاوف من استغلال الحراك لحالة انهيار الدولة وإعلان انفصال الجنوب.
وحول سيناريوهات التفاوض في “جنيف 1”: السيناريو الأول “سيناريو السلام”؛ ويتمثل في استسلام الانقلابيين للشرعية وإعلانهم قبول تطبيق قرار مجلس الأمن (2216)، والدخول في مفاوضات لتسليم المعسكرات والمدن والسلاح للدولة وبدء الشروع في مرحلة انتقال جديدة.
السيناريو الثاني “سيناريو الحسم”؛ أكد التقرير أنه لا يتم الحسم إلا من خلال توحيد الرؤى بين قوات التحالف والاعتماد على حليف قوي ومنظم على الأرض.
أما السيناريو الثالث “سيناريو الفوضى”، وقال: إن الفوضى هذه المرة لن تأتي من قدرات عسكرية لقوات صالح والحوثي الانقلابية، بل قد تأتي من احتمالية حصول تدخل خارجي ودعم روسي إيراني بشكل مباشر أو غير مباشر للانقلابيين؛ ما يجعل هناك مخاوف من انتقال الصراع الإقليمي والدولي الموجود في سورية إلى اليمن، مؤكداً أن البطء في الحسم هو الذي سيقرب اليمنيين من هذا السيناريو.
الإنقاذ من الهاوية
يوصي مركز أبعاد قوات التحالف العربي إلى حسم المعارك في تعز، ويوصي مجلس التعاون الخليجي لإعادة بلورة رؤية موحدة بين أعضائه تتضمن هدفاً إستراتيجياً واضحاً لما بعد التحرير يحافظ على دولة ذات سيادة وشرعية على كامل تراب اليمن.
ويوصي التقرير الشرعية اليمنية المتمثلة في الرئيس ونائبه والحكومة إلى التحول من العمل الفردي إلى العمل المؤسسي، واستيعاب كل القوى السياسية والشبابية والجهوية والمناطقية وإشراكهم في القرار السياسي والعسكري، ويوصي الكيانات الشبابية بتشكيل كيانات سياسية جديدة تستوعب رغبة اليمنيين في التجديد وتأسيس دولة مدنية لا سيادة فيها إلا للقانون بعيداً عن العصبيات الأيديولوجية أو السلالية أو العرقية أو المناطقية.
كما يوصي المانحين وجمعيات الإغاثة والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية لسرعة البدء في تطبيع الحياة في المدن المحررة وعدم ترك شبابها فريسة للجماعات المتطرفة.