أدانت الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بتونس قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني “ضاربا بعرض الحائط القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية ومواقف ومشاعر مليار و700 مليون مسلم في الكرة الأرضية”.
وقال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، “إن قرار إعلان القدس عاصمة لـ “إسرائيل” قرار يضرب في الصميم حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق القضية الفلسطينية”.
وأكد يوسف الشاهد في تصريح له على هامش حضوره المؤتمر الوطني حول تسريع تنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة، أن تونس” تقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني”. وأعلن الشاهد “الدعم المطلق للشعب الفلسطيني أمام هذا القرار.”
مساس بالوضع التاريخي
من جهتها أكدت وزارة الشؤون الخارجية التونسية على إن “قرار الإدارة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي، مساس جوهري بالوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس، وخرق لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وللاتفاقات بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، التي تمت برعاية أمريكية وتنص على أن وضع المدينة يتم تقريره في مفاوضات الحل النهائي.” وأوضحت الوزارة في بيان صحفي إن “القرار الأمريكي يهدد جديا بتقويض أسس عملية السلام، ويدفع بالمنطقة نحو مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، فضلاً عما يمثله من استفزاز للأمتين العربية والإسلامية، لرمزية القدس ومكانتها في المنطقة والعالم”.
البرلمان يدين
من جهته صادق البرلمان يوم الخميس الماضي على لائحة تندد بقرار إعلان الرئيس الأمريكي دولاند ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وبدء إجراءات نقل السفارة الأمريكية إليها ” ب121 صوتا مقابل رفض نائبين واحتفاظ اثنين آخرين . وورد باللائحة أن مجلس نواب الشعب المجتمع في جلسة عامة استثنائية اليوم الخميس يعبر عن رفضه لقرار الرئيس الامريكي الذي يمثل اعتداء على كل القيم الإنسانية وانتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ومساسا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتهديدا مباشرا للسلم والأمن الدوليين. كما ضمت تأكيدها على أن هذا القرار يمثل سابقة خطيرة واستخفافا بحقوق الشعب الفلسطيني واستفزازا لمشاعر العرب والمسلمين وكل أحرار العالم لتجدد المساندة اللامشروطة والوقوف الدائم إلى جانب الحقوق الفلسطينية لا سيما منها حق عودة اللاجئين وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وحملت اللائحة الكونغرس الأمريكي مسؤولية القرار الجائر والأحادي داعية الى المسارعة باتخاذ كل ما يلزم لمراجعته وداعية في الآن نفسه البرلمان الأوروبي إلى اتخاذ موقف صارم للتصدي لهذا القرار الظالم من جهة والبرلمان العربي للانعقاد فورا وإصدار موقف يرتقي إلى مستوى الحدث من جهة أخرى. وطالبت البرلمان الإفريقي بتأكيد الموقف الإفريقي المساند للقضية الفلسطينية والرافض للسياسة الصهيونية محملة الأنظمة العربية والإسلامية مسؤوليتها التاريخية داعية إياها إلى التحرك الفوري والقوي للحيلولة دون تفعيل هذا القرار.
كما دعت الحكومة التونسية إلى التحرك الدبلوماسي الفوري تعبيرا عن الموقف الشعبي والرسمي التونسي الرافض لهذا القرار وبدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وكل تحركاته تصديا للغطرسة الصهيونية المسنودة بالموقف الأمريكي المنحاز.
ولفتت إلى أن البرلمان قرر تنظيم وقفة احتجاجية بساحة باردو في نفس اليوم كما دعت عموم الشعب وكافة قواه إلى المشاركة الواسعة في المسيرة الوطنية المزمع تنظيمها غدا الجمعة مؤكدة في الآن ذاته ضرورة تحريك الدبلوماسية البرلمانية انتصارا للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني والتصدي للقرار الأمريكي. وكان مكتب المجلس قد انعقد صباح اليوم بصفة طارئة أعلن إثرها عن جملة من قرارات تم بموجبها تغيير جدول أعمال الجلسة العامة وتخصيصها للمصادقة على لائحة مساندة وتنديد وإرسالها إلى الكونغرس الأمريكي وإلى البرلمانات الدولية إثر مناقشة قرار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الإعتراف الولايات المتحدة الاميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها. يذكر أن النائبة عن حركة النهضة منية ابراهيم قد طالبت بإضافة مقترح إحداث لجنة القدس وفلسطين إلى اللائحة وأن النائب أحمد الصديق عن الجبهة الشعبية قد طالب كذلك بإضافة مقاطعة كافة الأنشطة الرسمية للسفارة الأمريكية لكن مقترحيهما لم يعرضا على التصويت خلال الجلسة العامة الاستثنائية .
مصادرة لحق الشعب الفلسطيني
إلى ذلك أعلنت حركة النهضة التونسية، رفضها وإدانتها الشديدة لقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، معتبرة القرار “ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.”
وأكدت النهضة، في بيان صدر مساء الأربعاء، أن “هذا القرار الخطير والمرفوض يصدم مشاعر العرب والمسلمين وأحرار العالم ويصادر حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.” ونبهت الحركة للتداعيات الخطيرة لهذا القرار، داعية الإدارة الأمريكية الى التراجع عنه.
ودعت في سياق متصل إلى تحرك وطني يوم الجمعة القادم انطلاقا من “ساحة محمد علي” بالعاصمة تونس يعبّر فيه التونسيون عن دعمهم للقضية الفلسطينية ورفضهم لانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.كما دعت أيضا “القوى الوطنية للتنسيق من أجل إنجاح التحرك الرافض للقرار الأمريكي”.
وأوضحت أنها ” تؤكد دعمها لنضال الشعب الفلسطيني من أجل دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وتدعو القوى السياسية الفلسطينية إلى تثبيت المصالحة الوطنية بينها وتأكيد وحدة الفلسطينيين لمواجهة هذا القرار الخطير.” وقد أصدرت العديد من الأحزاب التونسية من مختلف الطيف السياسي والأيديولوجي بيانات مشابهة.
إعلان حرب
وفي سياق ذي صلة اعتبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان لها أن “قرار الرئيس الأمريكي ترمب الاعتراف رسميا بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب هو إعلان حرب على كل العرب وتنكر لحق الشعوب في التحرر وتقرير مصيرها.”
ودعت النقابيين الصحافيين والنخب التونسية إلى التحرك ضد هذا القرار الذي وصفته بـ” الظالم والخطير” وإلى مقاطعة كل أنشطة السفارة الأمريكية في تونس.
نتيجة وهن مزروع
واتسعت رقعة الإدانة حيث أدان الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له ، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نقل سفارة الولايات المتّحدة الأمريكية إلى القدس ،” ليسهّل بذلك للكيان الصهيوني عملية نقل إدارته إلى القدس واتخاذها رسميّا عاصمة له”، معتبرا القرار” انتهاكا لحق الشعوب في تقرير مصيرها وخرقا للقانون الدولي وتعديا على حقّ الفلسطينيين في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف”. وجاء في البيان، أن ترمب استغل “ما أرسته الإمبريالية والصهيونية من وهن في الدول العربية، وارتهان لقرارها وتبعية مطلقة لهما وتفكك في أدنى الروابط التي كانت تجمعها وانقسامها بين المحاور والتكتلات الإقليمية والدولية وانشغالها في الاقتتال في ما بينها وداخل كل دولة منها”، منبها إلى أنّ “الخطوة التالية ستكون ابتلاع كامل فلسطين وتهجير الفلسطينيين وتوطينهم في كنتونات عبر العالم”.
وقال الاتحاد في بيانه إن هذا القرار “إعلان حرب لم تهدأ ولن تهدأ سواء في المنطقة أو خارجها حتّى تحقيق تحرير فلسطين، وهو دعوة إلى مزيد التناحر والدمار في المنطقة خدمة لأجندة الإمبريالية والصهيونية والاحتكارات العالمية والدول الرجعية العربية التي لم يكفها ما أحدثته من خراب في العراق وسوريا واليمن وليبيا وما قد تحدثه مستقبلا”. وأشاد البيان بالمقاومة الفلسطينية وبدورها المباشر في إطار وحدتها، في النضال من أجل الإطاحة بهذا المشروع وإفشال إستتباعاته والإطاحة بكلّ الاتّفاقيات التي تربط الجهات الفلسطينية مع الكيان الصهيوني العنصري البغيض. واستنهض البيان همم الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج للتعبير عن الاحتجاج الشعبي الواسع في كلّ مكان، كما دعا منظّمات المجتمع المدني في تونس إلى التنسيق لتنظيم احتجاجات مركزية وجهوية في أقرب الآجال والتعبير بكلّ الطرق المشروعة عن الاحتجاج ومواصلة الضغط لمنع التطبيع مع الكيان الصهيوني.
كما أدان الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشدة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس.ووصف اتحاد الصناعة والتجارة القرار بالخطير معتبرة إياه انتهاكا صارخا للقوانين الدولية وتقويضا لعملية السلام في الشرق الأوسط، ومصادرة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة .وعبر الاتحاد عن مساندته المطلقة للشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في نضاله المشروع لاسترداد حقوقه واستعادة أرضه المحتلة. وقد أعلنت عديد الفعاليات السياسية والاجتماعية في تونس عن تحركات شعبية في الشارع انطلقت مساء الخميس 7 ديسمبر بعدد من شوارع العاصمة والمدن التونسية. مثل صفاقس وقابس وسوسة والمنستير والقيروان وسيدي بوزيد والقصرين والكاف وجندوبة والمهدية وبنزرت ونابل وقفصة وقبلي وباجة ومدنين وعدد كبير من المعتمديات بطول البلاد وعرضها.
مسيرة وطنية
وقد انطلقت مسيرة وطنية تم التنسيق حولها بين عدد من الفعاليات السياسية حيث التقى كل من زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، وزعماء آخرين لهذا الغرض. وكانت ساحة محمد علي، بوسط العاصمة على موعد مع أحد أكبر المسيرات التي شارك فيها الآلاف الذين هتفوا ضد قرار ترمب والكيان الصهيوني، ورددوا أحد شعارات الثورة” الشعب يريد تحرير فلسطين” و” الشعب يريد طرد السفير” ويعنون بذلك السفير الأمريكي.
وقال المدير العام لجريدة الرأي العام محمد الحمروني أثناء المظاهرة” ردود الأفعال أمر ايجابي جدا وفي اعتقادي أن المظاهرات العفوية التي ينظمها الشباب ولا سيما أبناء المدارس والمعاهد والجامعات أهم بكثير من تلك الرسمية التي تتصدرها واجهات نقابية وسياسية وأخص بالذكر المسيرات في صفاقس وسيدي بوزيد وقابس وغيرها من المسيرات وهي مسيرات شهدنا لها مثيلا في العاصمة منذ صباح الجمعة” وتابع” قوة التعبئة من طنجة إلى جاكرتا ملفتة للانتباه وبعثت بالرسالة المطلوبة لكنها غير كافية فلا ينبغي أن تكون لحظة غضب عابرة وإنما لا بد من التأسيس لعمل منظم يدعم القضية الفلسطينية وفق استراتيجية واضحة حتى تتحرر فلسطين” وأردف ” خيار ما يسمى بالسلام ثبت فشله وعلينا التأسيس لما بعد هذه الغضبة وهذه الهبة وهذا سؤال مفصلي” وفي رده على السؤال الذي ختم به حديثه وقد أعدنا طرحه عليه أفاد بأن”هناك نقطتان أولهما المحافظة على هذا الزخم في الشارع، ثم العمل وفق خطط ومنهجية مرتبة ودعم المقاومة الفلسطينية وفق آليات يتفق حولها من أجل تحرير فلسطين” وعما إذا كان قرار ترمب قد أحرج الدول الحليفة للولايات المتحدة وأعطى دفعة للمقاومة وأنصارها أوضح الحمروني بأن” هذا جانب من الغباء الذي عبر عنه ترمب ، وكان فرصة لإحياء القضية الفلسطينية في نفوس الأمة وقد عادت القضية الفلسطينية تتصدر المشهد العربي والاسلامي عموما والدولي سواء على مستوى الاعلام وكذلك الدوائر السياسية والشعبية وهناك حالة غضب عارمة تجتاح البلاد الاسلامية ولن تتوقف عند التنفيس عن ذلك الغضب، ونحن نحيي قرار الرئيس الباجي قايد السبسي ودعوته للسفير الامريكي وابلاغه غضبه من قرار ترمب وهذا لا بد أن يعضده عمل علمي وفكري وسياسي” واعتبر الحمروني تصريح الرئيس الأمريكي ترمب ببعث مفاوضات ” سلام ” جديدة في المنطقة ” محاولة أخرى لامتصاص الغضب وسنشاهد بعض التحركات في هذا السبيل، وقد بدأت المناورات من الآن ولكن حبل الكذب قصير كما يقولون ولا يمكنه أن يستمر أكثر من 60 سنة”. وبخصوص وصف رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو بأن قرار ترمب يعادل وعد بلفور أكد الحمروني على أن ” قرار ترمب أشنع من وعد بلفور، ولا بد من استراتيجية لتحرير القدس، وعدم الاكتفاء بالمسيرات التي نرى فيها صهاينة يتدثرون بأثواب الثورية”. وحول ما إذا كانت الأمة في حاجة لصدمة جديدة كموقف ترمب قال” القضية الفلسطينية تراجعت قليلا في سلم اهتمامات الرأي العام وقرار ترمب أعادها للواجهة وستبقى ولا بد من اهتبال هذه اللحظة التاريخية ورب ضارة نافقة فقد أعاد القرار الألق للقضية الفلسطينية” .
مستشار السفير الفلسطيني بتونس، هشام مصطفى والذي واكب المسيرة الوطنية اعتبر ما أقدم عليه الرئيس الأمريكي له علاقة بالوضع العربي، وهو فرض لقرار بالقوة إلى جانب كونه” مخالفا للمبادئ التي تؤمن بها الولايات المتحدة وهي الحرية والعدالة ، وضد القانون الدولي الانساني التي تدافع عنها أمريكا، علاوة على أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن في الولايات المتحدة وقد تأسستا بعد الحرب العالمية الثانية للدفاع عن حقوق الانسان والشعوب والسلام الدولي وفجأة نرى جميع القرارات الدولية التي اتخذتها أمريكا أو ساهمت في صياغتها تنقلب عليها أمريكا وهذا هو الوضع ” وأكد مستشار السفير الفلسطيني الموقف بأنه ” خلاف القرارات الدولية بما فيها اللجنة الرباعية التي تضم روسيا والأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وتذكرنا بعنجهية القوة وهو أمر غير مقبول ومرفوض، وإن شاء الله يكون للموقف العادل من داخل الولايات المتحدة وكذلك المواقف المحترمة للقرارات الدولية في أوربا والعالم الاسلامي والبلاد العربية وأحرار العالم وتتغلب بذلك قوة الحق على منطق القوة والحق سينتصر” وأعرب عن أمله في أن يساهم الرفض العالمي في تراجع الرئيس الأمريكي ترمب عن موقفه وإنصاف الشعب الفلسطيني بالاعتراف بحقه في العيش على أرضه وفي دولته وعاصمتها القدس الشريف.