تتضارب سيناريوهات النتائج المتوقعة لاجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية غداً.
فبينما تحدثت مصادر فلسطينية أن الاجتماع قد يقر خطوات لتحويل مؤسسات السلطة الفلسطينية إلى مؤسسات دولة تابعة لمنظمة التحرير دون الإعلان صراحة عن حل السلطة، توقعت أخرى أن المجلس لن يتخذ قرارات مصيرية جديدة لكنه سيدرس تنفيذ قرارات سابقة خاصة فيما يرتبط بتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال.
وفي تصريح لوكالة “الأناضول”، قال مصدر فلسطيني مطلع، مفضلاً عدم الكشف عن هويته: إن “هناك توجهات لدى المجلس المركزي لحل المجلس التشريعي (برلمان السلطة الفلسطينية) وتولي صلاحياته، وإنهاء كل المؤسسات المرتبطة بالسلطة، ضمن خطوات ترتبط بالانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة”.
وأوضح أن ذلك لا يعني بالضرورة “حل السلطة الفلسطينية بالمفهوم التقليدي وإنما تحويلها إلى مؤسسات باسم الدولة تتبع لمنظمة التحرير، وبالتالي الاستغناء عن المجلس التشريعي الفلسطيني وإحالة صلاحياته إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير”.
ونص اتفاق “أوسلو” للسلام، الذي وقعته منظمة التحرير عام 1993 مع إسرائيل أن تكون السلطة الفلسطينية الحالية سلطة انتقالية لإدارة مرحلة مؤقتة من خمس سنوات، يتم بعدها إقامة دولة فلسطينية لكنه أمر لم يتحقق حتى اليوم.
وتعطل عمل المجلس التشريعي، الذي تهيمن حركة حماس على غالبية مقاعده، بعد أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، عندما سيطرت الأخيرة، على قطاع غزة.
ويتكون المجلس التشريعي من 132 مقعداً تمتلك حركة “حماس” 76 مقعداً منها مقابل 43 مقعداً لحركة “فتح” و13 مقعداً لأحزاب اليسار والمستقلين.
مزيد من التفرد
ويقول خليل شاهين، الكاتب والمحلل السياسي: إن “خطوة حل المجلس التشريعي رغم أنه معطّل، ستكون خطيرة في ظل الانقسام القائم وعدم مشاركة “حماس” في اجتماعات المركزي، وفي ظل الخلافات بين فصائل منظمة التحرير نفسها”.
وأضاف شاهين لوكالة “الأناضول” أن “تلك الخطوة ستحيل كل الصلاحيات إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير وهو مجلس من لون واحد تقريباً (في إشارة لحركة “فتح”) ما سيؤدي لمزيد من التفرد في السلطة واتخاذ القرارات”.
وتابع: الفكرة تتعلق بالصلاحيات، وعمليا ما جرى بعد آخر جلسة للمجلس الوطني هو إحالة صلاحياته إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وتحويل المجلس المركزي إلى أعلى هيئة تشريعية تتحكم بكل القرارات التي يمكن إصدارها بما في ذلك قدرته على حل السلطة أو تحويل مسميات مؤسساتها.
وأشار شاهين إلى أن منح الصلاحيات التشريعية للمجلس المركزي سيؤدي إلى الإضرار بمكانة منظمة التحرير كمرجعية ومنشأة للسلطة.
وأردف أن تذويب مؤسسات السلطة داخل أطر منظمة التحرير يعني المساس بها كممثلة للفلسطينيين داخل وخارج فلسطين، فمكانة الدولة في الأمم المتحدة تتابعها منظمة التحرير وليس السلطة الفلسطينية، وبالتالي المطروح حاليا هو نقل دفة القيادة إلى المنظمة بالكامل تحت مسمى الانتقال إلى مرحلة الدولة.
ويرى شاهين أن الخطوة وإن لم تتخذ في الجلسة القادمة ستكون بندا دائما مطروحا للنقاش قد يؤخذ في جلسات لاحقة، وهي تعبر عن الرغبة الموجودة لدى المنظمة في إعادة الاستيلاء على كل مؤسسات السلطة لتكون تابعة بشكل مباشر لها.
من جهته، قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لـ”الأناضول”: إن المجلس سيناقش قضايا الانسحاب تدريجيا من كل الاتفاقات الموقعة مع “إسرائيل” (الاقتصادية والأمنية)، وتعليق الاعتراف بها.
وتبع توقيع منظمة التحرير لاتفاق “أوسلو”، توقيع ملاحق سياسية وأمنية للاتفاق أبرزها اتفاقية التنسيق والتعاون الأمني المشترك، وبروتوكول باريس الاقتصادي، الذي ينظم العلاقة الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل”.
وفي 4 مايو الماضي، كلف المجلس الوطني، في ختام اجتماعاته التي استمرت 4 أيام، اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بدراسة تعليق الاعتراف بدولة الاحتلال، والانسحاب من الاتفاقيات الاقتصادية معها، لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود 1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
وأضاف أبو يوسف أن “أجندة اجتماع المجلس المركزي ستتضمن أيضا تطبيق كل القرارات السابقة التي تحدد العلاقة مع “إسرائيل” والتوجه للمحاكم الدولية لمقاضاة “إسرائيل”، وكذلك سبل دعم المقاومة الشعبية الفلسطينية”.
وتابع أبو يوسف: “في جلسة المجلس الوطني بداية العام كلفت اللجنة التنفيذية بمجموعة من القضايا منها سحب الاعتراف بـ”إسرائيل”، وتعليق اتفاق أوسلو، ووقف التنسيق الأمني وفك الارتباط مع “إسرائيل”، وتم تشكيل لجان لهذه الغاية، والمجلس سيطلع على سير العمل فيما يخص هذه القضايا”.
ولن تشارك الفصائل الفلسطينية الكبيرة في اجتماعات المجلس المركزي، حيث ستتغيب عنها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (ثاني وثالث أكبر فصيل بالمنظمة).
كما تقاطع حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” اجتماعات المجلس.
وحول ذلك، قال القيادي في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، عمر شحادة لـ”الأناضول”: إن “الجبهة ستقاطع جلسة المجلس المركزيّ المقبلة لأنها لا ترى جدوى من انعقاد المجلس وتعتقد أنه سيقود لمزيد من إضعاف منظّمة التحرير”.
وطالب شحادة بالدعوة إلى عقد الإطار القياديّ الموحّد للمنظّمة المنبثق عن اتّفاق المصالحة الفلسطينية بالقاهرة عام 2012، (يضم كافة الفصائل)، وعقد حوار وطنيّ شامل بين الفصائل الفلسطينيّة بدلاً من انعقاد المجلس المركزي.
واعتبر أن قرارات المجلس المركزي ستكون “بلا قيمة”.
وأعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، بداية الشهر الجاري، أن المركزي، سينعقد بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، يومي 14 و15 أغسطس الحالي.
وقال الزعنون، في بيان له: إن المركزي سيناقش قضية تنفيذ قرارات المجلس الوطني الصادرة عن دورته الأخيرة بما فيها وضع آليات الانتقال من مرحلة السلطة الانتقالية إلى مرحلة الدولة تجسيدا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 2012.
يذكر أن 138 دولة صوتت في نهاية العام 2012 على الاعتراف بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة كدولة مراقب.
كما ستناقش اجتماعات المجلس، حسب الزعنون، “وضع آليات تفعيل عمل مؤسسات ودوائر منظمة التحرير الفلسطينية كونها المرجعية العليا للشعب الفلسطيني”.
وشدد على أنه “آن الأوان لوضع قرارات المجلس الوطني موضع التنفيذ خاصة قضية الاعتراف بدولة “إسرائيل”؛ لأنها لم تلتزم بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، وبعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها”.
وأكد الزعنون على أهمية انعقاد المجلس المركزي في هذه المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية وتواجه خلالها تحديات ومخاطر يجب التصدي لها، سواء على مستوى ما يطرح من خطط ومشاريع تستهدف جوهر المشروع الوطني الفلسطيني، أو على مستوى تمتين الجبهة الداخلية.
وتعمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على خطة معروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”، لمعالجة الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي”، عبر إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات، بما فيها وضع مدينة القدس الشرقية، وهو ما أكد الجانب الفلسطيني عدة مرات، على رفضه.
كما تشهد الساحة الفلسطينية حالة من الانقسام منذ يونيو 2007، عقب سيطرة حركة “حماس” على غزة، في حين تدير حركة “فتح” التي يتزعمها الرئيس محمود عباس الضفة الغربية.
يشار إلى أن المجلس المركزي، هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني (أعلى هيئة تشريعية تمثيلية للشعب الفلسطيني)، التابع لمنظمة التحرير التي تضم الفصائل الفلسطينية، عدا حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.