بسم الله الرحمن الرحيم ذي العزة والجبروت والكبرياء والعظمة، وأصلي وأسلم على من أرسله الله سبحانه، ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وليُحْيي هممهم، فيجعل قلوبهم متعلقة بالسماء (تحوم حول العرش) بعد أن كانت متعلقة بالأرض (تحوم حول الحش)، فصلوات الله وسلامه عليه، وبعد:
اعلم أخي الداعية أنّ علو الهمة من أهم الأمور المطلوبة من الداعية، بها تنجح الدعوة وتحيا، فتجدد روح الدعوة بتجدد هذه الهمة، والهمة العالية أمرها عظيم، وهي أساس معالي الأمور، كما يقول الشاعر:
ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
قال الله تعالى (وَسَارِعُوا إلَى مغْفرَة مِنْ رَبكُمْ وجَنَّة) (سورة آل عمران آية 133)، وقال سبحانه (سَابِقُوا إلَى مغْفِرَةِ منْ رَبّكُمْ) (سورة الحديد أية 21)، وقال سبحانه (فَاستَبِقُوا الخَيْرَاتِ) (سورة المائدة آية 48).
فالله سبحانه وتعالى في هذه المواضع الثلاث يحثّنا على المسابقة والإقدام في الخيرات، والتي لا تكون ولا تحصل إلا بتوفير (الهمة العالية)، واعلم بأن الشيطان قد يضع العراقيل والأشواك لكي يحبط هذه الهمة العالية، لأن الله أخبرنا عنه بقوله (ولأُغْويَنْهُمْ أَجُمَعِينَ إلا عِبَادَكَ مِنُهُمُ المُخلَصينَ) (سورة الحجر آيات 39 – 40)
فالْمُخْلَصين هم الذين أخلصهم لطاعته، ومن علت همتهم لمعرفته، ولم ينشغلوا بمشاغل الدنيا وزخرفتها، وجعلوا يرددون دائما قوله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (سورة آل عمران آية 175)
فيا دعاة الإسلام وحراس العقيدة كونوا ذا همة وقّادة ترقى بكم إلى القمم، فعلى قدر علو همتكم في الدنيا يكون علو قدركم في الآخرة، كما قال تعالى: (وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (سورة الإسراء آية 21).
وفي الختام.. نسأل الله سبحانه أن يرزقنا همما ترقى بنا إلى القمم، فكما قيل: “رب همة أحيت أمة”.
والحمد لله رب العالمين.