سُرقت ممتلكات المواطنة صالحة بن حميد (55 عاماً)، وتبخرت مدخراتها هي وعائلتها، وأوضاعها المعيشية تزداد صعوبة مع استمرار الحرب والقذائف التي لم تتوقف في جنوب طرابلس.
وتشكو صالحة من الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تواجهها، بعدما فرّت من النيران إلى الفقر والنزوح للشهر السادس على التوالي.
صالحة تؤكد لـ”العربي الجديد” أن أطفالها خسروا دراستهم وبيتهم، ويعيشون الآن في مبنى مهترئ، “أُجبرنا على مشاركة الغرباء تفاصيل يومياتنا وخصوصيتنا، بعدما أقفل المصنع الذي يعمل به زوجي أبوابه كونه يقع على خط النار في العاصمة، وها نحن ننتظر المساعدات، إن وجدت، لنأكل ونشرب، بانتظار العودة إلى بيتنا”.
ويوضح المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي لـ”العربي الجديد” أن الأوضاع المعيشية من دون وجود حرب في ليبيا تعتبر سيئة جداً بسبب نقص السيولة وتأخر صرف الرواتب والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي.
وبالتالي يعتبر النزوح أزمة تضاف إلى الأزمات، حيث أدى بحث النازحين عن بدائل للسكن، إلى نمو سوق السماسرة، ما أشعل أسعار العقارات بزيادة وصلت إلى نحو 150% عن سعرها الحقيقي، فيما الأوضاع صعبة في الملاجئ التي انتشرت في أنحاء طرابلس. هذا دون الحديث عن التضخم ونقص السيولة والأزمات الاقتصادية الأخرى.
ومن أمام مسجد أبو منجل في وسط العاصمة الليبية، يطرح رجل سبعيني منديلاً يغطي وجهه، ويمد يده طالباً من الناس تقديم المساعدة المالية. يقول لـ”العربي الجديد”: إنه نازح من جنوب طرابلس ويحتاج إلى تأمين الإيجار ليؤمن سقفاً لعائلته، كما لديه طفل مريض بالسرطان ولا يمتلك المال لشراء علاج له.
يشرح أنه نزح من منزله قبل شهرين، وأقام مع أسرته في خيمة في منطقة غوط الرمان على البحر، حيث لا يتوافر ماء صالح للشرب ولا حتى الاحتياجات الأساسية للحياة، ويلفت إلى أنه طرق جميع الأبواب من أجل الحصول على منزل أو غرفة صغيرة في مدرسة ولكن لا توجد أماكن شاغرة، في حين أن الإيجارات ارتفعت أضعافاً.
أما فوزي الأصفر، فشغّل سيارته للأجرة من دون الحصول على ترخيص، هو نازح مع أسرته يقيم حالياً بشقة صغيرة بإيجار 750 ديناراً شهرياً، والمبلغ يفوق راتبه الشهري بنحو 120 ديناراً، يحاول تعويضها بالعمل على السيارة، ويشرح لـ”العربي الجديد” أن منزله في خلة الفرجان سرق بالكامل وتعرضت أجزاء منه للهدم بسبب القصف العشوائي.
ويؤكد يوسف جلاله، وزير الدولة لشؤون النازحين، أن معظم النازحين الجدد هم من النساء أو الأطفال أو كبار السن. ويلفت في تصريحات صحافية، إلى أن الحكومة خصصت 120 مليون دينار ليبي (85.7 مليون دولار) كمساعدات، وتدرس تخصيص 100 مليون دينار إضافية للإعانة في أزمة النزوح.
ويدخل العدوان على طرابلس من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر شهره السادس، مسبباً نزوح 120 ألف ليبي من جنوب العاصمة البالغ عدد سكانها مليوني نسمة، في حين قدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين عدد النازحين في كل ليبيا بأكثر من 268 ألف شخص.