أفادت وسائل إعلامية بأن أحزاب وتيارات إسلامية في السودان دعت للمشاركة في موكب احتجاجي، اليوم السبت، تحت شعار “مليونية الزحف الأخضر”، وسط العاصمة الخرطوم؛ للضغط على الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك لتقديم استقالتها.
ذكر موقع “إرم نيوز” الإماراتي، أن أنصار الرئيس المعزول عمر البشير وجهوا دعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الشعب السوداني للخروج لمليونية “الزحف الأخضر” وسط الخرطوم، اليوم السبت، للمطالبة بإسقاط الحكومة الانتقالية، فيما نفى رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور صلة حزبه بالموكب.
لكن غندور قال عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” الأسبوع الماضي، بحسب الموقع: ليس هناك مشكلة، إذا اعتبروا رفضنا لحل حزبنا، وتظاهُرنا، بأنه أمر غير قانوني، حينها لا تصبح هناك حرية، ولا عدالة، ولا سلام، بل يصبح الأمر حرباً على مواطنين يمارسون حقهم القانوني.
تضارب التصريحات
ومع ذلك، تضاربت تصريحات قيادات في حزب المؤتمر الوطني “المنحل” حيال تبني هذا الموكب، كما تبرأ منه حزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السُّنة.
وقال رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، الذي حُل بموجب قانون تفكيك نظام الإنقاذ، محمد مصطفى الضو لموقع “سودان تربيون”: إن الموكب المقرر تنظيمه لا يستطيع حزبه تبنيه؛ لأنه سيكون أكبر من المؤتمر الوطني.
وأضاف: المسيرة يقوم عليها مواطنون، يرغبون في التعبير عن آرائهم بشأن الحكومة الانتقالية.
وقال عضو هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول، محمد الحسن الأمين، بأن المؤتمر الوطني متمسك بقيام المسيرة، المسماة بـ”الزحف الأخضر” في موعدها، الذي يصادف جلسة النطق بالحكم على الرئيس المعزول عمر البشير بتهم تتعلق بالفساد المالي.
وأشار الضو إلى أن المذكرة، التي سُتسلم إلى المجلس السيادي، تطالب بإصلاح مسار الحكومة الانتقالية، للسير في القضايا التي من أجلها قامت الثورة: حرية، سلام وعدالة.
كما ستدعو إلى الاهتمام بمعاش الناس وعدم الانحراف عن قضايا الفترة الانتقالية.
وقال: إن ما تقوم به قوى الحرية والتغيير – التحالف الحاكم، بمثابة استبدال تمكين المؤتمر الوطني بتمكينها في مفاصل الدولة.
وشدد الضو على أنهم لا يعتزمون الدخول في مواجهة مع أحد، وأضاف: لا توجد لدينا نوايا عدوانية، لدينا رسالة محددة نرغب في توصيلها.
وتبرَّأ حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه الراحل حسن الترابي، من موكب “الزحف الأخضر”، وقال: إنه لن يشارك فيه.
لكن قيادات في حزب الترابي، منهم الناجي عبدالله، دعت رسمياً الشعب السوداني إلى المشاركة في الموكب، بحسب “إرم نيوز”.
ووضعت قوات عسكرية حواجز خرسانية ضخمة على الطرق المؤدية إلى ساحة القيادة وسط الخرطوم، تحسبًا لدخول موكب “الزحف الأخضر” إلى الساحة التي شهدت اعتصام الثوار في يونيو الماضي.
وجذبت الدعوة لمليونية “الزحف الأخضر” في مواقع التواصل الاجتماعي اهتماماً واسعاً بعد نشرها؛ حيث أعلنت 3 أحزاب ذات مرجعية إسلامية مشاركتها، وهي “المسار الوطني”، و”تيار نصرة الشريعة ودولة القانون” و”المؤتمر الوطني”، فيما أعلنت قوى وسطية وإسلامية أخرى رفضها لدعوة التظاهر مثل جماعة «أنصار السُّنة» و«المجمع الصوفي العام» وحزب «الأمة القومي» بقيادة الصادق المهدي، الذي قال: إن «الدعوة إصرار على الباطل وزيادة الإثم وحذر المواطنين من المشاركة».
وتنوعت الأسباب التي أوردتها تلك الأحزاب لقرارها المشاركة في الفعالية الاحتجاجية، ومنها الاعتراض على سياسات الحكومة الانتقالية، باعتبارها انصرفت إلى الصراعات الحزبية وتنفيذ أجندة سياسية ضيقة معادية للقيم والهوية السودانية الإسلامية، فضلاً عن ممارستها للعزل والإقصاء.
كما تم توزيع ملصقات تحمل صورة الرئيس المعزول عمر البشير وهي تنادي بعودة ما أسمته “الشرعية”.
وفي المقابل، تبرأ كل من المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السُّنة من المشاركة فيها.
كما نفت حركة العدل والمساواة أن يكون رئيسها جبريل إبراهيم، أية صلة بتغريدة تدعو الشعب السوداني إلى الخروج في 14 ديسمبر “رفضاً للمحاصصة، وسرقة الثورة من قبل أحزاب قوى الحرية والتغيير”.
بالون اختبار
وبحسب موقع “الجزيرة نت”، فإن مراقبين أشاروا إلى أن منظمي مليونية “الزحف الأخضر” هدفهم أن يتفرق دمها بين قبائل التيارات الإسلامية، بما فيها حزب المؤتمر الوطني المنحل، معتبرين أنها ستكون بمثابة بالون اختبار في عدة اتجاهات.
وحتى الآن، تبرأت جماعة أنصار السُّنة المحمدية وحزب المؤتمر الشعبي من المشاركة بمليونية السبت، وإن كان القيادي بالمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي قد حث -قبيل اقتياده للتحري معه حول انقلاب البشير- أعضاء حزبه بالمشاركة في أي احتجاجات ضد الحكومة.
من جانبه، يؤكد القيادي بقوى الحرية والتغيير نور الدين صلاح أن حرية التظاهر ستكون مكفولة، لكنه نبه إلى إعمال القوانين التي سنها حزب المؤتمر الوطني نفسه.
ورفض صلاح دعاوى الإقصاء، موضحاً أن كل القوى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بما فيها التيارات الإسلامية متاح لها النشاط السياسي، عدا حزب المؤتمر الوطني لأنه حزب منحل بالقانون.
وتشير “القدس العربي” إلى توقع مراقبين بفشل المليونية، مشيرين إلى أن الهدف من تكثيف الدعوة ليس الخروج بقدر ما هو إيصال رسالة للحكومة بأنهم موجودون وقادرون على زعزعة الاستقرار لتقوم الأخيرة بإيقاف مشروع تفكيك أجهزتهم الحزبية وإبعاد منسوبيهم من مؤسسات الدولة.
حراك مضاد
ونشطت لجان المقاومة التابعة لتحالف قوى الحرية والتغيير الحاكم في تنظيم مواكب صغيرة تجوب الأماكن العامة للتوعية ضد مليونية السبت.
ويقول عضو تنسيقية المقاومة بالمركز والولايات عبدالله عوض لـ”الجزيرة نت”: إن دعاة مليونية “الزحف الأخضر” من حقهم التظاهر، وفي مقابل ذلك تقود اللجان حملة توعية لعدم الانسياق وراء الشعارات الخادعة.
وعاب عوض تشويه جداريات الشهداء بشعارات مليونية 14 ديسمبر، مشيراً إلى أن لجان المقاومة عالجت التشويهات وانتدبت مجموعات لحراسة هذه الجداريات باعتبارها توثيقاً للثورة.
حوار وطني
يقول الكاتب عثمان جلال في مقال بموقع “الأحداث” السوداني: إن مليونية “الزحف الأخضر” ليست ثورة مضادة أو تحركاً ضد إرادة ثورة الشعب السوداني التي أزاحت النظام الاستبدادي السابق، بل هي دعوة لذات الجماهير الذكية التي صنعت ثورة ديسمبر للتحرك واستعادة وصيانة أهداف وشعارات الثورة حرية، سلام، وعدالة التي تم اختطافها من قبل أقلية ذات نزعات سلطوية وأجندة أيديولوجية.
ويضيف: مليونية “الزحف الأخضر” يجب أن تفضي إلى فتح مسارات حوار وطني عميق وشامل وحر ومنتج ومثمر لا يعزل أي جماعة سياسية، وذلك لبناء كتلة سياسية وطنية جديدة لإنجاز مهام الثورة السودانية.
اجتماع أمني
ترأس رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن، عبدالفتاح البرهان، مساء الجمعة، اجتماعاً عسكرياً وأمنياً ضم قيادات الأجهزة الأمنية؛ وذلك قبل ساعات من انطلاق مظاهرات متوقعة بالعاصمة الخرطوم، بالتزامن مع النطق بالحكم على الرئيس المعزول، عمر البشير.
وذكر بيان صحفي مشترك للقوات النظامية السودانية أن البرهان ترأس اجتماعاً بمكتبه بالقيادة العامة ضم رئيس هيئة الأركان، الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، ومدير عام قوات الشرطة الفريق أول شرطة عادل بشاير، ومدير عام جهاز المخابرات العامة الفريق أول ركن، أبو بكر دمبلاب، وقائد قوات الدعم السريع بالإنابة اللواء عبدالرحيم دقلو.
ولفت البيان إلى أن الاجتماع أمّنَ على خطط القوات النظامية؛ لتأمين المرافق الإستراتيجية والحيوية خلال موكب السبت الذي دعت له أحزاب وتيارات إسلامية بمسمى مليونية “الزحف الأخضر”.
وناشدت قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في اجتماعها مع البرهان، المواطنين التزام السلمية، والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، بحسب البيان.
وبدأ السودان، في 21 أغسطس الماضي، مرحلة انتقالية تستمر 39 شهرًا يتقاسم خلالها السلطة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير قائدة الاحتجاجات الشعبية، تعقبها انتخابات عامة.
وتحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بحكم الرئيس البشير، عزل الجيش السوداني، في 11 أبريل الماضي، البشير من سلطته التي استمرت 30 عامًا.