تميز هذا العام بزيادة في استخدام الرصاص وسفك الدماء في العديد من المدن الأمريكية الكبرى.
فقد تم إطلاق النار على أكثر من 1500 شخص في شيكاغو وحدها، وما يقرب من 900 شخص في فيلادلفيا، وأكثر من 500 في مدينة نيويورك حتى الآن فيما مضي من عام 2020 – وقد ارتفعت نسبة العنف بشكل ملحوظ هذا العام عنها في نفس الفترة من العام الماضي – (1018 في شيكاغو، 701 في فيلادلفيا و355 في نيويورك).
وكانت الزيادة الكبيرة في عمليات إطلاق النار مؤلمة بشكل خاص في المجتمعات الملونة، والتي تحملت، بشكل غير متناسب، ثقل أزمة كوفيد-19، والركود الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية بعد وفاة جورج فلويد في علي يد الشرطة في مينيابوليس في مايو الماضي.
ففي مدينة نيويورك، بعد أن وصل عدد ضحايا إطلاق النار أكثر من الضعف من يونيو 2019 إلى يونيو الحالي 2020، وبلغ عدد من تم إطلاق النار عليهم في يوليو الماضي، ما يقرب من 100شخص، كلهم من الأقليات، وفقًا للشرطة. وقالت الوزارة إن 97 في المائة من ضحايا إطلاق النار كانوا من الأقليات في يونيو الماضي.
وفي شيكاغو، حيث تعاني مجتمعات الأقليات منذ فترة طويلة من العنف المميت بالسلاح، ازدادت عمليات إطلاق النار بنسبة 76 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع تركز كل إراقة الدماء تقريبًا في مجتمعات المدينة ذات اللونين الأسود والبني والتي تقع في الغالب على الجانبين الجنوبي والغربي.
وكان من بين الضحايا طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، ناتالي والاس، أُطلق عليها النار أثناء تجمع عائلي خلال عطلة نهاية الأسبوع في الرابع من يوليو الحالي في الجانب الغربي.
وقال كريستوفر هيرمان، المشرف السابق ومحلل الجرائم في شرطة نيويورك والأستاذ في كلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيويورك، رغم أن إطلاق النار أمر شائع خلال الأشهر الدافئة، إلا أنه أكثر تعقيدًا بكثير هذا العام.
أسباب تضاعف العنف متوفرة الآن الصيف ليس هو فقط بسبب ارتفاع درجة الحرارة، ولكن أيضا بسبب كوفيد-19 والاحتجاجات ضد الشرطة وفقدان الوظائف”. “كل هذه العوامل تؤدي إلى تفاقم العنف، وخاصة في المجتمعات الضعيفة بالفعل.”
وقد بلغ متوسط الجرائم في الأحياء السكنية التي يسكنها أغلبية من السود خمسة أضعاف الجرائم العنيفة في مثيلاتها من التي يسكنها أغلبية بيضاء، وفقًا لدراسة أجرتها وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية عام 2016.
وقال دانييل ويبستر، مدير مركز جونز هوبكنز لسياسات وبحوث الأسلحة، إن هذه المجتمعات – التي تواجه بالفعل عنصرية هيكلية وعوائق أمام الفرص – تتعامل الآن مع أسباب إضافية ضخمة للتوتر.
وقال: ” إن الأشخاص الذين يتورطون في العنف، كثير منهم غير مؤمنين مالياً، غير آمنين في السكن، ويعانون من انعدام الأمن الغذائي – وحياتهم كلها غير آمنة”.
وفي لويزفيل، ومع استمرار الاحتجاجات على وفاة برونا تايلور، التي أصيبت برصاصة في منزلها من قبل ضباط شرطة في مارس، كان هناك تضاعف في عمليات إطلاق النار غير المميتة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وزيادة بنسبة 40 في المائة في الوفيات جراء إطلاق نار.
ومن يناير إلى مايو من هذا العام، كان ما يقرب من 75 في المائة من ضحايا جرائم القتل من السود، وفقًا لإدارة شرطة لويزفيل.
في فيلادلفيا، تم إطلاق النار على أكثر من 30 شخصًا في عطلة نهاية الأسبوع في الرابع من يوليو،23 منهم تم إطلاق النار عليهم في غضون 24 ساعة فقط. وشهدت المدينة قفزة تقارب 30 في المائة في جرائم القتل مقارنة بنفس الوقت من عام 2019.
وقال بلال قيوم، وهو مناصر مناهض للعنف في المدينة، إن فقدان الوظائف وانعدام الفرص قبل تفشي الوباء هو الذي يترك الأقليات ضعيفة بشكل أكبر في هذا الصيف.
وقال لفيلادلفيا انكوايرر “هذا النوع من الضغط باستمرار على المجتمع، دون أي علامات على التغيير، أعتقد حقا أنه يساعد في الدفع للعنف الذي نراه الآن”.
ووصف روني دان، أستاذ السياسة الحضرية في جامعة ولاية كليفلاند، تصاعد إراقة الدماء بـ “العاصفة المثالية، وتلاقي الأحداث التي كشفت عن جميع أوجه الظلم المجتمعي الموجودة”.
وقال “تحس أن المجتمع الأسود يعيش في حالة صدمة عندما تنظر إلى جميع الأمراض التي تؤثر عليهم بشكل سلبي”. “هذه المجتمعات هي الأكثر ضعفا في مجتمعنا، لذلك فإن الكثير من هذه العلل الاجتماعية والمجتمعية ستظهر بشكل أبكر وأبرز.”
وقد شهدت أتلانتا زيادة بنسبة 20 في المائة في إطلاق النار مقارنة بنفس الوقت في عام 2019، حيث كانت واحدة من أصغر الضحايا فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات، سيكوريا تورنر، أصيبت برصاصة أثناء ركوبها في سيارة مع والدتها خلال عطلة نهاية الأسبوع في الرابع من يوليو الماضي. ويأتي العنف وسط اضطرابات من قتل الشرطة لريتشارد بروكس، الرجل الأسود الذي أطلق عليه ضابط أبيض النار في موقف سيارات ويندي في 12 يونيو الماضي.
أليثيا كارتر، 65 عامًا، التي عاشت طوال حياتها في حي إدجوود بأتلانتا، اهتزت بشدة بسبب موجة العنف الأخيرة.
وقالت لصحيفة أتلانتا جورنال: “إذا لم يقتلونا، فسوف نقتل بعضنا البعض. لأننا حزانى.
وقد أثارت وفاة فلويد اهتماما وطنيًا حول تكتيكات الشرطة وأثارت دعوات لإلغاء تمويل الشرطة وإعادة توجيه الأموال لقضايا الصحة المجتمعية والاجتماعية.
وقال وبستر، بسبب عدم الثقة بالشرطة، قد يكون الناس أقل ميلاً للاتصال برقم 911 إذا رأوا جريمة تحدث. وقال إنه في الحالات الأسوأ، يمكن للضباط أنفسهم أن يتراجعوا وأن يكونوا أقل استباقية لأنهم يواجهون ردة فعل عامة.
“شيء واحد لوحظ في عدد من المدن بعد وقوع حادثة بارزة للغاية من انتهاكات الشرطة، وهناك انتفاضة كبيرة إلى حد ما ردا على ذلك، حيث ترى عادة زيادة في العنف في المجتمعات التي غالبا ما تعاني من هذه المشكلة.” يقول وبستر
ويضيف أنه مع تزايد عمليات إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، فإن معالجة القضية تتطلب اتخاذ إجراءات على عدة جبهات، بما في ذلك وجوب وجود استجابة فيدرالية.
“المجتمعات في حاجة ماسة إلى الموارد، لا سيما في هذا الوقت، تتجاوز ما يمكن أن تفعله المدينة بإمكاناتها الذاتية.” وقال “هذه حقا قضية سياسة عامة وطنية”. “على الناس أن يسألوا أنفسهم كيف يمكنهم مساعدة الفئات الأكثر تأثراً بالوباء والتأثير الاقتصادي”.
وقال إن جزءًا أساسيًا آخر من الحل هو أيضًا مواجهة القضايا المحيطة بالشرطة. “للحد من هذا العنف، علينا أن نبتكر نماذج جديدة للشرطة ونماذج السلامة العامة التي تتجاوز حدود الشرطة التي تشعر هذه المجتمعات بالاستثمار فيها والثقة بها.”
وقال ويبتسر إنه على الرغم من عدم اليقين والاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، إلا أن هناك طرقًا لكبح اليأس الذي يدفع الكثير للعنف، ويساعد على جلب الفرص والأمل للمجتمعات الملونة.
ثم أضاف: “هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد ويعيشون على حافة الهاوية ولا يملكون ثقة كبيرة في أن الحكومة قد تعينهم أو تقف معهم”.
—————–
المصدر: ABC NEWS