بدبلوماسية نشطة يواجه الأردن الأطماع الصهيونية المتسارعة بضم الأغوار، وأجزاء من الضفة الغربية؛ فالماكينة السياسية للمملكة لم تهدأ حتى تم التأجيل، وما زالت تستشعر الخطر الوجودي على مستقبل الدولة.
وكان العاهل الأردني عبدالله الثاني، قد صرح لمجلة دير شبيجل الألمانية في وقت سابق بأنه في حال إقدام “إسرائيل” على ضم الأراضي المحتلة؛ فإن ذلك سيؤدي إلى صدام كبير مع المملكة، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول شكل هذا “الصدام”، مؤكدا تمسكه بقرار “حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية”.
أوراق ضغط
ويسعى مطبخ القرار في المملكة لطرح جملة من أوراق الضغط في مواجهة مخطط رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لثنيه عن قراره بضم الأغوار، كتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وربما سحب السفير الأردني من “تل أبيب”، وقد يصل الأمر إلى تجميد العمل باتفاقية السلام (وادي عربة).
الكاتب والمحلل السياسي الأردني عاطف الجولاني، أكد في تصريحٍ خاص لـ “قدس برس”، أن “الأردن بات يستشعر أكثر من أي وقت مضى خطورة الخطوة الإسرائيلية بضم الأغوار وتداعيات ذلك على فلسطين والمملكة”، داعياً إلى “ضرورة تعاطي الأردن مع ملف الضم بما يتناسب وحجم الخطوة وخطورتها”.
تنسيق فلسطيني – أردني
وقال من هذا المنطلق لا بد من “التنسيق الكامل بين الجانبين الأردني والفلسطيني، لأن مواجهة خطة الضم، وتداعيات صفقة القرن، يجب أن يكون وفق منهج واحد، كون الخطر المحدق بالطرفين واحد”.
وحول السيناريوهات المستقبلية لمواجهة قرار الضم قال الجولاني: “على جميع الأطراف المتأثرة من خطة الضم أن تعلن خيار المواجهة الشاملة، فيجب التحول لبرنامج وطني شامل، سواء كان ذلك على مستوى المسؤولين والنخب أو الحالة الشعبية في الأردن، فالخطر حقيقي ويهدد الكيان الأردني وجغرافيته كما يهدد العامل الديموغرافي”، داعياً إلى تفعيل التحالف الوطني الذي تم تشكيله في الأردن لمجابهة صفقة القرن، ليضع على رأس أولوياته قضية خطة الضم ومواجهتها والتعاطي معها”.
وأوضح أن العامل الذي يبقي الأردن محافظا على ثبات موقفه، ويعطي مؤشرا أكثر قوة وجدية؛ هو تعزيز الحضور الشعبي الجماهيري في التصدي لأي خطوة إسرائيلية مقبلة.
مخاوف من “ترانسفير” جديد
“التحذيرات الأردنية التي أطلقها مسؤولون كبار من محاولات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة لجعل الأردن، وطناً بديلاً للفلسطينيين، عززت من مخاوف الأردن الرسمي من خلال الآلية التي يتبعها نتنياهو بخطته بضم الأغوار، والتي تستهدف تهجير الفلسطينيين إلى المملكة، فضلاً عن توطين الملايين ممن يعيشون فيها، بحسب أستاذ العلوم السياسية الدكتور حامد وريكات.
ويقول “وريكات” في حديث لـ”قدس برس”، إن “عدم إعلان الاحتلال الإسرائيلي قرار الضم وتنفيذه مع بداية الشهر الجاري، كما كان معلناً، يؤكد وجود حسابات ساهمت في تأجيل القرار، وإن كان لفترةٍ محدودة، وليس إلغاء كاملاً، نتيجة وجود تخوفات إسرائيلية داخلية من اندلاع انتفاضة فلسطينية، فضلا عن خلافات حادةٍ داخل المؤسسة الإسرائيلية حول آلية تنفيذ الخطة وموعدها”.
وأشار إلى أن “الأيام أو ربما الأسابيع القادمة ستكون حاسمة؛ لأنه لا يمكن للإسرائيليين تأجيل تنفيذ خطة الضم لما بعد الانتخابات الأميركية، التي ربما لا تعيد حليفهم ترمب إلى سدة الحكم، نتيجة دخوله في أزمات داخلية كبيرة، سواء حول آلية تعاطيه مع جائحة كورونا في الولايات المتحدة، أو الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها واشنطن نتيجة قراراته غير المدروسة”.
وتعتزم “إسرائيل” ضم منطقة غور الأردن وجميع المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة لسيادتها، وهو ما يعادل نحو 30% من مساحة الضفة، وسط رفض فلسطيني وعربي ودولي.
إلا أن خلافات بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو ووزير الجيش رئيس حزب “أزرق- أبيض” شريكه في الائتلاف الحكومي بني غانتس، بما في ذلك حول مساحة الأراضي التي سيشملها الضم، حالت دون تنفيذ المخطط في الوقت المحدد.