بمشاعر مختلطة بين الترقب والتوتر والخوف، استقبلت الشابة التونسية شيماء دلالي من وراء حاسوبها خبر فوزها برئاسة اتحاد طلاب جامعة لندن ببريطانيا في الأول من مارس الجاري، كأول عربية مسلمة محجبة تفوز بهذا المنصب في تاريخ الاتحاد.
واكتملت سعادة شيماء وفخرها بفوز عربيتين أخريين مسلمتين محجبتين بمنصب نائبي رئيس الاتحاد، ليكنّ بذلك الفريق النسائي الثلاثي الحديدي الذي سيقود الاتحاد طيلة عام كامل بعد تسلمهن مناصبهن في يوليو المقبل.
قدمت الفتاة الشابة إلى بريطانيا عام 2000، ودرست في جامعة لندن، وتحصلت على شهادة الماجستير في مجال القانون، وهي تعتبر نفسها “ابنة البلد” ولكنها فخورة بأصولها العربية الأفريقية من أب تونسي ورثت عنه الإصرار، وأم سودانية ورثت عنها حبها للعمل والنشاط الطلابي.
بداية النشاط
وجدت شيماء نفسها في مناخ أسري منفتح على مختلف الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية، فألفت هذا الجو وألفها، وكانت دائمة الحضور وخاصة منذ أحداث 11 سبتمبر، جنبًا إلى جنب مع عائلتها في مظاهرات ضد الحرب في العراق وأفغانستان ودعما للقضية الفلسطينية.
بعد التحاقها بجامعة لندن، لاحظت دلالي غياب النشاط السياسي وهي المتشبعة به، مقابل حضور مكثف للأنشطة الثقافية والدينية؛ ما دفعها إلى تأسيس “الجمعية الفلسطينية” التي جمعتها بزملائها ومنحتهم فرصة الدفاع عن قضيتهم المركزية وعن حقوق الفلسطينيين وهو هدفها الرئيس من وراء التحاقها باتحاد الطلبة، كما تؤكد لـ”الجزيرة نت”.
ترحيب وثقة
جعلت شيماء (26 عاماً) القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها، وإلى جانب رئاستها لجمعيتها تشاركت مع جمعيات أخرى عدة أنشطة مساندة لهذه القضية، فلاقت ترحيبًا ودعمًا كبيرين من الطلبة والأساتذة وتُوّج تفانيها بانتخابها السنة الماضية نائبة لرئيس اتحاد طلبة جامعة لندن.
ومنذ ذلك التاريخ، أخذت على عاتقها الاشتغال على حقوق الطلبة والدفاع عن مطالبهم والاستماع إلى مشاكلهم، وأهمها التخفيض في أجرة السكن واسترجاع مقابل الدراسة السنوي الذي تعتبره مرتفعا بالنظر إلى أن الدراسة كانت طيلة العام الماضي عن بعد بسبب جائحة كورونا، مما أكسبها ثقة زملائها.
لم يكن طريق الفوز برئاسة الاتحاد معبّدا أمام شيماء خاصة مع كل التحديات التي فرضها الفيروس على الطلبة، ولكنها واجهته بثبات فنجحت في إدارة حملتها الانتخابية من وراء الحاسوب واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الطلبة والتعريف ببرنامجها الانتخابي.
لا ترى شيماء في فوزها انتصارًا شخصيًّا وتحقيقًا لطموحاتها فحسب، وإنما هو انتصارٌ لجميع المسلمين وخاصة المسلمات المحجبات، وفوزٌ معنويٌّ ولو صغيرا للقضايا العادلة، كما تقول.
تحديات
تنتظر شيماء عدة تحديات “أخطرها مسألة “الإسلاموفوبيا” وهي معضلة الطلبة المسلمين الرئيسية، خاصة مع صعود اليمين المتطرف في بريطانيا ومسألة “البريكست” رغم توفر جو عام من حرية التعبير والتدين”، بحسب رأيها.
كما يواجه الاتحاد -بحسب شيماء- ضغوطات تمارسها عليه الحكومة البريطانية وعلى الجامعات بصورة عامة، من أجل تبني مفهوم جديد لمناهضة السامية، من شأنه “عرقلة أنشطة الطلاب المناصرة للقضية الفلسطينية”.
خطة عمل
ورغم حجم المسؤولية التي تنتظرها، أعدت الطالبة الشابة خطة عمل ستعمل من خلالها على الإيفاء بتعهداتها تجاه زملائها الطلبة الذين منحوها ثقتهم، وعلى رأسها إنشاء وتنفيذ إستراتيجية للصحة النفسية داخل الجامعة بالنظر إلى آثار كورونا السلبية على نفسية الطلبة “وخاصة طلبة الأقليات”.
ولأن اتحاد الطلبة “يؤمن بأن الدراسة حق ويجب أن تكون بلا رسوم” كما تؤكد، ستنضم إلى الجهود والحملات الوطنية لمطالبة الحكومة البريطانية بإرجاع الرسوم الدراسية للطلبة.
تشدد شيماء على أنها كعربية مسلمة محجبة جزء من المجتمع الذي تعيش فيه، وأنها تتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة، وأن نيلها ثقة زملائها هو ثمرة عمل دؤوب وصادق، وأن حجابها لم يقف حاجزاً أمام ما حققته وما تريد تحقيقه في المستقبل.