تظاهر آلاف التونسيين، الأحد في العاصمة، للمطالبة بعودة البرلمان و”الشرعية الدستورية”، فيما تحدثت بعض المصادر عن قيام السلطات بإغلاق مداخل العاصمة وإعاقة وصول وسائل النقل التي تقل محتجين من مناطق أخرى من البلاد.
وشهد شارع 20 مارس المتاخم للبرلمان في مدينة باردو التابعة للعاصمة، تظاهرات حاشدة دعا إليها حراك “مواطنون ضد الانقلاب”، وشارك فيها حشد كبير من السياسيين والحقوقيين والنشطاء، ورددوا شعارات من قبيل “تونس ليست مصر.. ثورة حتى النصر” و”الشعب يريد ما لا تريد”، في خطاب موجه للرئيس قيس سعيّد.
وقال جوهر بن مبارك، الخبير الدستوري والناطق باسم حراك “تونس ضد الانقلاب” في كلمة ألقاها خلال الاحتجاجات: “هذه مظاهرة سلمية. بقوانين الطبيعة والدول والبشرية من حقنا أن نتظاهر”، مستنكرا قيام السلطات بإغلاق ساحة باردو أمام مقر البرلمان وجميع الطرقات والمنافذ المؤدية إليها.
وأشار إلى أن الرئيس سعيد حوّل منطقة باردو إلى ثكنة عسكرية، عبر “الأمن الذي يتلقّى منه التعليمات بغلق الطرقات والاعتداء على المواطنين”، مضيفا: “كل العالم يتفرج على هذه المهزلة، مهزلة عسكرة البلاد وتقطيع أوصالها”.
وقالت سميرة الشواشي، النائب الأول لرئيس البرلمان، إن المحتجين سيدخلون في اعتصام في شارع 20 مارس إلى حين رفع الحواجز الأمنية والوصول إلى ساحة باردو قبالة البرلمان، مستنكرة “تعمد السلطة الحاكمة التضييق على المحتجين ومنع التظاهر الداعم لعودة الشرعية للبرلمان”.
وعبرت النائب في البرلمان المجمّد، يمينة الزغلامي، عن استغرابها من التعاطي الأمني مع الاحتجاجات الرافضة لتدابير الرئيس سعيد، مضيفة: “من حق الجميع -سواءً كانوا مع قيس سعيد أو ضده- التظاهر في كنف السلمية”.
ودعت وزير الداخلية توفيق شرف الدين إلى فتح ساحة باردو أمام المحتجين، والإفراج عن الذين تم إيقافهم صباح الأحد، مشيرة إلى أن المتظاهرين يتجهون للاعتصام في شارع 20 مارس للضغط على السلطات لإزالة الحواجز الأمنية من المنطقة.
وكتب الوزير السابق عبد اللطيف المكي تحت عنوان “احترموا الحريات”: “منذ البارحة إلى هذا الصباح تتواتر الشكاوى مدعومة بالصور من المواطنين حول منعهم من السفر الى العاصمة ومن دخولها، وهو انتهاك لحق اساسي وهو حرية التنقل. الهدف واضح وهو إفشال أو إضعاف تحرك اليوم. هاتفني الآن ناشط قال إن قرابة أربعين لواج (سيارة نقل) منعت من منذ ساعات من مواصلة السفر عبر الطريق السيارة وهم يحاولون السير عبر الطريق الوطنية. هذا السلوك العام لا يكون الا بتعليمات من السلطة السياسية. ثم تأتي بعد ذلك لتتملص من كل هذا. احترموا حقوق الناس”.
ودون مصدّق الجليد، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحراك: “ركاب القطار أيضا خضعوا مطولا الثالثة صباحا بصفاقس لعمليات تفتيش وبحث أمني (الهويات ووجهة السفر والغرض منه) وتم إنزال عدد من الركاب في المحطة لأسباب مجهولة. في محطة الوصول بتونس أيضا تم التعرض للركاب أيضا بالبحث الأمني وتفتيش أغراضهم”.
وأضاف رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة: “كالعادة، النظام الانقلابي يمنع المتظاهرين من مدن الجنوب والوسط من الوصول للعاصمة لفضح اغتصابه للسلطة، ثم يمارس الكذب والبهتان مجددا بالقول إن حرية التنظيم والتعبير والاجتماع لن تمس. هذا هو نظام الصادقين المخلصين الدجالين”.
وتابع في تدوينة أخرى: “الشعب العظيم أسقط الحواجز الحديدية التي وضعها نظام الانقلاب أمام المتظاهرين بعدما تمكنوا من تخطي حاجز الخوف في القلوب”.
وكتب عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري: “تعطيل على مستوى مداخل العاصمة للحيلولة دون وصول المواطنين إليها، وغلق منطقة باردو بالحواجز الأمنية منعا للالتحاق بمكان التظاهرة الرافضة للانقلاب على الدستور. اليوم استكمال تعليق العمل بالبابين الأول والثاني من الدستور في إطار الاستفادة من التجربة المصرية. الشعب يريد حرية التعبير. الشعب يريد حكما ديمقراطيا”.
ومنذ إعلان الرئيس سعيّد عن تدابيره الاستثنائية منذ ثلاثة أشهر ونصف، تعيش تونس انقساما حادا بين أغلبية سياسية تعارض سعيّد وأقلية تؤيد قراراته، وشارع منقسم بدوره بين الطرفين، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع العام في البلاد، وخاصة في ظل عدم تمكن الحكومة الجديدة من إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي في البلاد.