يعرف الجميع فئات الدم “ايه” و”بي” و”أو” سلبي أو إيجابي، لكن ثمة في الواقع فصائل دم أخرى كثيرة، بينها ما هو نادر جدا، ما يطرح أسئلة مرتبطة بمدى التوافق… هذا التنوع مرتبط بتطور البشر وهجرتهم على مر القرون.
ينطلق “أسبوع التوعية على فئات الدم النادرة” الاثنين في فرنسا، أول حملة في هذا الموضوع تنظمها مؤسسة الدم الفرنسية، وهي هيئة عامة والجهة المسؤولة الوحيدة عن جمع الدم في البلاد.
ويشمل التصنيف التقليدي (“ايه بي او” مع نظام “ريسوس” إيجابي أو سلبي)، ثماني مجموعات تتوافق مع 98 % من متطلبات نقل الدم: “إيه +” و”إيه -” و”بي +” و”بي -” و”ايه بي +” و”ايه بي -” و”أّو +” و”أو -“.
لكن هذا التصنيف لا يكفي ليعكس التنوع الحقيقي لفصائل الدم. إذ يوجد في الواقع 380 فصيلة، بما في ذلك 250 تُعتبر نادرة، تم إحصاؤها وفق طرق تصنيف أخرى.
لذلك يمكن أن يكون المرء حاملاً لفئة دم نادرة حتى لو تم تصنيفه ضمن إحدى الفئات الثماني الكلاسيكية. ويتطلب اكتشاف ذلك إجراء تحليلات متعمقة للخصائص الجينية الدقيقة.
وبعض المجموعات نادرة للغاية. هذه الحال مع فئة الدم المسماة “بومباي” (واحد من كل مليون شخص في أوروبا) أو “ريسوس معدوم” (حوالي خمسين فردا في العالم).
وأوضح البروفيسور جاك شياروني من مؤسسة الدم الفرنسية لوكالة فرانس برس أن المجموعات النادرة “يتم تحديدها من خلال عنصرين: تواترها أقل من 0,4% لدى عموم السكان، إضافة إلى عدم وجود بديل لنقل الدم”، بحسب “الفرنسية”.
في فرنسا، حيث المجموعات النادرة موجودة لأسباب وراثية بشكل أساسي لدى الأشخاص ذوي الجذور الإفريقية (بما يشمل إفريقيا وجزر الأنتيل أو المحيط الهندي) بحسب مؤسسة الدم الفرنسية، هناك ما بين 700 ألف شخص ومليون من أصحاب فئات الدم النادرة. ووحدهم 10 % من هؤلاء على دراية بالموضوع.
– تنوع أكبر في إفريقيا – في حالة نقل الدم، يجب أن يتلقى هؤلاء الأشخاص دما قريبا قدر الإمكان من دمهم. لأنه مهما كانت فئة الدم لدينا، فإن عدم التوافق “يجعل عملية النقل غير فعالة بالحد الأدنى، أو حتى يمكن أن يؤدي ذلك في أسوأ الأحوال إلى الموت”، وفق شياروني.
وتأتي خصوصية فصيلة الدم لمنطقة جغرافية معينة نتيجة لتكيف الإنسان مع بيئته والذي صاغ خصائصها الوراثية على مر القرون.
وأكد شياروني أن “التنوع الجيني أكبر في إفريقيا، حيث السكان موجودون منذ زمن أبعد إذ إن البشر ظهروا هناك”.
ويرتبط الانتشار العالمي لفصائل الدم هذه بالهجرة، وسكان جميع المناطق معنيون بذلك. ويستشهد العالِم بمجموعة موجودة في أوراسيا “يترابط توزيعها بالتوسع المغولي في القرن الثالث عشر”.
المجموعة التي تكون نادرة في مكان ما قد لا تكون بالضرورة كذلك في مكان آخر. وقال شياروني “الريسوس لديّ سلبي، وفي الصين أنا من الأشخاص الذين لا يمكنهم تلقي دم”، لأن هذه الخاصية نادرة هناك في حين أنها تخص 15% من الأوروبيين.
وبسبب نقص المخزون، قد يكون من الضروري استيراد الدم النادر. هذا ما حدث أخيراً لطفل كان سيخضع لعملية زرع نخاع في فرنسا وتم إحضار دم له من الولايات المتحدة.
– “تجنب الوصم” – يمكن اكتشاف شخص يحمل فئة دم نادرة عن طريق الصدفة، أثناء إجراء فحص ما قبل نقل الدم أو أثناء حملة فحوص تشخيص. ويتم الاتصال عندها بأقاربه لأنه من المحتمل أن يكون لديهم فصيلة الدم نفسها.
وتُسجل احتياجات ملحة بشكل خاص على صعيد مرضى فقر الدم المنجلي، وهو مرض يصيب الدم بشكل أساسي ويطال الأشخاص من أصل إفريقي ويتطلب عمليات نقل دورية.
تعاني ليتيسيا دوفوا البالغة 31 عاما والمتحدرة من جزر الأنتيل، من هذا المرض ولديها فصيلة دم نادرة، على الرغم من تصنيفها ضمن فئة “بي +”.
وهي قالت لوكالة فرانس برس “منذ عامين رفض جسدي دما من فئة بي إيجابي لم يكن يتوافق تماما مع فئة دمي”.
وأضافت الشابة التي تدعم جمعيتها “دريباكير” المرضى، “يسبب مرض فقر الدم المنجلي مضاعفات في العظام، مع الحاجة إلى المزيد من العمليات الجراحية ونقل الدم. قدرتي على المشي تعود جزئيا إلى عمليات نقل الدم”.
وتُعتبر مسألة فئات الدم النادرة قضية حساسة، ويمكن أن تفسح المجال لتفسيرات عرقية، وحتى عنصرية، تستنتج خطأ أن الدم بين السود والبيض غير متوافق.
وأكد شياروني على “ضرورة تجنب وصمة العار. كل يوم لدينا سكان أوروبيون يتلقون دماً من متبرعين من أصل إفريقي والعكس صحيح”.