أطلقت سلطان الكيان الصهيوني، صباح أمس الإثنين، سراح الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية المحظورة في الداخل الفلسطيني، بعد قضاء محكوميته البالغة 17 شهرًا فما عُرف بـ”ملف الثوابت”، ووسط استقبال حاشد من أهله ومحبيه وقيادات وجماهير الداخل الفلسطيني المحتل، وصل الشيخ صلاح إلى بلدته أم الفحم، ثم إلى بيته، وبهذه المناسبة تعيد “المجتمع” نشر حوار كانت قد أجرته معه بتاريخ 25/ 8/ 2001، في العدد (1465).
حاوره- سمير سعيد:
الشيخ رائد صلاح نموذج مثالي لرجل الدعوة العملي الذي ينشط من أجل خدمة أمته والحفاظ على مقدساتها مهما كلفه الأمر، اشتهر بأنه «رجل عمل» لا ينام ولا يستريح إلا قليلا، والدليل على ذلك تحمله لفترة طويلة ثلاث مسؤوليات داخل «مجتمع» صهيوني عنصري متطرف فهو رئيس الحركة الإسلامية، ورئيس بلدية أم الفحم (استقال منها مؤخراً) ورئيس مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، إضافة إلى عضويته في العديد من المؤسسات والجمعيات.
يبلغ الشيخ رائد من العمر 43 عاماً، متزوج وله 5 بنات وولدان، وقد أنهى تعليمه الجامعي فى كلية الشريعة بجامعة الخليل وترأس بلدية أم الفحم ثلاث فترات متوالية منذ العام 89 بنسبة فاقت الـ 75%، ونظراً لعمله الدؤوب فقد تعرض لهجوم عنيف من الحكومات الصهيونية والأحزاب اليمينية وأجهزة الأمن التي اعتبرته من أخطر الشخصيات التي تهدد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وقد فرضت عليه الإقامة الجبرية في الثمانينيات كما تعرض لثلاث محاولات لاغتياله، ومؤخراً قدم رائد صلاح استقالته من رئاسة بلدية أم الفحم وأصدر بياناً بهذا الشأن قال فيه: «أجد نفسي مضطراً لاتخاذ قرار واضح بلا تلعثم وهو تقديم استقالتي من مهمتي كرئيس بلدية أم الفحم بسبب عدم قدرتي على الجمع بين كل المصالح»، وكان الشيخ رائد قد تولى رئاسة البلدية قبل 12 عاماً نجح خلالها في النهوض بالمدينة وتحسين مستوى الخدمات فيها وخدمة سكانها على كافة المستويات حتى أصبحت أنشط وأشهر البلديات الفلسطينية في فلسطين المحتلة عام 1948م وباتت نموذجاً مثالياً، وحول الاستقالة ومنعه من أداء العمرة أجرينا معه اللقاء التالي:
ما الدافع وراء استقالتك من رئاسة بلدية أم الفحم رغم النجاح الكبير الذي حققته في إدارتها.. الأمر الذي أضاف للشيخ رائد بشكل خاص وللحركة الإسلامية بشكل عام؟
ـ لقد منَّ الله علي وكنت رئيساً لبلدية أم الفحم ورئيساً للحركة الإسلامية ورئيساً لمؤسسة الأقصى، وقد فتح الله علينا نجاحاً باهراً في هذه المهام الثقيلة، مما جعلني على قناعة أن وقتي وإمكانياتي ما عادت تسمح لي بتحـمل كـل هذه المهمات جنباً إلى جنب، لذلك وصلت إلى قناعة أن من الواجـب عـليَّ تقديم استقالتي من رئاسة بلدية أم الفحم حتى لا أضيع حقوق أهل مدينتي، وبذلك تفرغت للعمل في الحركة الإسلامية ومؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية.
هل ستؤثر هذه الاستقالة على مكانة الحركة الإسلامية؟
ـ لن تؤثر سلباً على مكانة الحركة الإسلامية، إذ أن رئاسة البلدية بقيت في إطار الكتلة الإسلامية الممثلة للحركة في البلدية، والرئيس الذي خلفني هو الدكتور سليمان أحمد صاحب القدرة الإدارية القوية والكفاءة العلمية العالية، وبقيت معه نخبة متجانسة ومتطاوعة يعملون على أساس من التفكير الجماعي وأخذ القرار الجماعي ثم أسلوب من التنفيذ الجماعي. وأقولها بلا تردد: سينجح هؤلاء الإخوة ـ إن شاء الله ـ نجاحاً باهراً زيادة على النجاح الذي حققناه حتى الآن.
وماذا كان رد فعل اليهود على القرار؟
ـ كانت هناك شطحات يهودية سياسية مختلفة، فبعضهم قال إنني تفرغت من العمل البلدي كي أركز على مشاريع إعمار الأقصى المبارك، والبعض قال إنني استقلت كي اتفرغ لمقارعة المؤسسة «الإسرائيلية» ولإعلان البراءة من أي ارتباط مع هذه المؤسسة، والبعض منهم قال: هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها رئيساً عربياً يقدم استقالته بمحض إرادته وهو في قمة نجاحه دون أن يتعرض لانقلاب أو محاولة اغتيال.
ألا ترى أن تفرغك للدفاع عن المقدسات الإسلامية سيثير السلطات الصهيونية ضدك خاصة وأنها حاولت اغتيالك ثلاث مرات؟
ـ هذا تحليل سليم، ولذلك فإن الصحف العبرية كتبت تقول بعد الاشتباكات التي وقعت بين المسلمين وجنود الاحتلال في حرم الأقصى المبارك على إثر محاولة جماعة (أمناء الهيكل) اليهودية الإرهابية وضع حجر أساس للهيكل المزعوم في حرم الأقصى، كتبت تقول: إن رائد صلاح يتحمل مسؤولية الاشتباكات لأنه هو الذي جند المسلمين للحضور إلى الأقصى المبارك في يوم عادي وهو يوم الأحد الموافق 29/7/2001م.
ماذا عن مشروع «الخارطة الإسلامية»؟
ـ مشروع الخارطة الإسلامية مشروع تاريخي كبير يقام لأول مرة، ونهدف من خلاله إلى رسم هندسي لكل الأوقاف والمقدسات ثم تثبيت هذه الرسوم الهندسية في خارطة تشمل مساحة كل بلادنا، وبذلك يصبح لدينا (خارطة مفصلة قطرية) لكل المقدسات والأوقاف، وفي الوقت نفسه بدأنا نصور هذه المقدسات والأوقاف بالفيديو والصور الفوتوغرافية، مع وصف دقيق لحال كل مكان وماذا يلزم حتى نقوم بإعماره، وعندما ننهي رسم كل هذه الأماكن سنجمعها في إطار موسوعات هندسية ومعلوماتية مزودة بالصورة ثم سنقوم بطباعتها وتوزيعها على أمتنا الإسلامية وعالمنا العربي.
وما موقف السلطات الصهيونية من المشروع وأبرز المعوقات التي تواجهه؟
ـ هناك عدم ارتياح، وأكاد أجزم أنهم لن يعترفوا بالخارطة القطرية لكل المقدسات، بالإضافة إلى ذلك فإن الإخوة القائمين على مشروع مسح المقدسات باتوا يتعرضون لإيذاء من قبل بعض الإرهابيين اليهود، ذلك لأنهم في سبيل إنجاز المهمة يضطرون للدخول إلى تجمعات يهودية كبيرة، الأمر الذي يوقعهم بمصادمات مع الإرهابيين اليهود.
كان لكم موقف من قضية الانتخابات الصهيونية فى فبراير الماضي، حيث دعا مجلس شورى الحركة لإصدار بيان بمقاطعة الانتخابات وقد كان، فما الأساس الذي استند عليه البيان؟
ـ رأى مجلس شورى الحركة الإسلامية أنه من الواجب إصدار هذا البيان الذي ينادي بمقاطعة الانتخابات نظرا لدور كل من المرشحين لرئاسة الوزارة (باراك وشارون) في التوجه الراهن نحو قضية المسجد الأقصى المبارك والنية المبيتة تجاهه وإصرارهما على تهويد القدس، كما أن المقاطعة تأتي إكراما لدم الشهداء ودفاعاً عن حياض الأقصى المبارك والقدس الشريف.
قبيل اندلاع الانتفاضة بدأت تتردد الأنباء حول خطة لتبادل الأراضي بين السلطة والكيان الصهيوني يتم بمقتضاها تسليم قرى ومدن فلسطينيي 48 القريبة من «الخط الأخضر»، مقابل مستوطنات الضفة. فما تعقيبكم على ذلك؟ وأيهما تفضلون: العيش تحت سلطة عرفات أم الصهاينة؟
ـ هذه الأنباء ما زالت شائعات ونرى فيها مبدأ ظالماً جداً لنا، لأن من يوافق على ذلك من أي طرف مسلم أو عربي أو فلسطيني فهو يساوي بيننا نحن أصحاب الحق الشرعي وبين المستوطن المحتل المغتصب، ولكن مع ذلك نحن لا نشعر بأننا في جنة عدن لأننا نعيش في قرى ومدن 1948م، فلو وافقت المؤسسة الصهيونية على إعطائنا أرضنا بالكامل وضمنا إلى السلطة الفلسطينية فلا مانع لدينا.
داومت أجهزة الأمن والمخابرات الصهيونية على ملاحقة أنصار الحركة واعتقالهم ومضايقة قادتها كما حدث مؤخراً بحجة أن الحركة على صلة وثيقة بحماس.. فما مدى صحة ذلك؟ وهل هناك تنسيق بينكم وبين حماس والجهاد؟
ـ نحن حركة إسلامية مشروعة، وشرعيتها تستمدها من الله رب العالمين ثم من تمسكها بالقرآن والسنة، ثم من التقائنا مع الصحوة الإسلامية العالمية بطموحها الكبير، وهو نصر دين الله في الأرض، ونؤكد أن علاقتنا بـحماس أو الجهاد الإسلامي هي جزء من علاقتنا مع شعبنا الفلسطيني الذي نحرص على خيره وسلامة بيته وتحقيق مشروعه العادل.
هناك محاولات صهيونية لوأد نشاطات الحركة وإلصاق تهمة الإرهاب بها.. فما أبعاد هذه التحركات؟
ـ تقول المؤسسة الصهيونية الرسمية إنها رفضت التوصيات التي كانت تقضي بإغلاق صحيفة «صوت الحق والحرية» الناطقة بلسان الحركة ومنع التجمعات الجماهيرية وإغلاق بعض مؤسسات الحركة ومنع قيادييها من السفر إلى الخارج ووضع المساجد تحت الرقابة المشددة واجتثاث القدرة المالية للحركة، ولكن للحقيقة أن ما يجري على أرض الواقع يبين أن كثيراً من هذه التوصيات يتم تنفيذها ضد وسطنا الفلسطيني عامة وضد الحركة الإسلامية خاصة، كما أن المؤسسة الصهيونية تصر على معاملتنا نحن وجماهيرنا الفلسطينية بسياسة رسمية تقوم على التمييز القومي والاضطهاد الديني ومصادرة حقوقنا المدنية، وهذه السياسة الرسمية تترجم باستمرار بمصادرة الأراضي والمقدسات وهدم بيوتنا وعدم الاعتراف بـ100قرية فلسطينية تضم 70 ألفاً من أهلنا يعيشون على أرضهم وفي بيوتهم، وهذه السياسة الرسمية قد تترجم أحيانا بإهدار دمنا، حيث قامت الأجهزة الأمنية قبل سنوات بإطلاق الرصاص وجرح أكثر من 600 مواطن من مدينة أم الفحم لا لسبب إلا لأنهم طالبوا بالتمسك بحقهم في أرضهم، ثم قامت بعد ذلك بقتل 13 شابا وجرح المئات خلال انتفاضة الأقصى، وما زالت هذه الأجهزة تحتفظ بالمئات من المعتقلين، كذلك هذه السياسة الرسمية الصهيونية تترجم بتفريغ مجتمعنا من المقومات الحضارية المهمة مثل المستشفيات والجامعات والمناطق الصناعية، الأمر الذي أدى إلى أن أكثر من 60% من أهلنا يعيشون تحت خط الفقر تمزقهم المشكلات الاجتماعية الصعبة، بالإضافة إلى ذلك فما زالت المؤسسة الصهيونية تواصل حربها الإعلامية والنفسية ضد الحركة الإسلامية وتحرض على استمرار إغلاق بعض مؤسساتها، فما زالت تغلق «جمعية الإغاثة الإسلامية» و«جمعية رعاية السجين واليتيم» وتحارب كلية الدعوة والعلوم الإسلامية وتسعى إلى عرقلة كل فرصة لنجاحها وما زالت تضيق الخناق على بعض مؤسساتنا الأخرى مثل جمعية الإغاثة الإنسانية ومؤسسة الأقصى.
كما ترصد المؤسسة الصهيونية تحركات أبناء الحركة في الحِل والترحال وتحاول تصفية بعض القيادات كما جرى في (أيام الروحة) و(انتفاضة الأقصى).
أيضا يلوح الصهاينة بقوانين تستهدف إخراج الحركة الإسلامية عن أي دائرة شرعية بهدف حلها ومصادرة حقها في الوجود والنماء.
ما الخطوات التي اتخذتموها بعد قرار السلطات الصهيونية حل لجنة الإغاثة الإسلامية؟
ـ قرارنا الأساس الصبر والمصابرة والمرابطة، فإن حلوا لجنة الإغاثة الإسلامية فلن نتوقف عن دورنا الإغاثي، وهذا ما حدث فقد تابع الإخوة دورهم الإغاثي من خلال لجنة الإغاثة الإنسانية القائمة والفاعلة التي يرأسها الدكتور سليمان أحمد رئيس بلدية أم الفحم.
أعلنت سلطات الاحتلال مؤخراً أنها ألقت القبض على «خلية» من أم الفحم وزعمت أنها «خلية إرهابية» تنتمي للحركة الإسلامية، فما تعليقك؟
ـ اعتدنا على هجوم إعلامي مسعور من قبل المؤسسة الصهيونية عند اقتراب موعد مهرجان «الأقصى في خطر»، لذلك نقول إن هذا الهجوم الأرعن لن يثنينا.. وسوف نواصل دورنا الساعي إلى إعمار وإحياء الأقصى المبارك.
وهل ستقيم الحركة الإسلامية مهرجان الأقصى هذا العام في ظل الأحداث الحالية؟
ـ نعم سنقيم المهرجان السادس بتاريخ 14/9 المقبل بمدينة أم الفحم، وقد بدأنا بكافة الاستعدادات لإنجاح المهرجان الذي بات مؤتمراً عالمياً حاشداً.
ترددت فى الآونة الأخيرة أقوال حول احتمالية اندلاع انتفاضة لعرب 1948م وبالأخص بدو النقب فما تعليقكم؟ وماذا عن الأوضاع هناك؟
ـ أوضاع عرب 1948م في غاية الصعوبة وهناك من اليهود من يدعو إلى ترحيلهم مثل أستاذ الجامعة اليهودي أرنون سوفير، وهناك لجان مثل لجنة زمير بدأت تطالب بتشديد الخناق علينا وذلك بتنشيط سياسة مصادرة أرضنا وهدم بيوتنا ناهيكم عن مظاهر الفقر والبطالة التي تسبغ واقع الحياة اليومية لعرب 48، وهذا يعني أن احتمال المصادمات مع المؤسسة “الإسرائيلية” وارد في كل لحظة.
وما موقفكم من عملية التسوية؟ وهل ترون أنه يمكن تحقيق سلام حقيقي مع اليهود؟
ـ كل الاتفاقيات التي أُلبست مصطلح (عملية السلام) ثبت أنها تنكرت لكل أصول الحق الإسلامي والعربي والفلسطيني، فأي سلام هذا وما قيمته وما جدواه إذا تنكر اليهود لحقنا في القدس الشريف وحق عودة اللاجئين وضرورة السيادة الفلسطينية الكاملة؟، أي سلام هذا الذي يقوم بشرط السيادة السياسية الصهيونية على الأقصى المبارك؟! لذلك فإن كل عاقل يقول إن هذه الاتفاقيات ما هي في الحقيقة إلا وسيلة تكريس للاحتلال أُلبست مسوح السلام خداعا للعيون.
ما حجم الحركة بين فلسطينيي 1948م؟
ـ حجم الحركة الإسلامية كبير وواسع بفضل الله تعالى، ولا نبالغ إذا قلنا إنها صاحبة القوة الشعبية الأولى في وسطنا الفلسطيني.
كثيراً ما يذكر «الحركة الإسلامية جناح الشيخ رائد صلاح» و «جناح الشيخ عبد الله نمر درويش» فهل هذا الفصل نابع عن اختلاف في الأولويات والتوجهات؟ وما أوجه الاتفاق والاختلاف بين الجناحين؟
ـ لا شك أن هناك أسباباً للاختلاف بيننا، وهي أسباب جوهرية، ليس من المناسب إطلاقا الخوض فيها.
وجهت بعض الاتهامات لحركتكم.. بأنها في الوقت الذي تحاول فيه توحيد عرب 1948م فشلت في توحيد نفسها فما تعليقكم؟
ـ هناك أسباب أدت للأسـف إلى انقسام الحركة الإسلامية ولكن ذلك لم يؤد إلى قطيعة تحاسد وتحاقد، على العكس فالعلاقات ما زالت طيبة بين الجميع ونأمل تجاوز أسباب الخلاف حتى تعود الحركة إلى وحدة حال ما بين طرفي الخلاف.
وهل هناك محاولات لإعادة وحدة الحركة؟
ـ كانت وما زالت هناك محاولات.. وأسأل الله تعالى أن يوفق القائمين على هذه المحاولات وتعود الحركة كما كانت إسلامية واحدة وموحدة.
بصفتكم رئيسا لـ«مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية» هل ما زالت أعمال الحفر من جانب اليهود تحت المسجد مستمرة؟ وما الهدف منها؟
ـ ما زالت الحفريات مستمرة، بل تزداد والهدف منها هو التحكم في كل مباني الأقصى التي تقع تحت الأرض وربط حائط البراق بالمدرسة العمرية بواسطة الأنفاق، كذلك العمل على توهين أساسات الأقصى المبارك لأنه ثبت لعلماء الآثار الصهاينة أمثال مازار وبن دوف وهيرتسوج أنهم لم يعثروا ولو على قطعة حجر تدل على وجود بقايا هيكل أول أو ثان كما يزعمون.
وما حجم المخاطر التي تتعرض لها المقدسات والأوقاف الإسلامية الأخرى؟
ـ الخطر الأساسي هو إعلان المؤسسة الصهيونية أن هذه الأوقاف الإسلامية أصبحت أملاك غائبين، لذلك قامت المؤسسة الصهيونية بمصادرتها وتحويل عشرات المساجد إلى مطاعم وخمارات وحظائر للمواشي بعد أن هدمت أكثر من (1200) مسجد، كذلك ما زالت المؤسسة الصهيونية تقوم بتجريف مئات المقابر الإسلامية ونبش عظام الموتى ثم بناء الأحياء السكنية اليهودية عليها وإقامة المتنزهات ومواقف السيارات والملاعب عليها.
منعتك السلطات الأردنية من عبور الأردن لأداء العمرة، وهذه ليست المرة الأولي التي يتم فيها إعادتكم من على الحدود ولكنها الأولى التي يتم فيها منعك من أداء العمرة؟
ـ حقيقة لا أجد لسلوك المخابرات الأردنية أي تفسير، سيما أنه اجتهاد يتناقض مع قول الله تعالى: (إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 198)، فأين أمر المنع من قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ) (البقرة: 114)، وأين أمرهم من قوله تعالى: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) (آل عمران:97)، أي من دخل البيت الحرم كان آمنا، وكيف للحاج أو المعتمر أن يكون آمنا إذا عانى من مثل هذه السياسات؟!.
لا شك أن المنع يحمل معاني سياسية؟
ـ لقد أُرجعت قسراً وقهراً وأنا أردد في داخلي (حسبي الله ونعم الوكيل) فقد أحرمت من المسجد الأقصى ولبيّت من هناك، فما معنى إرجاعي والكل يعرف أنني خلال هذه العمرة سأشارك بأكثر من لقاء للمهرجان الكبير المتنقل بين المدن السعودية الذي أعلن باسم «القدس في عيوننا»؟! وما معنى إرجاعي والكل يعرف أنني سأجتهد في تنشيط عملي لمشروع «سقيا زمزم» مع الندوة العالمية للشباب؟! لا أبالغ إذا قلت إن القرار وراءه ضغوط.
كان بإمكان اليهود منعك من المغادرة؟
ـ يبدو أن ما يحرج “إسرائيل” لا يحرج الأردن.. وللأسف هذا أمر محزن ومر.
ألا ترى أنه من المناسب البدء بالبحث عن عناوين جديدة لأداء العمرة والحج غير الأردن؟
ـ أنا شخصياً سأتوجه برسائل خطية إلى كل من يهمه الأمر من علماء المسلمين وسأسألهم: ما الحل عندكم لأقلية مسلمة تعاني من اضطهاد ديني أصلاً باتت تعاني اضطهاداً من المخابرات الأردنية فباتت هذه التي تحتكر طريق وصولنا لأداء العمرة أو الحج تمنع من تشاء، فكيف لهذا المسلم الممنوع أن يؤدي حجاً أو عمرة والحج كما يعلم كل مسلم ومسلمة ركن من أركان الإسلام الخمسة؟! نعم سأتوجه بهذه الروح إلى كل من يهمه الأمر وسأنتظر ماذا يشيرون علينا.
مصر كمثال؟
ـ نحن لا نريد أن نلغي الطريق لأداء العمرة والحج من خلال المعابر الأردنية ولكن من حقنا ألا تغلق الطريق في هذه المعابر على قسم منا وإذا أغلقت فأين يتجهون وكيف سيؤدون حجهم أو عمرَتهم؟
هذه المرة أحرمت من المسجد الأقصى؟
ـ لقد اجتهدت لإحياء سنة نبوية يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام وجبت له الجنة».
الإحرام من الأقصى يحمل معاني سياسية أيضاً؟
ـ لا شك أن الرباط القرآني في سورة الإسراء هو عروة وثقى بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ولن تنقطع هذه العروة ما شاء الله حتى قيام الساعة، نحن المسلمين يجب علينا أن نحفظ بركة هذه العروة الوثقى وهذه التوأمة الربانية بين المسجدين، وهذا يعني أن الإحرام من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام هو تجسيد عملي لإحياء بركة هذه العروة الوثقى وهو تأكيد عملي وقولي إنه ما كان للمسلم أن ينام والأقصى يعاني يومياً من مظاهر الظلم والعدوان.
إعادتك وأنت بلباس الإحرام لها معان شرعية؟
ـ تعني أنني أصبحت «محصراً» في لغة الشرع، لا أبالغ إذا قلت إن الله تعالى شاء أن أكون أول محصر منذ نكبة فلسطين، وطبعاً في هذا الحال يلزمني الحلق أو التقصير ـ كما لو أديت العمرة ـ وذبح الهدي.