بأرواحهم البريئة وأجسادهم الغضة، لكن بإرادة إلهية ورعاية فائقة من أيد وقلوب وخبرة فريق كويتي آلى على نفسه إلا أن يلفهم بحنانه ورعايته، رغم كل الصعاب وصولاً إلى مرحلة الشفاء، شكل في مجمله حالة إنسانية وطبية بكل معانيها ومعاناتها، أثبت الكويتيون أنهم مثال يحتذى في إثبات الإرادة رغم صعوبة التحديات.
ففي وقت تحيي دول العالم، غداً الثلاثاء، “اليوم العالمي لسرطان الأطفال والتضامن معهم”، تبرز تجربة تستحق الإجلال والتقدير أبطالها فريق كويتي متخصص بعلاج سرطان “جذيعات الشبكية” عند الأطفال والرضع كون نفسه بنفسه، وضرب مثالاً في رعاية وبلسمة أوجاع فلذات الأكباد بعد مراحل مكثفة من العلاج والجراحات الدقيقة والفحوصات الروتينية، مسجلين تجربة مثلى لم تسمح بخطف طفولتهم بل أثبتت أن الإيمان بإرادة الحياة وخالقها كفيل بانتصار الأمل.
وبما أن رب ضارة نافعة أحياناً، كانت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) السبب فيما حققه الفريق من نجاح خصوصاً أنه تم تشكيله بظروف طارئة مع بدء الجائحة في فبراير 2020 وإغلاق المطارات الذي حال دون سفر الأطفال المرضى إلى الخارج لتلقي علاجهم أو استكماله.
وفي هذا الشأن، قال رئيس مركز البحر للعيون رئيس مجلس أقسام العيون واستشاري طب وجراحة العيون د. عبدالله البغلي لـ”كونا”، اليوم الإثنين: إن تشكيل فريق طبي لعلاج هذا النوع من السرطانات الخطيرة يعتبر سابقة طبية فريدة من نوعها، وإنجازاً كبيراً يحسب لوزارة الصحة ودولة الكويت ويرفع اسمها في المحافل الطبية الدولية.
وأثنى البغلي على الجهود الجبارة لأعضاء الفريق الذين نالوا تخصصاتهم في أرفع المراكز الصحية في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، مشيداً بنجاحهم في تقليل عدد الحالات التي كانت ترسل للعلاج في الخارج بالتالي توفير التكلفة والأعباء المالية على الدولة.
ومن جانبه، قال رئيس الفريق ورئيس وحدة الحول للأطفال في مركز البحر للعيون د. عدنان الوايل: قمنا بتشكيل فريق متكامل بظروف دقيقة جداً ليضم جميع التخصصات المطلوبة كعيون الأطفال وجراحة الشبكية ومحجر العين وأطباء أورام الأطفال وأطباء الأورام والعلاج الإشعاعي، إضافة إلى أطباء أشعة المخ وأعصاب الأطفال وأطباء في علم الجينات لعلاج وتشخيص الحالات الجديدة، إضافة إلى متابعة المرضى الذين كانوا قد تلقوا علاجهم في الخارج ما قبل جائحة كورونا”.
وأوضح الوايل أن الفريق المكون من أطباء من مركز البحر ومراكز أخرى ذات صلة يتولى تشخيص الحالات الواردة من مختلف المراكز الصحية خلال 48 ساعة كحد أقصى وفق برتوكول متكامل بأعلى المعايير الصحية.
من ناحيتها، قالت د. آلاء العلي، المكلفة بمتابعة عمل الفريق: إن مرض سرطان جذيعات الشبكية يعتبر من أخطر أنواع الأورام السرطانية التي تصيب خلايا شبكية العين للأطفال إذ تنمو هذه الأورام بسرعة فائقة، مبينة أن عدم تشخيصها المبكر والتأخر بعلاجها قد يؤديان لفقدان حياة الطفل.
وأضافت العلي، وهي من أوائل الطبيبات الكويتيات الحاصلات على التخصص النادر بجراحة الشبكية والسائل الزجاجي وعيون الأطفال والحول، أن الفريق تولى تشخيص وعلاج 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر حتى سنتين، إضافة إلى الأطفال الذين كانوا يتلقون العلاج بالخارج وجميعهم في مراحل متقدمة من العلاج.
وأكدت أن كل الحالات مستقرة بحمد الله وفي طور الشفاء، مع العلم أن كثيراً من الحالات التي كانت تتلقى العلاج بالخارج بدأت باستكمال علاجها لدينا وبفضل الله لم نسجل أي حالة وفاة.
وشددت على ضرورة وعي الأهل والانتباه إلى العلامات المبكرة لهذا المرض كبياض بؤبؤ العين أو ظهور شيء من الحول بالعينين؛ لأن التشخيص المبكر وخطوات العلاج السريعة لهذا المرض ستنقذ حياة الأطفال.
طرق العلاج
وعن طرق العلاج، أشارت العلي إلى استخدام عدة طرق، منها الكي أو الليزر مباشرة على الورم بشبكية العين أو العلاج الكيماوي، مبينة أن الإشعاع والفحص يتم تحت تأثير البنج العام خلال 24-48 ساعة من زيارة الطفل حرصاً على أن يتم التشخيص في أقرب وقت لبدء خطة العلاج أما في الحالات المتقدمة جداً فيتم استئصال العين حتى لا ينتشر السرطان في المخ وتكون حياة الطفل بخطر.