في مكسب قضائي لمسلمي ألمانيا، وضربة قوية لليمين المتطرف وجرائم “الإسلاموفوبيا” في أوروبا، قضت المحكمة الإدارية في مدينة كولونيا الألمانية بالسماح لجهاز الاستخبارات الداخلية (جهاز حماية الدستور) بوضع حزب “البديل من أجل ألمانيا” مؤخراً على لائحة الحالات المشتبه بها بالتطرف اليميني، وسط ترحيب من الأزهر الشريف ومطالبة منه باستمرار مناهضة “الإسلاموفوبيا”.
ترحيب وتثمين
وفي متابعة حديثة له وصلت لمراسل “المجتمع”، ثمَّن مرصد الأزهر الشريف الحكم القضائي الألماني، موضحاً أنه بموجب هذا الحكم يمكن للاستخبارات الداخلية الألمانية بشروط محددة، مراقبة وتتبع كافة أنشطة الحزب واتصالاته، بما في ذلك تجنيد العملاء السريين داخل صفوفه.
وأوضح أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” هو حزب “يميني” تأسس عام 2013، ويتبنى سياسات مناهضة للاجئين والمسلمين، وقد نجح في الوصول إلى البرلمان الألماني عام 2017.
وأكد أن ذلك الحزب له خطورة كبيرة على المجتمع الألماني، وذلك بسبب الأيديولوجية المتطرفة التي يتبناها الحزب ويعمل على تطبيقها.
وأشار مرصد الأزهر إلى أن الحكم لاقى تأييدًا واستحسانًا واسعًا لدى العديد من الطبقات السياسية والاجتماعية الألمانية، مثل أحزاب الديمقراطي الاشتراكي، والخضر، والاتحاد المسيحي الاجتماعي، الذين وصفوا حزب “البديل من أجل ألمانيا” بأنه وصمة عار للبلاد.
ورحب المرصد بتصريح وزير العدل الاتحادي الألماني ماركو بوشمان، حول الحكم الذي قال فيه: إن الحكم بمثابة إشارة للمواطنين للتفكير مليًا قبل التصويت لهذا الحزب وغيره من أحزاب تخالف القيم الدستورية لألمانيا.
كاره للمسلمين
وبحسب رصد مراسل “المجتمع”، فقد مارس حزب “البديل من أجل ألمانيا” العديد من الجرائم ضد المسلمين.
ففي عام 2018 دعا الحزب اليميني المتطرف إلى مدارس بلا إسلام.
وفي خطوة وصفت بـ”المستفزة”، استخدم حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، بولاية بايرن ملصقاً دعائياً عنصرياً يدعو لـ”Islamfreie Schulen”؛ بمعنى “مدارس خالية من الإسلام”، وذلك من أجل دعاية انتخابية في هذا الوقت.
وأثار هذا التصرف الاستياء والصدمة بحسب المراقبين لإعادته مصطلحات نازية ظن الكثيرون أن المجتمع الألماني قد نسيها، حيث يشبه هذا المصطلح مصطلح “Judenfrei” الذي يعني “خال من اليهود” الذي استخدمه النازيون ضد اليهود في الماضي.
كما اخترق الحزب المتطرف أجهزة الشرطة الألمانية، ومارس أعضاؤه تمييزاً ضد المسلمين واللاجئين، وهو ما دفع النائبة عن حزب اليسار الألماني سوزانا هينج، للمطالبة في عام 2019 بضرورة استبعاد المنتمين الحزب من الشرطة.
كما تضامن مرصد الأزهر مع مطالب إقصاء الحزب من الشرطة، مبرراً ذلك بأنه يُمارس سياسات عنصرية تجاه المسلمين والأجانب، ولا يصح بشكل من الأشكال أن يكون من بين أفراد الشرطة الألمانية أحد المنتمين إلى تلك الأفكار المتطرفة.
وتكررت تصريحات كثيرة من قيادات بالحزب تعمل على التمييز ضد المسلمين وإثارة نعرات “الإسلاموفوبيا”.
وكتب راينر ران، القيادي بالحزب في العام 2019، معرباً عن استيائه من وجود المسلمين في شوارع بعض المدن الألمانية.
وقال، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: كأننا في بغداد أو القاهرة ولسنا في ألمانيا، هناك من بين الألمان من ينزعج من وجود المسلمين بمظهر معين يظهر دينهم بشكل واضح، هذا تطرف.
وانتقد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تلك التصريحات العنصرية.
واتهم الحزب بالعمل على زيادة نسب العنف داخل المجتمع الألماني بشكل عام، وضد المسلمين على وجه خاص.
جرائم مستمرة
وجاوز عدد الاعتداءات على المسلمين والمساجد في ألمانيا 900 اعتداء خلال عام 2020، وفق أحدث أرقام نشرتها مجلة “دير شبيجل” الألمانية.
وبلغت الاعتداءات على المسلمين في ألمانيا في عام 2019 884 اعتداء.
ووفق التحقيقات ومرصد الأزهر لمكافحة التطرف، فإن أكثر منفذي هذه الاعتداءات خلال العامين الماضيين ينتمون إلى تيارات اليمين المتطرف داخل البلاد.
وشهد مطلع العام الحالي تعرض العشرات من مقابر المسلمين في مدينة “إيزرلون” التابعة لولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية، لأعمال تخريب وتدنيس من قبل متطرفين.
وأكد مرصد الأزهر وقوف خطاب الكراهية الذي تروج له الجماعات اليمينية المتطرفة وراء تلك الاعتداءات، إذ تعمل تلك الأفكار المتطرفة على زرع الفرقة والبغضاء في النفوس على أساس التمييز، وهو ما يتسبب في انعدام الاستقرار بالمجتمعات.