حكم من جهل جواز تأخير غسل الجنابة إلى بعد الفجر
رجلٌ جامع زوجته في ليل رمضان، وناما دون أن يغتسلا بحجة أنَّهما يقومان بذلك الغسل وقت السّحور، ولكن ناما ولم يستيقظا إلا حوالي الساعة الثامنة صباحًا، فقالا: إننا مُفطران، ويجب علينا القضاء، ولا صيام لنا، فقاما وعملا الجماع في ذلك النهار بحجة أنَّهما مُفطران، حيث لا يعلمان عن الحكم بمَن كانت عليه الجنابة في نهار رمضان، ولا يعلمان عن الكفَّارة في ذلك، ولا يعرفان إلا قضاء ذلك اليوم، والآن عرف الكفَّارة، فما الحكم عليهما؟ جزاكم الله خيرًا.
– هذه الأشياء نتيجة الجهل، وعدم السؤال، وعدم حضور مجالس العلم، وعدم الاستفادة من حلقات العلم، وما يُذاع من العلم، كثيرٌ من الناس ما يهمّه إلا بطنه وشهوته وحاجاته العادية، ما يهتم بدينه، ويسأل ويتبصَّر: ماذا يجب على الصائم؟ ماذا يحرم على الصائم؟ ماذا يجب على المُصلي؟ ماذا يجب على المُزكِّي؟ ماذا يجب على الحاج؟ ماذا يجب عليه حول أهله وجيرانه؟ إعراضٌ وغفلةٌ حتى يقع في المحارم.
الصائم له أن يُصبح جنبًا ثم يغتسل، لا يضرُّه ذلك، فإذا جامع في الليل ثم أصبح واغتسل بعد الفجر فلا حرج عليه، في “الصحيحين” عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبيُّ ﷺ يُصبح جنبًا من جماعٍ ثم يغتسل ويصوم عليه الصلاة والسلام، وهكذا قالت أمُّ سلمة: كان يُصبح جنبًا من جماعٍ ثم يغتسل ويصوم ولا يقضي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يجامع الإنسانُ في آخر الليل، ثم يتسحر، ثم يغتسل بعد أذان الفجر، لا حرج في ذلك، وهذان لما قاما الساعة الثامنة كان الواجبُ عليهما الاغتسال وقضاء صلاة الفجر، وصومهما صحيحٌ؛ لأنَّهما أصبحا صائمين ناويين الصيام، فعليهما أن يغتسلا، وأن يُصليا صلاة الفجر ويكفي.
أما جماعهما بعد هذا فهذا منكرٌ، فالصائم يلزمه الإمساك، ولو ما استيقظ إلا الظهر يلزمه الإمساك، هو صائم، قد أصبح صائمًا بالنية، فعليهما الكفَّارة، وهي عتق رقبةٍ مؤمنةٍ، فإن عجزا صاما شهرين متتابعين، كل واحدٍ يصوم شهرين متتابعين، فإن عجزا أطعما ستين مسكينًا، كل واحدٍ عليه ثلاثون صاعًا، فعليهما ستون صاعًا جميعًا، ستون مسكينًا، كل مسكينٍ يُعطى صاعًا واحدًا، نصفه عن الرجل، ونصفه عن المرأة، من التمر، أو من الشعير، أو من الحنطة، أو من الأرز، طعامًا لا نقودًا، مع التوبة الصادقة، والإنابة إلى الله، والاستغفار الكثير، والحذر في المستقبل، مع قضاء اليوم(1).
طهرت من الحيض قبل الفجر فصامت دون أن تغتسل
طهرتُ قبل صلاة الفجر وانتظرت إلى ما بعد الصلاة فأخذني النوم واستيقظت الساعة العاشرة ولم أغتسل فنسيت وأخذت ابنتي المريضة إلى المستشفى واستغرق ذلك إلى صلاة العصر ثم اغتسلت وصليت ما فاتني من الصلاة.. ولكن كنت صائمة فماذا عليّ؟ هل أقضي؟
– الحمد لله، إذا تيقنت الطهر ونويت الصيام قبل الفجر، ولو بدقيقة واحدة، فصيامك صحيح، ولو تأخر اغتسالك وأما إذا كنت شاكة في حصول الطهر ومع ذلك نويت الصوم، فإن الصوم لا يصح من الشك في حصول الطهر من الحيض، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة صامت وهي شاكة في الطهر من الحيض، فلما أصبحت فإذا هي طاهرة هل ينعقد صومها وهي لم تتيقن الطهر؟
فأجاب: “صيامها غير منعقد، ويلزمها قضاء ذلك اليوم، وذلك لأن الأصل بقاء الحيض ودخولها في الصوم مع عدم تيقن الطهر دخول في العبادة مع الشك في شرط صحتها، وهذا يمنع انعقادها، وإذا علمت المرأة أنها طهرت من الحيض، وجب عليها أن تغتسل لأجل الصلاة، ولا يجوز لها تأخير ذلك بحيث يخرج وقت الصلاة، فإن فعلت فعليها التوبة، مع قضاء ما فاتها، فإن نسيت أنها طهرت من الحيض كما ذكرتِ في سؤالكِ فلا حرج عليها إن شاء الله من تأخير الصلاة، وعليها إذا تذكرت أن تغتسل وتصلِ ما فاتها من الصلوات كما فعلتِ(2).
__________________________________
(1) أجاب عن السؤال الشيخ ابن باز يرحمه الله، بتصرف من موقع الإمام ابن باز.
(2) مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (19/107).