الحمد لله على نعمة الحمدِ لله والصلاة والسلام على من صلى عليه الله وبعد:
اللهم ألهمني الصواب، وحسن الجواب، وفصل الخطاب، واجعلني من المهديين أولي الألباب، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب..
من ضروريات التمهيد للمسألة التي شغلت الناس اليوم وهي حكم الاستغفار أو الاسترحام لغير المسلم المسالم المناصر (وتحديداً الكتابي) أن تُحرَّر مسألتان مهمتان في تصور نوع المسألة وتكييفها العلمي: هل هي مسألة عقائدية من أصول الدين، أم فقهية عملية من فروع فقه الدين؟
ثم هل هي من ثوابت المسائل الفقهية القطعية التي لا تقبل الخلاف، أم من مسائل الخلاف الظنية التي تدور بين الراجح والمرجوح؟
مسألة الدعاء لغير المسلم من قبيل “الخلافات” “الفقهية” وليست من “الثوابت العقدية”.
* وكونها من مسائل الفقه لأنها تندرج في تكييفها ضمن فروع الأحكام الفقهية تحت باب أحكام أهل الذمة والمعاهدين والمحاربين من غير المسلمين، فحكم الدعاء لغير المسلم هو في محله كحكم السلام على غير المسلم وتشميت غير المسلم وأكل ذبائح غير المسلمين والنكاح من غير المسلمين، والبيع لغير المسلم وشهادة غير المسلم وتوكيل غير المسلم وإرث غير المسلم، فمن اختار جواز الدعاء له لا يعني إقراره على ملته كباقي أحكام التعامل مع غير المسلمين، وقد وقع الالتباس في نسبتها لمسائل الاعتقاد من جهة كون أحد المعنيين بالحكم غير مسلم أو من جهة كون المسألة الفقهية لها ارتباط عقائدي من أحد الوجوه، وهذا كثير شهير في مسائل الفقه فلا يكاد يخلو حكم فقهي عملي من ربط عقدي من وجه، لكن الأحكام العقائدية الصرفة هي المتعلقة أصالة وابتداءً بالإيمان بالغيبيات والاعتقادات القلبية الجازمة.
* وكونها من الخلافيات لا من الثوابت القطعيات هو لأن أدلة المسألة ليست قطعية الدلالة على مرادها سواء للمانعين أو للمجيزين بل إن الأحكام العقائدية نفسها على نوعين فمنها أصول العقائد التي لا يسع الخلاف فيها لقطعية أدلتها في الثبوت والدلالة ومنكرها هو منكر للضروريات أي للمعلوم من الدين بالضرورة، ومنها فروع العقائد التي يسع الخلاف فيها بين راجح ومرجوح لظنية أدلتها إما ثبوتا أو دلالة أو كليهما كالمسائل العقدية الغيبية التي اختلف فيها أفاضل الصحابة بعد رسول الله ﷺ وهم أقرب الناس لزمن نور النبوة فضلاً عن خلاف غيرهم ممن جاء بعدهم من فضلاء علماء الأمة، فما بالك ومسألتنا من الفقهيات لا العقائديات ومن الخلافيات لا الثوابت القطعيات.
وخطورة جعلها من “الثوابت العقدية” تتمثل في أمور:
1- أن إنكار الثابت (المظنون ثابتاً) في هذه المسألة هو إنكار معلوم من الدين بالضرورة وهو ما يفضي بصاحبه إلى الكفر أو يخشى عليه من الكفر في أدنى أحواله أو تكفير فعله دون عينه لمانع الجهل أو التأويل وكل ذلك تهويل في غير محله لعدم التسليم بكونه من الثوابت.
2- أن ذلك مما يوغر الصدور ويوسع الشقاق بين المسلمين حين يصبح الخلاف في المسائل الفقهية المظنونة سبباً للطعن في الثوابت العقدية للمسلم وولائه لدينه وبراءته من الكفر.
3- أن ذلك يفتح الباب لحمل جميع مسائل الخلاف الظني على الثابت القطعي فيكثر الرمي بالكفر بقصد أو بغير قصد، تصريحاً كان أو تلميحاً.
* لماذا اعتبرتها من المسائل الظنية لا الثوابت القطعية؟ لأن الأدلة الواردة فيها ليست قطعية في دلالتها على مراد المستدل بها، وسأستعرض ذلك في أشهر الأدلة المستدل بها بل هي الباب في ذلك وهي آية سورة “التوبة”: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (التوبة: 113).
ويمكن استصحاب “فكرة عدم القطعية” فيما سواها من النصوص فأقول ومن الله العون والسداد وطلب الهداية والرشاد:
1- النص على المشركين: الآية نص على المشركين، والقرآن يفرق بين المشركين وأهل الكتاب في السياق القرآني وفي الأحكام فقد قال تعالى في أول سورة “البينة” (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة: 1)، وأما في الأحكام فمعلوم الفرق بين ذبائح المشركين وذبائح أهل الكتاب، ونكاح المشركات ونكاح الكتابيات، فأقل ما يقال: إن الآية ليست نصاً في غير المشركين الوثنيين أصالةً.
2- قيد التبين: الآية قيدت النهي عن الاستغفار بقيد مهم لا يمكن إهداره وهو قيد التبين وتحديده التبين من كونهم من أهل النار أو عداوة الله ورسوله (مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، واللافت أنها كررت قيد التبين في الآية التي تليها في شأن سيدنا إبراهيم عليه السلام في استغفاره لأبيه (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) (التوبة: 114)، والأمر إذا تكرر فقد تقرر، خاصة أن الجميع – من منع الدعاء لغير المسلم قبل من أجازه -يمتنعون من الحكم بدخول كافر بعينه للنار أو مسلم بعينه للجنة دون نص قاطع بعينه وإنما يحكمون بكفر الكافر- علماً بأن الكفر له دلالة قرآنية شرعية محددة بالجاحد للحق بعد تبينه وقيام الحجة عليه – ويحكمون بإيمان المؤمن ولا يحكمون بجنة أو نار دون وحي بالتعيين، والآية تقيد منع الاستغفار بمن تبين أنه من أهل النار فتأمل ذلك واستمسك به فهو -على الأقل- من موانع القول بقطعية الآية والحكم بأنها من الثوابت على منع مطلق الدعاء لمطلق غير المسلمين!
والتبين يكون حين يُعلم موتهم يقينا على غير الإسلام كموت أبي طالب في حضور النبي ﷺ وهو يلقنه الشهادة ففاضت روحه دون قولها (على رأي جماهير المسلمين بذلك) وكموت المشركين في أثناء قتالهم للنبي ﷺ أو اشتهار عداوتهم لله ورسوله وللمسلمين، وهذا كله لم يصدق إنزاله على المسألة التي استدلوا لها بالآية، فالمرأة المقصودة كتابية فيما نعلم لا مشركة وثنية ولم نتبين أنها من أهل الجحيم فضلا عن تبين موتها على غير الإسلام، ولم تحارب الله ورسوله والمسلمين، بل معلوم أنها ممن ناصرت المسلمين في قضيتهم وحقهم في أرض فلسطين التي هي أرضها وحقها كذلك، وقتلت غيلة من عدو الله ورسوله والمسلمين (الكيان الصهيوني المغتصب) فكيف يمكن القطع والجزم بأن الآية في حقها وحق أمثالها؟!
3- احتمال خصوصية الآية في مشركي زمن النبي ﷺ وذلك من وجهين:
الأول: أسلوب “ما كان..” دون الخوض في مدى قطعية دلالته الأصولية على التحريم القاطع فإن أكثر مواضع وروده في القرآن يكون فيها خطابا لحال قائم في زمن النبي ﷺ (ما كان لنبي أن يكون له أسرى..)، (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله..)، (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)، (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً..).
الثاني: قيد التبين الذي غالبا ما يكون بالوحي كالنص على أسمائهم من الله لنبيه ﷺ أو لعلم النبي ﷺ بأحوالهم وهذا لا يُعلم إلا في زمن النبوة مما يجعل احتمال خصوصيتها وارداً.
4- احتمال أنها من العام المخصص منه الكافر المسالم دون المحارب المعاند بالأدلة الأخرى كدليل التفريق بين الكافر المسالم والكافر المحارب في آية الممتحنة (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم..) والبر في الآية مطلق غير مقيد ببر الحياة أو ما بعد الموت للمحسنين أو غير المعتدين منهم فهذا الاستفصال والتفريق بين حالي غير المسلم يمكن اعتباره من مخصصات الآية الكريمة ولو احتمالا.
5- النص على الاستغفار دون الاسترحام هذا عند التسليم بأنها تشمل أهل الكتاب وعند التسليم بأنها مطلقة فيهم دون قيد التبين
ولا حاجة لبيان الفرق بين الاستغفار الذي هو طلب التجاوز عن الذنوب والاسترحام الذي هو طلب الرحمة والإحسان، والرحمة درجات أدناها تخفيف العذاب ومنها الإحسان بالتجاوز عما دون الشرك لمن شاءه الله مع التذكير بأن أبا طالب الذي قيل إن الآية نزلت في شأنه ومنع الاستغفار له شفع له النبي ﷺ لتخفيف عذابه فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: “نعم، هو في ضحضاح من نار، لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار”، وهذه لا شك رحمة من رحمات الرب، نالته بعد موته، ويمكن الاستئناس لذلك برواية عروة بن الزبير تعليقا في صحيح البخاري في التخفيف عن أبي لهب كل يوم اثنين لعتقه ثويبة فرحا بمولد النبي ﷺ قال عروة: فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في المنام (قيل هو العباس) بشرِّ حالٍ فقال: ماذا لقيت؟ فقال أبو لهب: لم ألق بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه -يريد أصبعيه- بعتاقتي ثويبة، وفي لفظ: قال: في النار إلا أنه خفف عني كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي هاتين ماءً وذلك بإعتاقي ثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ﷺ.
ولا يضر إرساله فحكمه حكم مراسيل عروة بن الزبير المقبولة في السيرة عموما وما أكثرها! ولا يضر حكمه فله أصل في حال أبي طالب، وكذلك فإن الاستغفار درجات فمنه طلب مغفرة الشرك وطلب مغفرة ما دونه والأول ممتنع والثاني محتمل لقول الله عز وجل: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) (النساء: 48)، ومعلوم أن الكافر المشرك المقترف لذنوب أخرى كالظلم والقتل أو غير المحسن في حياته ليس كغيره من بني ملته ممن أحسنوا في حياتهم لأن الله يقول: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة)، وأهل الكتاب ليسوا على درجة واحدة كما قال تعالى (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ) (آل عمران: 113)، والكلام في انتفاع الكافر بعمله الصالح ولو لتخفيف العذاب فيه تفصيل ليس هذا محله، ولنا في أبي طالب وأخيه شاهد على ذلك.
ومما تساءل به بعض الفضلاء في سياق انتصارهم للحرمة القطعية للدعاء لغير المسلم بإطلاق هو قولهم: وهل تدعو -حين تدعو- ربَّك الذي تؤمن به أم ربَّه الذي يؤمن به؟! لكن فاتهم هدانا الله وإياهم أن هذا الاعتراض الضعيف يصدق على الدعاء لغير المسلم في حياته كذلك بالهداية أو بغيرها وهو أمر يجيزه المحرمون فهل ندعو -حين ندعو لهم بالهداية- ربّنا الذي نؤمن به أم ربَّهم الذي يؤمنون به؟ والجواب في الحالين واحد: ندعو الله الذي آمنا به وحده لا شريك له، فما وجه تفريقهم بين الحياة والموت والمدعو له واحد واعتقاده في اعتقادهم واحد!
ومما استدل به بعض الفضلاء كذلك قولهم تحديداً في دعاء الرحمة لهم أن الكافر آيسٌ من رحمة الله ممنوع منها بنصوص القرآن (أُولَٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي) (العنكبوت: 23)، فما فائدة الدعاء له بالرحمة؟ والجواب يسير ومن وجوه:
أ- هذا يصدق كذلك على الدعاء للكافر في حياته بالسعة والصحة والرزق وهو ما يجيزه المانعون مع أن الله قضى في كتابه بضيق عيش الكفار
فقال: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) (طه: 124)، (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (الأنعام: 125)، فهل في الدعاء لهم في الحياة للمحسن منهم اعتراض على أمر الله أو دعاء بما لا تحقق له؟!
ب- هذا يصدق كذلك على المسلم لورود اللعن في بعض الكبائر كالقتل العمد؛ (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء: 93)، واللعن لقاذفي المحصنات ولعنتهم في الدنيا والآخرة قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) (النور: 23)، واللعن هو الطرد من رحمة الله، فهل يحرم الدعاء بالرحمة لمن مات منهم دون توبة وقد نص القرآن على طردهم من رحمة الله في الدنيا والآخرة؟! فما يقال هنا يمكن أن يقال هناك فتأمل!
ج- وجواب هذا الاستشكال الذي يرد على المسلم وغير المسلم ممن وردت فيهم آيات اللعن والإياس من الرحمة هو أن هذه الآيات هي في سياق الوعيد والتخويف والترهيب.
قد يمضيها المولى وقد يعفو وقد يخفف والله سبحانه إذا وعد وفى وإذا أوعد عفا إن شاء لمن شاء بما شاء بعمل صالح أو دعاء نافع خاصة الوعيد العام دون الوعيد الخاص فيمن حكم الله على أعيانهم بذلك، وهذا القدر من فهم آيات الوعيد هو ما فارق به أهل السُّنة المعتزلة والخوارج القائلين بإنفاذ الوعيد لا محالة، وقالوا بخلود المسلم صاحب الكبيرة في النار إن مات ولم يتب من كبيرته تمسكاً بظواهر آيات الوعيد، فالدعاء عندهم لمثل هؤلاء لا يجدي نفعاً، وهو ما أعيذ المستدلين بمثل ذلك وأربأ بهم من تسلل “نَفَس خارجي ونزعة اعتزالية” لقولهم بذلك من هذه الجهة وهم لا يشعرون!
أعيد التأكيد الذي بدأته والقصد الذي أردته على أن هذه الوجوه المذكورة لا تمنع الاستدلال بالآية على ما ذهب إليه المانعون من منع الدعاء لغير المسلم لكنها للمتأمل المنصف تمنع القطع بدلالتها على ما أرادوا وتمنع كون دلالتها من الثوابت القطعية التي لا تحتمل تأويلاً ولا تقبل قيلاً.
وأنوه إلى أن الاعتدال في اختيار الرأي في مثل هذه الخلافيات الفقهية لا الثوابت العقدية يكون بترجيح دون تجريح وباختيار دون إجبار، فالمانع للدعاء له أن يختار المنع دون أن يرمي المجيز بمخالفة الثوابت الدينية وتعدي حدود جناب العقيدة السوية والمجيز للدعاء له أن يختار الجواز دون أن يرمي المانع بانعدام الرحمة الإنسانية أو مخالفة مبادئ الشريعة السوية،
وليس مقبولاً مجاوزة الحد في الجنوح للتبريرات النفسية لاختيار أحد القولين.
كأن يفسر المحرمون فتوى المجيزين بأنها “روح انهزامية” أفرزها التأخر الحضاري للمسلمين.
فإنه يمكن للمجيزين تفسير فتوى المحرمين بأنها “روح انتقامية” أفرزها كثرة مآسي المسلمين التي جعلتهم لا يفرقون بين المحاربين والمسالمين.
وكلاهما حكم نفسي لا قيمة له في الحكم الشرعي وهو أحد آثار “التشدد” وغياب “الموضوعية” وتعميم الثوابت القطعية في المسائل الخلافية الظنية، فالتطرف يصنع التطرف والحسنة بين سيئتين والتعنت مذموم من الفريقين ورحم الله القائل: “اجتماع المسلمين حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة”.
هذا ما تهيأ إيراده وتيسر إعداده والله لطيف بعباده، والحمد لله في مفتتح كل أمر ومنتهاه.
_______________________________
(*) أستاذ في كلية الشريعة بجامعة الكويت.