في عام 1919 م ولد السيد محمد عبد الرحمن البحر، وهو الابن الأكبر لوالده السيد عبد الرحمن البحر، وبالطبع فإن محمد البحر هو حفيد محمد بن عبد الرحمن بن محمد البحر (1843 ه- 1906م) وهو اسم ينتمي إلى أسرة كريمة وعريقة هي أسرة البحر التي تعود أصولها إلى مدينة الداخلية بإقليم نجد وهذه العائلة تنتمي جذورها إلى بحر بن سواده بن عمرو بن الأزد.
ويعتبر محمد عبد الرحمن البحر (الجد) من المحسنين المعروفين في دولة الكويت وله أعمال كثيرة بفضل الله وقد قام ببناء مسجد يعتبر من أعرق مساجد الكويت وأقدمها وهو مسجد محمد عبد الرحمن البحر في منطقة الوسط في الكويت بجانب سوق الخضار القديم، وقد تحمل تكاليف بنائه في وقت كانت الحياة فيه بالكويت رغدة كما نعيشها بفضل الله.
وقد أتت ظروف بنائه بعد أن أتم بناء بيته مباشرة وقد طلبت منه زوجته أن يستريح قليل حتى يأخذ قسطا من الراحلة وبالتالي تأخذ هي قسطا من الراحة حيث كان يعود الطعام لعمال البناء بإشرافها لوجبتي الإفطار والغذاء رغم كثرة عددهم فقال لها كلمة رفعت معنوياتها “وأنت مشيرة معي في الأجر” وهي كلمة كويتية قديمة تعني أنها تدخل معه في الأجر.
وكان من الذين يسارعون في الخيرات وزيادة في الخير فقد أوقف محمد عبد الرحمن البحر الجد وقفا خيريا ليكون مورد للإنفاق على المسجد مهما طال الزمن وهذا الوقف عبارة عن بيت وثم (العمارية: دكان من غير باب تستخدم في الأنشطة التجارية التي تنتهي بانتهاء النهار مثل بيع الخضار).
ولعل هذه المقدمة كانت مهمة ونحن نتحدث عن محمد عبد الرحمن البحر الجد لا سيما ونحن نتحدث عن أحد أحفاده وهو السيد محمد عبد الرحمن البحر وعن مسيرته وأوجه الإحسان في حياته.
طوال السنوات الخمس والتسعين ظلت حياة محمد عبد الرحمن البحر حاملة هذين المعنيين، فاعلا للخير ومعطيا لتجارته بعدا أسمى.
بنى بهدوء واحدة من أنجح المجموعات الاستثمارية العائلية في الخليج، وبرهن عن عقل مؤسسي فذ خلال عشرين عاما قضاها على رأس أكبر البنوك الكويتية، مرسخا ثقافة خاصة لهذا الموقع الاقتصادي المرموق، فيها الكثير من التواضع ورفعة الأخلاق.
كان محمد البحر في ريعان الشباب حين اجتمعت ثلة من الرعيل الأول على قرار تأسيس أول مؤسسة مصرفية وطنية في تاريخ الكويت، وعلي مدى أكثر من ستة عقود، كان صانعا للريادة الكويتية في القطاع، قبل أن يكون في المنطقة كلها محل صرافة وبعد أن أصبحت ميدانا لمنافسة مفتوحة على أربع جهات الريح.
ظل البحر مقلا في الظهور الإعلامي، ومع ذلك فإن اسمه يتصدر اسمه المجالس ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية وحتى العالمية عند الحديث عن رجالات الاقتصاد الكبار في الكويت والمنطقة والمساهمات الاجتماعية الخيرية.
نحو عشرة عقود عاشها الرجل، عاصر خلالها أهم المحطات الاقتصادية في تاريخ الكويت، منذ الدخول في العصر النفطي إلى الاستقلال والدستور وتأسيس غرفة التجارة والصناعة، ثم في المحن الصعبة، من نكسة سوق المناخ إلى الغزو الغاشم ووصولا إلى الأزمة المالية العالمية في 2008.
على مدى أكثر من نصف قرن، نمت «مجموعة محمد عبد الرحمن البحر» التي أسسها الراحل وتوسعت أعمالها، لتصبح واحدة من أنجح وأعرق المجموعات العائلية في الكويت والمنطقة، وأسهمت شركاتها في النهضة الاقتصادية للكويت ودول الخليج على عقود طويلة.
ولدى المجموعة اليوم مقرات وأنشطة في الكويت والبحرين والإمارات وقطر وعمان، وهي تنشط في مجالات المعدات الثقيلة والمنتجات الاستهلاكية والمفروشات والتجهيزات المنزلية وتجهيزات المكاتب والكمبيوتر وأنظمة الأمان والسياحة والسفر والشحن والتجارة العامة والمقاولات.
أعرق مؤسسة مالية ومصرفية
وإلى جانب نجاحه في مجموعته العائلية، تنقل البحر في المسؤوليات والمناصب وصولا إلى رئاسة مجلس إدارة أكبر بنك محلي وضمن 50 بنكا الأكثر أمنا حول العالم، كفيلة لأن يسطر تاريخ هذا الرجل بأحرف من ذهب، وأن تكتب سيرته وتدرس للأجيال المقبلة.
و «الوطني» اليوم هو أول وأعرق مؤسسة مالية ومصرفية في منطقة الخليج العربي ودولة الكويت. تأسس عام 1952 ليكون أول بنك وطني محلي وأول شركة مساهمة في الكويت ومنطقة الخليج، كما يعد أكبر مؤسسة مالية وصاحب أكبر حصة من سوق الخدمات المصرفية التجارية في دولة الكويت.
ويتميز بين البنوك العربية الأخرى بشبكة واسعة تتكون من أكثر من 155 فرعا محليا وعالميا إلى جانب الشركات التابعة ومكاتب التمثيل العالمية في كل من لندن ونيويورك وباريس وجنيف والبحرين ولبنان والأردن وقطر وسنغافورة والصين والسعودية والعراق ودبي وتركيا.
منذ 21 عاما تولى العم محمد عبد الرحمن البحر رئاسة مجلس إدارة «الوطني» خلفا للمغفور له محمد عبد المحسن الخرافي، وهو من مساهمي البنك منذ تأسيسه، وانضم إلى مجلس إدارة البنك منذ عام 1959، قبل أن يترأسه في عام 1993.
وفي عهده ظل البنك يتمتع بأعلى التصنيفات الائتمانية في الشرق الأوسط- «الوطني»- من قبل مؤسسات التصنيف العالمية موديز وفيتشي وستاندارد أندي بورز، ولديه أوسع شبكة من الفروع الخارجية والشركات التابعة ومكاتب التمثيل منتشرة في لندن ونيويورك وباريس وجنيف وسنغافورة إلى جانب البحرين ولبنان وقطر والأردن والسعودية والإمارات والعراق ومصر وتركيا والصين، ترتسم صورة الرجل «العود» على أنها «صمام الأمان» والنور الذي يضيء الطريق للكفاءات التي ستثري السوق المصرفية محليا ودوليا.
تعليمه
بدأ محمد عبد الرحمن البحر (الحفيد) سنوات دراسته عندما كان طفل كبقية أطفال الكويت، وكانت الكتاتيب هي المعين الأول الذي كان يتعلم فيه الأبناء قواعد القراءة وحفظ القرآن الكريم، وبعد ذلك انتقل محمد البحر إلى المدرسة الأحمدية، لينمي فيها مداركه ومعارفه ويضيء ثاني شمعة من شموع العلم فيها، لينتقل على إثر ذلك إلى المدرسة المباركية ليستكمل إضاءة عقله بنور العلم، الذي لم يكن موجودا بالمدارس فقط بل في الحياة العملية وحياة التجارة التي عاشها محمد البحر منذ طفولته.
ولعل مقولة «العمل سر الحياة» التي يؤمن بها أفراد عائلة البحر؛ حملت البحر مسؤولية العمل وعمره واحد وعشرون عاما، حيث قام بمساعدة أبيه عبد الرحمن في إدارة تجارتهم وذلك في عام 1940.
ويستمر في العمل مع أبيه لمدة 6 سنوات حتى عام 1946، استفاد منها أكبر استفادة؛ حيث كان أبوة مدرسة تجارية ومنبع للخبرات المهنية التي تكسب العقل علما جديدا لا يمكن الحصول عليه من أعرق الجامعات.
بداية الطريق
تنتقل الكويت إلى مرحلة جديدة من تاريخها، مع بدء الكويت بتصدير أولى شحناتها النفطية. وبالطبع كان محمد البحر وأبناء جيله مستعدين للبناء وحمل الأمانة التي حملها لهم الأجداد. ويدخل محمد عبد الرحمن البحر مجال الخدمة العامة عضوا في المجلس البلدي، الذي كان يرأسه آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير البلاد، وإلى جانب المجلس البلدي يمارس دوره كعضو في مجلس الصحة، الذي كان يرأسه آنذاك أيضا الشيخ عبد الله السالم الصباح ولي العهد.
ومن بعد ذلك ينضم محمد البحر إلى عضوية «مجلس الإنشاء»، الذي كان له الدور الأساسي في بناء الكويت الحديثة والنهضة العمرانية، التي بدأت منذ منتصف القرن العشرين، فقد كان هذا المجلس بمثابة وزارة المالية، ومن مهامه الأساسية تقدير ميزانية الدولة ومصروفاتها ثم القيام بتوزيع الأموال على مختلف الوزارات والهيئات الحكومية.
وهو مؤسس ورئيس مجموعة محمد عبدالرحمن البحر وهي مجموعة من الشركات الناجحة والمعروفة في دولة الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد تطورت مجموعة البحر بثبات واستقرار وتوسعت في مجال الأعمال لتصبح من الشركات الرائدة في مجالات عديدة.
رجل الاقتصاد
نهض التجار الكويتيون بالأسواق وفي جميع الاتجاهات، لكي يرسخوا قواعدهم ويدعمون الاقتصاد الوطني، وشعروا بأن إنشاء غرفة تجارية أصبح ضرورة ملحة تمليها الحالة الاقتصادية بالبلاد، ويكون السيد محمد عبدالرحمن واحدا من مؤسسي غرفة التجارة والصناعة الكويتية، وشارك في عضويتها وفي إدارة مجلسها منذ عام 1961، حتى أصبح نائبا لرئيسها منذ عام 1996.
وبالإضافة إلى هذا الجانب الوطني من المشاركة في عضوية معظم المؤسسات الاقتصادية التي قامت بالكويت في ذلك الوقت؛ إلا أنه كان له تجارته التي ورثها أب عن جد، والتي صنعت اسم «البحر» كاسم تجاري يتعدى حدود الوطن الصغير فيعم أنحاء الخليج العربي، بل العالم العربي، حيث أنشئت فروع لشركات البحر في معظم هذه البلاد، وحملت جميعها شعار الأمانة والصدق. وهي تحمل وكالة شركات «كاتربلر» العالمية، التي عرفها الناس بلونها الأصفر المميز، وساعدت معداتها في إنشاء العديد من المشاريع الحيوية وخدمة الإعمار داخل الكويت وخارجها.
تطورت شركات محمد عبدالرحمن البحر وزاد عدد العاملين فيها عن أكثر من 1500 عامل وموظف. وقد نبعت من الشركة الأم شركات ناجحة كثيرة وتطورت في أنشطتها وأعمالها لتصبح من أكبر شركات الكويت مثل شركة وكالة جنرال إليكتريك العالمية وغيرها من الوكالات التجارية الشهيرة والمعروفة.
مساهماته الوطنية
يعلم السيد محمد عبدالرحمن البحر – كما يعلم الكثير من أبناء جيله- ما للاقتصاد من أهمية في قيام الدولة ويعلم أيضا أن المجرى الأساسي للاقتصاد هو المصارف ولم يكن بالكويت قديما وحتى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي مصرف كويتي واحد وكان البنك البريطاني آنذاك هم الذين يدير كل المعاملات المالية.
ومن هنا توهجت عقلية السيد محمد البحر التجارية التي نشأت وتعلمت في مدارس الحياة العامة وما لهذه العقيلة من رصيد الأجداد التجاري توهجت هذه العقلية من رصيد الأجداد التجاري توهجت هذه العقلية بفكرة تأسيس مصرف كويتي إلى جانب عدد من التجار الوطنيين المخلصين الذين كانوا يسعون دائما لخدمة وطنهم ويطرقون كل السبل لتحقيق ذل.
وبالفعل فقد اتفقت مجموعة من التجار الكويتيين وأسسوا مصرفا كويتيا كبيرا هو بنك الكويت الوطني وهو أول قاعدة من قواعد الاقتصاد الوطني كما أنه أول مصرف كويتي يعرفه الناس ويثقون به.
انضم السيد محمد عبدالرحمن البحر إلى عضوية مجلس إدارة بنك الكويت الوطني وشهد مع من زاملوه تطورات المصرف الذي ما لبث أن تحول إلى مؤسسة اقتصادية ضخمة يعرفها الاقتصاديون وتعرفها معظم البنوك العالمية وذلك طول عشر سنوات منذ عام 1983 م، ثم منذ عام 19993م أصبح رئيسا لمجلس إدارة البنك.
وعلى صعيد العمل الإنساني فهو عضو مؤسس لجمعية القلب الكويتية
لم يبتعد الحفيد محمد عبدالرحمن البحر عن ركب الجد محمد عبدالرحمن البحر في فعل الخيرات والمساهمة في أوجه البر والصدقات وكذلك إنشاء المساجد داخل الكويت وخارجها والانفاق على الاسر المحتاجة وكفالة الأيتام في معظم بلاد العالم العربي والتبرعات والصدقات لإنشاء المشاريع الخيري داخل الكويت وخارجها وقد شلمت مشاريعه الخيرية تخصيص أوقاف للإنفاق على المشاريع الخيرية التي كان الأجداد قد بدؤؤها حتى تظل بفضل الله مستمرة إلى ما شاء الله تعالى وكذلك بناء مسجد جامع ضخم في منطقة السرة يعتبر آية معمارية جميلة.
ويقع مسجد محمد عبدالرحمن البحر بمنطقة السرة قطعة (4) مقابل الخدمات وتبلغ مساحته الإجمالية أكثر من 2500 م يتسع لأكثر من 2500 مصل وقد بنى على الطراز الفاطمي في الواجهات والمئذنة والقبة والتصميمات الداخلية وقد تم الانتهاء من الأعمال في شهر مارس 2004م كما قام ببناء مسجد آخر باسم أخته – حمة الله تعالى عليها – وضحة عبدالرحمن البحر في ضاحية الشيخ مبارك العبدالله الجابر الصباح (غرب مشرف) ويقع المسجد في القطعة رقم (1) وتبلغ المساحة الإجمالية 1225 م يتسع ل 1000 مصل وقد تم الانتهاء من أعمال البناء في فبراير 2003م.
مساهمته في الخدمات الصحية
مركز البحر للعيون والذي يقع في منطقة الصباح الطبية التخصصية وقد تم ربطه بمستشفى ابن سينا ويتكون من ثلاثة أدوار دون سرداب ويقع على مساحة 10000م بطاقة استيعابية 90 سرير و5 غرف للعمليات وقاعة للمحاضرات وقد تم افتتاحه في مايو 1999م
مركز النزهه الصحي وفي الساحة الخلفية مدرسة النزهه المتوسطة للبنات وقد تم تنفيذه على مساحة 5000م
المصادر:
كتاب الأيادي البيض “سجل الوفاء للمحسنين الكويتيين في مجال دعم الخدمات الصحية د.عبدالمحسن الخرافي
جريدة الراي الكويتية بتاريخ 9 أغسطس 2014 https://bit.ly/3O27QJh
جريدة الجريدة بتاريخ 9 أغسطس 2014