الحكم في إسلام المرأة وبقاء زوجها على دينه
في موضوع إسلام المرأة وبقاء زوجها على دينه، أكد المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أنه يحرم على المسلمة أن تتزوج ابتداء من غير المسلم، وعلى هذا إجماع الأمة سلفاً وخلفاً، أما إذا كان الزواج قبل إسلامها فقد قرر المجلس في ذلك ما يلي:
أولاً: إذا أسلم الزوجان معاً، ولم تكن الزوجة ممن يحرم عليه الزواج بها ابتداء المحرمة عليه حرمة مؤبدة بنسب أو رضاع، فهما على نكاحهما.
ثانياً: إذا أسلم الزوج وحده، ولم يكن بينهما سبب من أسباب التحريم، وكانت الزوجة من أهل الكتاب فهما على نكاحهما.
ثالثا: إذا أسلمت الزوجة وبقي الزوج على دينه فيرى المجلس:
أ- إن كان إسلامها قبل الدخول بها فتجب الفرقة حالاً.
ب- إن كان إسلامها بعد الدخول، وأسلم الزوج قبل انقضاء عدتها، فهما على نكاحهما.
ج – إن كان إسلامها بعد الدخول، وانقضت العدة، فلها أن تنتظر إسلامه، ولو طالت المدة، فإن أسلم فهما على نكاحهما الأول دون حاجة إلى تجديد له.
د– إذا اختارت الزوجة نكاح غير زوجها بعد انقضاء العدة، فيلزمها طلب فسخ النكاح عن طريق القضاء.
رابعاً: لا يجوز للزوجة عند المذاهب الأربعة -بعد انقضاء عدتها– البقاء عند زوجها، أو تمكينه من نفسها.
ويرى بعض العلماء أنه يجوز لها أن تمكث مع زوجها بكامل الحقوق والواجبات الزوجية إذا كان لا يضيرها في دينها، وتطمع في إسلامه، وذلك لعدم تنفير النساء من الدخول في الإسلام إذا علمن أنهن سيفارقن أزواجهن، ويتركن أسرهن.
ويستندون في ذلك إلى قضاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في تخيير المرأة في الحيرة التي أسلمت، ولم يسلم زوجها: “إن شاءت فارقته وإن شاءت قرت عنده”، وهي رواية ثابتة عن يزيد بن عبد الله الخطمي.
كما يستندون إلى رأي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذا أسلمت النصرانية امرأة اليهودي أو النصراني كان أحق ببعضها لأن له عهداً، وهي أيضاً رواية ثابتة.
وثبت مثل هذا القول عن إبراهيم النخعي، والشعبي، وحماد بن أبي سليمان.
إلى ذلك، أجاب المجلس عن جملة من الأسئلة الواردة إلى الأمانة العامة للمجلس في قضايا مختلفة.
توصيات الدورة
وفي ختام جلسته، أوصى المجلس المسلمين في العالم عموماً، وفي أوروبا خصوصاً بما يلي:
1– رعاية الحقوق وإعطاء الصورة الطيبة والقدوة الحسنة بالإبداع والابتكار، وتشجيع ذلك على جميع المستويات.
2– السعي لإنشاء شركات ومؤسسات مالية في مجال التأمين التعاوني وغيره، والاتصال بشركات التأمين التعاوني السائدة في الغرب للاتفاق معها على إزالة المحظورات الشرعية كالربا، للوصول إلى إيجاد صناديق تعاونية تخلو منها.
3– العمل الجاد للحصول على اعتراف الدولة التي يقيمون فيها بأوروبا بالإسلام ديناً، وبالمسلمين أقلية دينية على غرار الأقليات الدينية الأخرى في التمتع بحقوقهم كاملة، وفي تنظيم أحوالهم الشخصية كالزواج والطلاق، وفقاً لأحكام دينهم، وكذلك لتشكيل هيئات شرعية تتولى تنظيم أحوال المسلمين الشخصية وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء مع مراعاة الالتزام بالقوانين السائدة.
4– الالتزام بما دلت عليه نصوص الكتاب والسُّنة، وبما أجمع عليها فقهاء الإسلام من وجوب الوفاء بمقتضيات عهد الأمان، وشروط المواطنة، والإقامة في البلاد الأوروبية التي يعيشون فيها، ومن أهم ما يجب عليهم الوفاء به:
أ– أن يعتقدوا أن أرواح، وأموال، وأعراض غير المسلمين مصونة بمقتضى ذلك العهد الذي دخلوا به إلى هذه البلاد، والذي لولاه لما سُمح لهم بدخولها أو استمرار الإقامة فيها، وقد قال الله تعالى: (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الإسراء).
ب– أن يحترموا قوانين هذه البلاد التي آوتهم، وحمتهم، ومكنتهم من التمتع بكل ضمانات العيش الكريم، وقد قال تعالى: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (الرحمن: 60).
جـ– أن يجتنبوا كل أساليب الكسب الحرام على اختلاف أنواعه، ومنها سعي بعض المسلمين للحصول على معونة الضمان الاجتماعي مع أنهم يعملون أو يتاجرون.
د– أن يبذلوا أقصى الوسع في تنشئة الجيل الجديد –بنين وبنات– تنشئة إسلامية معاصرة، وذلك بتأسيس المدارس والمراكز التربوية والترفيهية لحمايتهم من الانحراف.
كما أوصى المجلس المسلمين عامة والمقيمين في بلاد الغرب خاصة بالاعتصام بحبل الله والأخوة والسماحة والوسطية والتعاون على البر والتقوى والتزام الحوار الهادئ والأساليب السلمية في معالجة قضايا الخلاف، بعيداً عن مناهج التشدد، ومسالك التطرف التي تشوّه صور الإسلام وتسيء أبلغ الإساءة إلى المسلمين عامة وعلى الأقليات المسلمة خاصة؛ فيتلقفها أعداء الإسلام والجاهلون به للتشنيع عليه والتخويف منه ومن أهله واستعداء الأمم عليها، وقد قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: 125).
العدد (1464)، ص59 – 29 جمادى الأولى 1422ه – 18/8/2001م.