هذه القصة رواها أحد علماء الإسلام الإمام العارف سيد الزهاد إبراهيم بن أدهم، وتداولتها كتب السير والتراث، وفيها رجل يشكو كثرة المعاصي، ويبحث عن زاجر له.
ذهب الرجل إلى إبراهيم بن أدهم، وقال له: إني مسرف على نفسي، فأعرض عليَّ ما يكون زاجرًا لها.
فقال له إبراهيم: إن قدرت على خمس خصال لن تكون من العصاة.
فقال الرجل، وكان متشوقًا لسماع موعظته: هات ما عندك يا إبراهيم.
فقال: الأولى: إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل شيئاً من رزقه، فتعجب الرجل ثم قال متسائلاً: كيف تقول ذلك يا إبراهيم، والأرزاق كلها عند الله؟
فقال: إذا كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تأكل رزقه وتعصيه.
قال: لا يا إبراهيم، هات الثانية.
فقال إبراهيم: إذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن بلاده، فتعجب الرجل أكثر من تعجبه السابق ثم قال: كيف تقول ذلك يا إبراهيم، والبلاد كلها ملك الله؟
فقال له: إذا كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تسكن بلاده وتعصيه؟
قال: لا يا إبراهيم، هات الثالثة.
فقال إبراهيم: إذا أردت أن تعصي الله فانظر مكانًا لا يراك فيه فاعصه فيه.
قال: كيف تقول ذلك يا إبراهيم، وهو أعلم بالسرائر ويسمع دبيب النملة على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء؟
فقال له إبراهيم: إذا كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تعصيه؟
قال: لا يا إبراهيم، هات الرابعة.
فقال إبراهيم: إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له: أخرني إلى أجل معدود.
فقال الرجل: كيف تقول ذلك يا إبراهيم، والله تعالى يقول: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف: 34)؟
فقال له: إذا كنت تعلم ذلك فكيف ترجو النجاة.
قال: نعم، هات الخامسة يا إبراهيم.
فقال: إذا جاءتك الزبانية -وهم ملائكة جهنم- ليأخذوك إلى جهنم فلا تذهب معهم، فما كاد الرجل يستمع إلى هذه الخامسة حتى قال باكيًا: كفى يا إبراهيم، أنا أستغفر الله وأتوب إليه، ولزم العبادة حتى فارق الحياة.
خلصت توبته إلى الله، والتزم الخشية منه، واجتنب معصية من يعلم السر وأخفى.