11 عاماً مضت على استشهاد نائب قائد «كتائب القسام» أحمد الجعبري، حيث اغتالت طائرات الاحتلال في 14 نوفمبر 2012م القائد الجعبري؛ ما أدى لنشوب مواجهة سميت «حجارة السجيل» أبلت فيها المقاومة بلاء حسنًا، واستمرت 8 أيام.
وتأتي الذكرى السنوية لاستشهاد الجعبري تزامنًا مع إنجاز جديد للمقاومة الفلسطينية، وتلقين المقاومين الفلسطينيين الاحتلال درسًا لن ينساه، في معركة أطلقتها «القسام» باسم «طوفان الأقصى» المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي.
تقول «حماس» عن الجعبري: لا تزال صورته حية في أذهان الفلسطينيين يوم صفقة «وفاء الأحرار»، يد قابضة على الجندي الأسير جلعاد شاليط، وأخرى ترسم صورة النصر الكبير لشعبنا ومقاومته الباسلة، صورة يستحضرها شعبنا في ذكرى استشهاده لينسج منها خيوط الأمل بفجر حرية قريب لأسرانا الأبطال.
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد القائد أحمد الجعبري في 4 ديسمبر 1960م، بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتعود جذور عائلته إلى مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس قطاع غزة، ليعمل بعدها في الزراعة ليعيل أهل بيته، كون والده مقيمًا في ذلك الوقت في الأردن، متحملاً مسؤولية البيت في غياب والده لمدة 9 سنوات متواصلة.
ولم يثنِ ذلك الجعبري عن مواصلة مسيرته التعليمية حتى حصل على شهادة البكالوريوس في تخصص التاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة.
مسيرة الجهاد
بدأ المشوار الجهادي للقائد الجعبري مبكرًا، فاعتقله الاحتلال مع بداية الثمانينيات، ليمضي 13 عامًا في سجون الاحتلال بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لحركة «فتح» خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982م.
خلال فترة سجنه التحق بصفوف حركة «حماس»، وساهم بعد خروجه من السجن مع الشيخ صلاح شحادة، والقائد محمد الضيف، في إعادة تشكيل «كتائب القسام»، ليعتقله جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة عام 1998 مدة عامين بتهمة علاقته بـ«كتائب القسام».
تعرض القائد الجعبري للعديد من محاولات الاغتيال من قبل الاحتلال «الإسرائيلي»، أبرزها تلك التي نجا منها بعد إصابته بجروح عام 2004م، بينما استشهد ابنه البكر محمد وشقيقاه وثلاثة من أقاربه، بعد استهداف طائرات الاحتلال الحربية منزله في حي الشجاعية.
أكثر من رئيس أركان
«لم يكن الجعبري رئيس أركان «حماس»، بل كان أكثر من ذلك»، هذا ما قاله أحد قادة جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية (آمان)، فيما وصفه وزير الحرب الأسبق بنيامين بن أليعازر بالقول: «لقد كان رجلاً حقيقيًا».
رجل حقيقي يعزو له الاحتلال المسؤولية عن عدد كبير من العمليات التي استهدفت جنوده ومغتصبيه، وتوجت بقيادته لعملية تبادل الأسرى «وفاء الأحرار» التي تحرر بموجبها 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الجندي «الإسرائيلي» جلعاد شاليط.
وبما أسهمه الجعبري في إحداث نقلة نوعية في أداء «كتائب القسام» والمقاومة الفلسطينية وقدراتها، بدت واضحة صدمة الاحتلال من حجم الرد النوعي وغير المسبوق في تاريخ المقاومة الفلسطينية في معركة «حجارة السجيل» وما أعقب جريمة اغتياله.
ومع اندلاع «انتفاضة الأقصى» عام 2000م، خرج الجعبري من سجون السلطة، وكان ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لـ«كتائب القسام»، قبل أن يصبح الرجل الثاني رسميًّا، والقائد الفعلي فيها بعد اغتيال قائدها العام صلاح شحادة، وإصابة خليفته القائد محمد الضيف الذي نجا من عدة عمليات اغتيال عام 2003م.
وسبق أن حاول الاحتلال اغتيال الجعبري عدة مرات، أبرزها في 7 أغسطس 2004م، حينما قصفت طائرة صهيونية منزل عائلته في حي الشجاعية شرق غزة، واستُشهد في الحادث نجله محمد، وشقيقه فتحي، وصهره وعدد من أقاربه ومرافقيه، وأصيب هو بجراح طفيفة في الحادث.
واحتل اسم الجعبري وسائل الإعلام بقوة، بعد عملية أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، في 25 يونيو 2006م؛ التي كانت إسقاطاً لهيبة الاحتلال؛ حيث اتهمته «إسرائيل» بالوقوف وراء العملية، وباتت تطلق عليه «رئيس أركان حماس».
وكان الجعبري أحد أعضاء وفد «حماس» الذي فاوض الاحتلال الصهيوني بشكل غير مباشر بوساطة المخابرات المصرية، وهي المفاوضات التي أثمرت عن إبرام صفقة شاليط، في أكتوبر 2011م.
تألق الجعبري قائداً عسكرياً بارزاً خلال العدوان على غزة في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009م، حصل على اعتراف وسائل الإعلام العبرية بأنه «مهندس الدفاع» في هذا الهجوم الذي استمر لأكثر من 20 يوماً، وأطلق عليه لقب «الشبح» بسبب فشل قوات الاحتلال في اعتقاله أو قتله خلال الهجوم.
وحقق الجعبري إنجازات كبيرة خلال فترة توليه مسؤولية «رئيس الأركان»، جرى تحويل الكتائب من نظام المجموعات إلى «جيش نظامي» يتألف من نحو 20 ألف مقاتل منضبط، ويملك ترسانة متنوعة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
أبرز مقولاته
ومن أبرز تصريحات الجعبري، قوله: «ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وكان قد صرح في رسالة نشرتها مجلة «درب العزة» التي تصدر عن المكتب الإعلامي لـ«كتائب القسام» في ذكرى الحرب «الإسرائيلية» الثانية على غزة: «كتائب القسام لم ولن تسقط من حساباتها أي خيار ممكن من أجل تفعيل المقاومة وتحرير الأسرى وقهر العدو الغاصب المجرم»، مضيفاً: «عيوننا ستبقى دوماً صوب القدس و«الأقصى» ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دوماً إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً».
اغتيال الجعبري
في مساء 14 نوفمبر 2012م، اغتال الاحتلال «الإسرائيلي» أحمد الجعبري بغارة جوية استهدفت سيارته بالقرب من مجمع الخدمة العامة بمدينة غزة، وذلك بعد أسبوع فقط من عودته من مكة المكرمة حيث أدى مناسك الحج، وكان اغتياله مقدمة لعدوان كبير على القطاع دام حوالي 10 أيام.
وحتى لحظة اغتياله، ظل الجعبري -الذي قالت «كتائب القسام» في بيان نعيه: إنه «رئيس أركان المقاومة في فلسطين وأبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام»- وفياً لمقولته التي تؤثر عنه: «ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا الفلسطينية فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عنها».
________________________
1- موقع حركة «حماس» الإلكتروني.
2- «المركز الفلسطيني للإعلام».
3- موقع «فلسطين ذاكرة الشهداء».
4- «تي آر تي عربي».
5- «الجزيرة.نت».