تزخر صفحات المقاومة الفلسطينية بالمئات من الأبطال، يبرز منهم الراحل محمود أبو هنود، الذي كان امتداداً لجيل المهندس الشهيد يحيى عياش، وقادة «القسام» الأفذاذ الذين سطروا ملحمة في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
يعد أبو هنود، المولود عام 1967م، في قضاء نابلس بالضفة الغربية، قائد «كتائب القسام» في الضفة، قبل اغتياله بواسطة صاروخ، عام 2001م.
يقولون عنه: إنه لم يكن طفلاً عادياً، بل تميز كثيراً عن رفاقه، كان حريصاً على صلاة الفجر منذ صغره، وعندما يلهو كان يحب أن يلعب دور الطفل المحارب حيث كان يصوب بندقيته البلاستيكية على أقرانه، ويلاحقهم في حقول الزيتون، وكان يصنع أهدافاً من خامات بسيطة، ويصوب نحوها فيصيبها بكل دقة.
حصل أبو هنود على درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة القدس عام 1985م، ليجمع بين العلم الشرعي، والخبرة الميدانية والقتالية، في الجهاد ضد المحتل.
في عام 1988م وبعد فترة وجيزة على اندلاع الانتفاضة الأولى، أُصيب أبو هنود خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، واعتقل على إثرها لعدة أشهر.
بعد إطلاق سراحه، أصبح عضواً ناشطاً في حركة «حماس» بنابلس، وفي مطلع العام 1992م، كان من ضمن الـ400 قيادي الذين أبعدوا إلى قرية مرج الزهور في جنوب لبنان، لكن هذا الإبعاد دفع به للانخراط في النشاط العسكري، حتى صار أحد أبرز أعضاء «كتائب القسام».
شارك أبو هنود في تنفيذ العديد من عمليات إطلاق النار، بالإضافة إلى الإشراف على تنفيذ العمليات الاستشهادية عام 1997م، التي قتل فيها 21 «إسرائيلياً»، ما جعله أبرز المطلوبين للاحتلال.
يحسب للراحل دوره في تطوير حرب العصابات ضد الاحتلال، ونقل العمل العسكري إلى جنين، كذلك يعد من مخططي تسليح المقاومة بالأسلحة المضادة للدروع، وهذا ما حدث لاحقاً في قطاع غزة مع قذائف «الهاون»، و«آر بي جي»، و«الياسين».
تعرض الشهيد للعديد من محاولات الاغتيال، أولها في 26 أغسطس 2000م، حين اشتبك مع مجموعة جنود في الوحدات الخاصة لجيش الاحتلال، وقد تمكن من قتل ثلاثة منهم، والفرار بعدها.
بعد ذلك ألقت السلطة الفلسطينية القبض عليه وحكمت عليه بالسجن لمدة 12 عاماً؛ بتهمة الانتماء لحركة «حماس».
عاود الاحتلال اغتياله عبر قصف السجن المركزي في مدينة نابلس في مايو 2001م، بعدما اعتقلته السلطة الفلسطينية، لكنه تمكن للمرة الثانية من الخروج حياً من تحت الأنقاض.
وفي فجر يوم 24/ 11/ 2001م، أقدمت طائرات «الأباتشي» على استهداف سيارة أبو هنود بخمسة صواريخ؛ الأمر الذي أدى لاستشهاده هو ومعه اثنان من رفاقه.
وعلق الجنرال إسحاق إيتان، قائد المنطقة الوسطى، حينها، في جيش الاحتلال «الإسرائيلي»، على عملية الاغتيال بالقول: إنه الصيد الثمين الذي طالما بحثنا عنه في كل بقعة من بقاع الضفة الغربية، إنه الكابوس الذي أقلق مضاجعنا ردحـًا من الزمن.