«هوش جالدين رمضان يا سلطان الشهور»، بمثل هذه العبارات وغيرها، يستقبل الأتراك شهر رمضان المبارك، الذي يكسو تركيا بحلة روحانية مميزة عن باقي العام، فرمضان هنا سلطان الشهور كما يسميه الأتراك.
ولرمضان في تركيا مظاهر مميزة، وعادات ترتبط بالشهر الفضيل، منها:
– المحيا:
هذه العبارات باللغة التركية مثل «أهلاً أو مرحباً رمضان، وسلطان الشهور»، التي تزين ما بين منارات المساجد في تركيا، تُسمى «المحيا»، وهو تقليد عثماني قديم يقال: إنه بدأ لأول مرة في عهد السلطان أحمد الأول، بتعليق زينة المحيا بين مآذن مسجد السلطان أحمد أو كما يُعرف بالجامع الأزرق.
و«المحيا» عبارة عن قناديل ضوئية تمتد بين مآذن المساجد، وتُكتب بهذه القناديل أو المصابيح عبارات دينية واجتماعية وتتغير عادة طوال الشهر، وقديماً كانت تُصنع بالقناديل التي كانت تضاء بالزيت، لكن فيما بعد باتت تستخدم المصابيح الكهربائية.
أما العبارات التي تتم كتابتها بـ«المحيا» فتتنوع وتتغير خلال شهر رمضان، ففي أوله تُكتب العبارات الترحيبية بالشهر التي تذكر الناس بقيمته، مثل «مرحبًا سلطان الشهور، مرحباً شهر رمضان، الصيام زكاة الجسد»، وخلال الشهر تُكتب عبارات أخرى مثل «المؤمنون إخوة، لا إله إلا الله»، وعبارات تحض على عدم الإسراف في الطعام، وآيات قرآنية وأحاديث نبوية، وفي أواخر الشهر تكتب عبارات وداع رمضان، وفي أوقات جائحة كورونا كانت أغلب عبارات المحيا تركز على أدعية بالشفاء والسلامة.
– المقابلة:
كما تتزين المساجد من الخارج بـ«المحيا»، ومن الداخل بأفواج المصلين، فإنها تتزين كذلك يومياً بـ«المقابلة»؛ وهي أن يجتمع مجموعة من الحفاظ والمستمعين في حلقة بالمسجد أو البيوت ويتناوبون التلاوة بصوت مسموع، وتقام عادة بعد صلاة الصبح أو قبل الظهر أو العصر، ويُختم جزء من القرآن يومياً، إذ يقرأ شخص فيما يستمع الآخرون في إنصات ويتابعون من المصحف ويتناوبون التلاوة، على أن يتم ختم القرآن الكريم بنهاية الشهر.
– صيام العصافير:
من باب تشجيع الصغار على الصيام وترغيبهم فيه والتمرس عليه، توارث الأتراك تقليداً عثمانياً معمولاً به في بلاد كثيرة وهو ما يسمى «صيام العصافير» لتشجيع الأطفال على الصيام حتى موعد أذان الظهر، وفي بعض البلديات تُقام إفطارات جماعية للصغار عند أذان الظهر، يسبق الإفطار عرض مسرحي وفقرة للحكواتي يقص على الصغار قصصاً تناسب أعمارهم.
– المسحراتي:
كما في كثير من البلاد العربية، تعرف تركيا أيضاً مهنة «المسحراتي»؛ وهي موروث عثماني كذلك، لكنها ليست عشوائية كما في بعض حارات البلاد العربية كما في مصر، بل تخضع لإشراف البلديات، ووفق رئيس اتحاد جمعية مخاتير إسطنبول، فإن 3350 مسحراتياً يعملون هذا العام في جميع بلديات إسطنبول.
– خبز البيدا:
من العادات التي يحرص عليها الأتراك قبيل الإفطار في شهر رمضان، تناول خبز «البيدا» الذي يُعد خصيصاً لرمضان، فيصطف الناس طوابير أمام الأفران للحصول على هذا الخبز ساخناً قبيل أذان المغرب.
– الإفطارات الجماعية:
تنتشر في الساحات والميادين في تركيا إفطارات جماعية من تنظيم البلدية أو الهيئات، وكذلك يكثر خروج العائلات للإفطار في الساحات أو الحدائق العامة سواء بإحضار إفطارهم أو الشواء في المناطق المخصصة لذلك.
وعن الأطعمة، فإن الأتراك يبدؤون إفطارهم بتناول الشوربة، وتعد الفاصوليا والبيلاف (الأرز)، و«كفتة داود باشا» من أشهر الأطباق على مائدة الأتراك، وبعد الإفطار.
وتقيم المساجد التركية التي تزدحم بشكل ملحوظ بالرجال والنساء (لهن مكان مخصص للصلاة)، صلاة التراويح والشفع والوتر 23 ركعة، يتلو الإمام آيات قصيرة في كل ركعة.
– الخرقة الشريفة:
يحرص كثير من الأتراك في رمضان على زيارة جامع «الخرقة الشريفة» في حي الفاتح بولاية إسطنبول، لرؤية عباءة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجامع الخرقة الشريفة أقيم في العهد العثماني لاستقبال البردة الشريفة التي جرى نقلها إلى إسطنبول.