بجانب ركام منازل تراكمت فوق بعضها وتحتها جثامين 20 غزيًا، اجتمع النازحون في مخيم شمال قطاع غزة يكبرون للعيد ويدعون الله أن يفرج كربهم.
وجوه شاحبة، وأخرى تتأمل أن يأتي العيد بالفرج، قلوب تتألم لأن الأحباب قد رحلوا شهداء بعد أن كانوا برفقتهم العيد الماضي، بينما يقف الصحفي هاني أبو رزق على بعد أمتار من تجمع النازحين.
لوحة كبيرة حملها هاني كتب عليها: «جاء العيد، من فقد أحدًا من أحبابه فليأخذ وردة»، وبجانبه صندوق يمتلئ وردًا أحمر وسط الألم، في محاولة لزرع المحبة بين أحزان الحرب.
أسماء نعيم واحدة ممن فتق العيد ومراسمه جرحها، فقد اعتادت تلك العائلة أن تلتقط صورًا بعد صلاة العيد للأم والأب والبنات الثمانية والأحفاد، بينما أتى العيد اليوم بلا سماح المبهجة وابنتها لارا، ودون شيماء ببسمتها وابنها العبقري الفذ تيسير، وبلا بتول الهادئة صانعة الفرح في العيد، وبلا ليا ابنتها الطفلة الجميلة التي تنتظر كل عام العيد وفساتينه، حيث استشهدوا جميعًا في قصف وهم نيام في بيتهم بداية يناير في ليلة حالكة من ليالي الحرب.
آلاء القطراوي الشاعرة الفلسطينية التي انقطع الاتصال بأبنائها الأربعة منتصف ديسمبر، كانت تدعو أن يكون هدية عيدها نفي خبر قصف المنزل فوق رؤوس أطفالها وارتقائهم شهداء، بينما انسحب ليلة العيد الجيش «الإسرائيلي» من المنطقة التي يقطنونها، فتأكدت من خبر استشهادهم وكان عيدًها لا يمكن وصف وجعه.
بين الخيام يجلس الأطفال في رفح، يسألون أمهاتهم: هل العالم خارج غزة مثلنا أم اشتروا ألعابًا وفساتين؟
ولأن الاحتلال أبشع من أن يوقف عدوانه ساعات العيد، فقد قصف بيوتًا على رؤوس ساكنيها وارتقوا شهداء، وكان عيد غزة شهيدًا جريحًا ومؤلمًا.
وحين سئل أطفال غزة اليوم عن أمنياتهم في العيد كانت إجاباتهم مختلفة؛ «نعود إلى بيوتنا، تعيش أمي تاني، أروح عالجنة عند أبويا، نرجع للمدرسة، أطلع ألعابي من تحت الركام»، فكيف كبر هؤلاء الأطفال ونسوا بهجة العيد وألعابه وبهجته؟!
سرق الاحتلال من أهل غزة فرحة العيد، ولم يبق لهم أي مرسم من مراسم البهجة، امتلأت حياتهم بالحسرة والقهر من الفقد ونقص الأموال والأنفس، عدا عن الشقاء الذي يعيشونه في الطوابير اليومية.