– أتدري ماذا صنعنا من أجل فلسطين؟
قلت: وما يدريني؟
فأخذ سمت الزهو والفخار وقال: احزِرْ.
قلت: أحسبكم قد جمعتم لهم ذهباً عربياً تحاربون به الذهب الصهيوني، وتنشئون به جمعية تشتري كل أرض تُعرَض للبيع وتقطع السبيل دونها على الجمعيات الصهيونية، وهذا خير ما تصنعون، فليس يَفِلّ الحديدَ إلا الحديدُ، وليس يغلب الذهب إلا الذهب.
– لا، ما جمعنا شيئاً.
– إذن فأنتم قد أقسمتم بأغلظ الأيمان، وأعطيتم العهود الشِّداد، أنكم لا تشترون ولا تتوسطون في شراء بضاعة صهيونية أو إنكليزية، وأنكم تسيرون عراة إذا أعجَزَكم ما تسترون به
أجسادكم إلا منها، لتُروا العالم أنكم أمة من الأحياء، وأنكم لستم من الجنون بحيث تشتمون عدوكم ثم تعطوه من مالكم ما يشتري به السيفَ الذي به يذبّحكم!
– لا، ما أقسمنا هذا القَسَم ولا قاطَعْنا.
– أحسبكم إذن تريدون أن تساعدوهم بسواعدكم، وهذا حسن، ولعلكم بعثتم إلى إخوانكم في فلسطين بعثاً يكون معهم لله وللدم، لا للاستغلال الحزبي والفخر الكاذب!
– لا، لا.. احزر.
– لست أستطيع الحَزْر.
– لقد خطبنا في «الأموي» خطباً كالنار!
– حسبك؛ لقد فهمت، فاسمع ما صنع زميلكم من قبل: خرج بإبل له كثيرة يرعاها، فاعترضه قاطع طريق فذهب بها، ووقف صاحبنا ينظر إليه، ثم عاد إلى أمه يقول: «أوسعته شتماً وأَوْدَى بالإبل»! وأنتم أوسعتموهم خطباً ومظاهرات وأَوْدَوا بفلسطين.. يا للعار!
أمَا إن الخطب والمظاهرات تبني مجداً، ولكن في الهواء! فابنوا يا أيها الناس مجداً في الأرض ثابتاً، أو فاصمتوا.
إن قضية فلسطين تحتاج ذهباً وسواعد لا خطباً ومظاهرات!
__________________
من كتاب «البواكير».