النجاح ليس عطية تُعطى، ولا إرثاً يورث، بل نتاج عمل جبار، وسهر بالليل والنهار؛ هكذا تؤكد حياة المسلمين المهاجرين الذين حصدوا ثقة العالم بإنجازاتهم المبهرة للبشرية، وتخطّيهم لتحديات الغربة وأوهام التفوق المتعالية في عقل الرجل الأبيض.
في السطور التالية، ترصد «المجتمع» بعض قصص النجاح للمُلهمين العرب والمسلمين الشباب، الذين حصدوا نجاحات مذهلة.
1- لاجئ فلسطيني ساهم بعلاج «كورونا»:
من مخيمات النيرب في حلب، خرج اللاجئ الفلسطيني د. محمد إبراهيم زيدان، وقد أنهى دراسته للكيمياء الحيوية بتفوق في سورية، وبعد اندلاع الثورة هاجر إلى لبنان وعمل متطوعاً في منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني، لكن وكل اللاجئين الفلسطينيين ظل زيدان يعاني قسوة المعيشة؛ فاضطر للهجرة إلى البرازيل لإكمال مسيرته العلمية.
أتقن زيدان اللغة البرازيلية خلال 14 شهراً فقط، وعدّل شهادته في جامعة فيسوزا الفيدرالية، وعمل كمحاسب صندوق في أحد المطاعم قبل أن يفتتح مطعماً خاصاً للمأكولات ليغطي نفقاته، ولكن حلمه العلمي ظل يُراوده؛ فالتحق بشركة متخصصة بإنتاج الأدوية وأشرف على مشروع شركة أمريكية دولية لربط أجهزة التحليل المتطورة، ومنذ ذلك الحين عُرف زيدان ببراعته، والتحق بمعهد بوتانتان الحكومي البرازيلي، وهي أكبر مؤسسة بحثية في مجال اللقاحات في أمريكا الجنوبية، وحصل بفضل إنجازاته على العضوية الدائمة بمجلس الكيمياء الأعلى، وهو يساهم في إنتاج اللقاحات المضادة للفيروسات ومنها فيروس «كورونا».
2- عربي في جمعية القلب الأوروبية:
حصل الطبيب المصري الشاب حاتم سليمان، استشاري الحالات الحرجة، على تكريم وعضوية جمعية القلب الأوروبية، وهو وسام يمنح سنوياً لثلاثة خبراء حول العالم تقديراً لجهودهم.
تخرج سليمان في جامعة الإسكندرية، وتخصص في طب الحالات الحرجة، ثم انطلق إلى بريطانيا وعمل بمستشفى هيرفيلد الذي أجرى به د. مجدي يعقوب أول عملية قلب مفتوح، وقال: إن حلمه لا يزال تزويد أطباء الشرق الأوسط بمستجدات هذا العلم، خاصة مع ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب.
3- أول مسلم يقود حزباً بريطانياً:
قبل عامين، كان اسم السياسي وطبيب الأسنان الشاب أنس ساروار وصورته مع زوجته المحجبة ملء الصفحات الأولى لوسائل الإعلام الدولية؛ كونه أول مسلم يقود حزباً سياسياً في بريطانيا، وهو حزب العمال الإسكتلندي، متغلباً على منافسيه البريطانيين.
نشأ ساروار في أسرة باكستانية مسلمة، وكان والده أول برلماني مسلم في بريطانيا عن حزب العمال، وقد عمل أنس الابن بالطب ثم اتجه للبرلمان والمشاركة السياسية، وتم تصعيده في حزب العمل، وانتخب في قائمة «MSP» لجلاسكو في عام 2016م، وقد اهتم بقضايا السلامة في مستشفى ملكي وتم التحقيق معه، كما اهتم بتخطي المجتمع لمعضلة العنصرية والتمييز ضد غير البيض، وقد تلقى تهديدات بالقتل ولأسرته التي تضم 3 أطفال، كما تعرض للتمييز ضده بعد قيادته للحزب عام 2017م، وتم إخباره بأن ذلك يرجع لدينه ولون بشرته! ومن هنا أسس ساروار ائتلافاً لمكافحة «الإسلاموفوبيا» في البرلمان عام 2018م حتى وصل لرئاسة الحزب عام 2021م.
4- أول محجبة في البرلمان الأسترالي:
تعد فاطمة بيمان ذات الأصول الأفغانية أول نائبة محجبة في تاريخ البرلمان الأسترالي، وهي عضوة سابقة في حزب العمال، ومن المدافعات عن حقوق فلسطين، ولهذا فقد قررت الاستقالة من حزب العمال لتصبح نائبة مستقلة في مجلس الشيوخ بعد موقف الحزب من غزة.
كان جد بايمان عضواً في البرلمان الأفغاني، واضطرته الظروف للهجرة خارج البلاد، وقد عمل الأب في مهن بسيطة ليوفر حياة كريمة لأسرته، متوجهاً لباكستان في البداية ومنها هاجر لأستراليا واجتمعت به أسرته، وقد روت ابنته كيف كانت تستمع له على العشاء يحدثها عن أحلامه من أجل أبناء وطنهم، ولكنه مات بالسرطان وعانى طويلاً، وانضمت هي لحزب العمال للدفاع عن حقوق العمال مثل أبيها.
5- داليا مجاهد.. مؤثّرة مسلمة صاعدة:
«80% من التغطيات الإخبارية عن المسلمين تكون سلبية»، هكذا صرحت داليا مجاهد، وهي مستشارة سابقة في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وواحدة من أكثر النساء تأثيراً في العالم العربي.
وقد صعد نجم مجاهد بعد سلسلة محاضرات عن أوضاع العرب والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر وحالة «الإسلاموفوبيا» التي اجتاحت الغرب، ومزجتها بحياتها الشخصية، وهي باحثة مصرية حاصلة على شهادة الهندسة الكيميائية، ولكنها دأبت على دراسة أوضاع المسلمين حتى أصبحت حالياً مديرة تنفيذية لمركز كالوب للدراسات الإسلامية، إضافة لعضويتها بمراكز مرموقة للتواصل الإسلامي الغربي.
6- منصة خان التعليمية تغزو العالم:
في عام 2008م، كان الشاب الهندي الأصل سلمان خان، الذي يعيش بولاية لويزيانا الأمريكية، يسعى لمساعدة ابنة عمه في دروس الرياضيات، عبر فيديوهات لشرح المواد بشكلٍ مبسّط، وهو شاب مثابر تخرج في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وتخصص في الرياضيات، ثم حمل درجتين للماجستير في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسب، لم يكن خان يعلم أن قناته البسيطة ستتحول لمنصة عالمية في التعليم الإلكتروني، بل وتغيّر من مفاهيم التعلم عن بعد وخاصة للمواد العلمية كالفيزياء والكيمياء والرياضيات.
كان حلم خان بناء مدرسة افتراضية مجانية عالمية، وسعى لتعلم كيف يرسم الدروس ويسجلها بأشكال بسيطة، وقد اعتمد طريقة وهي ورقة وقلم وحفنة أقلام، كما تعاون مع كبرى المنصات التعليمية مثل «College board» لجعل المحتوى أكثر تفاعلية مع الطلاب في مراحل التعليم والاستجابة لأسئلتهم وآرائهم، وأصبحت «خان أكاديمي» ملاذاً للطلاب مع انتشار جائحة «كورونا»، وفي ظروف استثنائية اجتاحت بلدان أفريقيا وآسيا.
وقد دعا بيل جيتس، عملاق «ميكروسوفت»، لأن يستمع العالم لقصة خان عبر منصة «تيد»، والقيّم في الأمر أن المؤسسة لا تستهدف الربح وتعتمد على التبرعات والإعلانات على شبكة الإنترنت إلى جانب اشتراكات رمزية، وقد اختارت مجلة «TIME» مؤسس «خان أكاديمي» ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في حياتنا.