لنتخيل أننا كلنا قد استأجرنا حافلةً تنقلنا إلى مكانٍ بعيد، ثم بدأ الوهن يتسلل إلينا من طول الطريق، وبدأنا بالانسحاب من هذه الحافلة، ستدفع المنسحبة الأولى أجراً زهيداً، والتي ستصل المبتغى ستدفع الثمن الباهظ!
وهكذا طريق النصر، من أراد الوصول للمحطة الأخيرة، لا بدّ أن يكابد وهن الطريق، ويدفع ثمن النصر الباهظ من وقته وماله ودمه، بطيب نفس.
أردّد على مسامعي ومسامعهم هذه الكلمات بعد كلّ تضييقٍ وتخويفٍ يمارسه الاحتلال على حلقات العلم، مما يدبّ الخوف والقلق والترقب في قلوب بعض الأخوات!
فمن تصويرٍ بكاميراتهم الساذجة لوجوه الحاضرات بقصد الترهيب، لسياسةٍ أعلى وهي مناداة بعض الأخوات للتحقيق، ثمّ الانتقال لمرحلةٍ جديدة تؤسس لما بعدها من وضاعتهم ودناءة مخططاتهم، فقد بدؤوا بحصر أسماء الحاضرات وذلك عن طريق حجز هويّاتهنّ.
أوقفني مرةً صهيونيٌّ قبل دخولي طالباً هويّتي، لم أكن قد عهدتُ من قبل شيئاً من هذه الإجراءات والتشديدات، حاولتُ أن أفهم السبب وأناقش الجنديّ ليقترب منّي حارسٌ من حراس وزارة الأوقاف قائلاً: “أعطوهم الهوية وادخلوا، يوماً ما الأقصى ح يصير زي المصلى الإبراهيمي”.
ناولته الهوية بلا وعيٍ بعد هذه الكلمات ودخلت للأقصى أستذكر حلقاتنا التي بدأت بحلقةٍ واحدة صغيرة وبدأت تكبر رويداً رويداً لنقسمها لحلقتي “عائشة” و”خديجة”، ثم ازداد العدد لتنقسم كل حلقة لحلقات أخرى وانتقلنا من ساحة المصلى المرواني لساحة المسجد القبلي لتستوعب ازدياد الأعداد، هل يظنون حقاً أنهم قادرون على إرهابنا ومنعنا بعد أن وصلنا لهذه المرحلة بعناء؟ هل حقاً قد يتمكنون من انتزاع موافقتنا في تقسيم الأقصى كما فعلوا بالحرم الإبراهيمي؟
نظرتُ إلى نفسي أبحث عن دوري بهذه المرحلة، وجدتُ أنّ الله رزقني بفضله محبة الناس، فقررت أن اسخر هذا الحب لخدمة الأقصى وإنماء المشروع رغم كل التضييقيات، سأسخر محبتهم لأخاطب عواطفهم المرهفة أستحثها لحماية الأقصى الذي استأمننا الله عليه، وأخاطب عقولهم الثاقبة أستحثها لحماية العقيدة والوقوف بوجه أعدائها.