يبدو أن اسم فاطمة اسم مبارك، كيف لا وهو اسم ابنة نبي الله فاطمة الزهراء عليهما السلام، وأمامي ثلاثة إنجازات عجيبة لثلاث فواطم، فلنطلع عليها سوياً:
تعمل فاطمة الأولى خادمة لإحدى العائلات الكويتية لأكثر من 30 سنة، تزوجت خلالها وأنجبت، وبلغت 55 عاماً، وأصيبت بمرض السكري، وبدأ عليها التعب والعمل بتباطؤ، فسأل صديقي: أما آن لهذه المسكينة أن تعود لبلدها وترتاح؟!
فقال صاحب البيت: عليها مسؤوليات عديدة لأسرتها، وأبناؤها يدرسون في الجامعة، وتكاليف الدراسة كثيرة، ونحن نخفف عنها العمل، وكان الله في عونها.
وافتقدها صاحبي بعد سنة، فسأل عنها، فابتسم صاحب البيت وقال: لقد عادت فاطمة لبلدها وارتاحت، واستقرت في منزلها مع أبنائها، ولم يهنأ لها بال حتى حققت هدفها.
قال صاحبي: أكيد كان هدفها تعليم أولادها، هل تخرجوا؟
فأحضر صاحب البيت صورة مسجد صغير جميل، ومكتوب عند بابه على حَجَر رخامي كبير عبارة بالخط الأسود “مسجد فاطمة”، وقال: لقد كان هدف فاطمة أن تبني مسجدا من تعبها ومالها، ليكون صدقة جارية لها، وبركة في حياتها وبعد مماتها، وها هي قد حققته بجهدها دون مساعدة أحد، وعادت لتعيش باقي حياتها مع أسرتها في إندونيسيا.
نعم.. لقد وضعت الخادمة فاطمة هدفاً دنيوياً سامياً، ليتحقق أجره في الدنيا والآخرة، وهي الفقيرة والبسيطة وغير متعلمة.
أما فاطمة الثانية، فهي السيدة الفاضلة فاطمة بوقمبر الكويتية، التي اشترت حانة في مدينة شيفيلد في بريطانيا، وحولتها إلى “مركز فاطمة بوقمبر الإسلامي” وبه مسجد، وفصول دراسية للقرآن، وسبق ذكر قصتها في مقال سابق.
ونفسها فاطمة بوقمبر أيضاً اشترت مبنى كبير في أمستردام، ليكون “مركز فاطمة بوقمبر الإسلامي” في هولندا، وأيضاً وسبق ذكر قصتها في مقال سابق.
ومن لطائف القصص والمواقف، أن امرأة كويتية كانت في جولة سياحية بين سويسرا وفرنسا، ومرت على مدينة سان لوي الفرنسية المحاذية لمدينة بازل السويسرية، ودخلت مسجدا صغيراً للصلاة، فسألت إدارة المسجد عن سبب صغر وتواضع هذا المسجد، وأبدت رغبتها ببناء مركز إسلامي مكانه، وبالفعل تم افتتاح “مركز نورة الإسلامي”، ولا أعلم من هي نورة، لكن الله يعلمها.
وزارت امرأة كويتية أيضاً ضمن جولتها السياحية مدينة سترازبورج الفرنسية، وذهبت للصلاة في المسجد التابع لمعهد الأندلس، فوجدته صغيراً، فتكفلت به، وتم افتتاحه، وأطلقت عليه “مسجد الناصر”، ولا أعلم من هو الناصر، ولا أعلم من هي تلك المرأة، لكن الله يعلمهما.
هذه نماذج سريعة لمبادرات نسائية كويتية جاءت قدراً، فكان لهن الأجر والمثوبة، وحتى مسجد فاطمة في إندونيسيا، فقد كانت صاحبته مقيمة في الكويت، فانطبق عليها المثل “من عاشر قوماً أصبح منهم”.
وبلا شك هناك مئات من هذه الأمثلة الجميلة، فقد أنهى أبو عبدالعزيز بناء 100 مسجد في عدة دول، والهدف بناء 1000 مسجد، فضلاً عن المعاهد والمشاغل.. وغيرها.
وهكذا هم أهل الكويت ومقيموها.. مبادرون بلا حدود، فحفظ الله الكويت بأعمال أبنائها المخلصين.