ذكرى النكبة السبعين التي تحل في هذه الأيام يعيش الشعب الفلسطيني تفاصيلها المؤلمة في الداخل والشتات وفي سجون الاحتلال، فالأسرى تمر عليهم ذكرى النكبة ومصلحة السجون تحاول عزلهم بشتى الوسائل والسبل.
“المجتمع” هاتفت العديد من أسرى سجن النقب الصحراوي الذين يستطيعون التواصل مع العالم الخارجي بقدرات يتقنونها رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
الأسير أحمد المحكوم ثلاث سنوات قال: نشاهد عبر شاشة التلفاز قوة شعبنا في إحياء ذكرى النكبة وارتقاء الشهداء في غزة في مسيرة العودة الكبرى وإطلاق الرصاص عليهم بهدف القتل بالرغم من سلمية المسيرة، وهذا يؤلمنا أن الدماء ما زالت نازفة وإجرام الاحتلال لم يتوقف، بالرغم من مرور 70 عاماً على النكبة، فأنا من عائلة لاجئة من قرية الشيخ مونس قرب يافا، وعند النكبة اضطر جدي وأبي الذي كان صغيراً للهجرة إلى مناطق الضفة الغربية، وقد حدثني والدي عن جمال قريتنا وكيف تم طردنا من قبل العصابات الإرهابية الصهيونية.
وأضاف: عندما تم اعتقالي بتهمة مقاومة الاحتلال قلت للمحقق: أنا لاجئ ويجب أن أعود إلى قريتي الشيخ مونس، عندها جن جنون ضابط التحقيق وقال: أنت مجنون! هذه أرضنا أرض “إسرائيل”، وتركني وهو في حالة نفسية متوترة.
أما الأسير عزات يقول: في ذكرى النكبة يسرد الأسرى لبعضهم البعض التفاصيل التي أخبروها لهم الآباء والأمهات عن جمال أرضهم وقراهم التي هجروها، فوالدتي الثمانينية قالت لي: في قرية كفر سابا قرب قلقيلية كان لنا أرض ومنزل كبير من عدة غرف، وكنا نرسل البطيخ والشمام والخيار والفقوس والتين والبرتقال إلى سوق يافا المركزي في سيارة كبيرة تأتي كل يوم تقوم بجمع البضائع من القرية.
ويضيف: الأسرى يتبادلون هذه القصص والتفاصيل، وهي بمثابة شحذ للذاكرة، وتواصل بين الأجيال فهذا هو التواصل المعرفي الذي يخشى منه الاحتلال.
ويسرد الأسير موسى من قلقيلية المحكوم 53 شهراً أجواء ذكرى النكبة في غرفتهم داخل سجن النقب ويقول: تفاصيل النكبة بالرغم من أنها مؤلمة فإنها مؤثرة، فالنكبة دخلت في كل بيت فلسطيني، ولكل بيت قصة معها، وفي غرفتنا وثقنا هذه التفاصيل التي يحملها زملاء الأسر، وتبقى هذه التفاصيل لمن يأتي بعدنا من الأسرى، فظاهرة الأسر لا تتوقف في ظل الاحتلال، والسجون تتعاقب عليها أجيال من الأسرى في كل فترة، ووجود وثائق عن النكبة بشهادة أسرى يعرفون تفاصيلها من الآباء والأجداد له فائدة كبيرة وعظيمة، فكلما كانت المعلومات متوافرة كانت القضية المركزية المتمثلة بالنكبة وحق العودة للديار حاضرة، فهذا التاريخ يتم خطه بيد الأسرى في مدافن الأحياء.
الأسير خالد عن الإبداع الفلسطيني في ذكرى النكبة السبعين المتمثل بمسيرة العودة الكبرى والقريبة من سجن النقب الصحراوي قائلاً: خلال متابعتنا للإعلام العبري المرئي والمسموع والمكتوب، والخوف الذي يلفهم من هذه المسيرة، ينتابنا شعور بالنشوة، فمن حشود سلمية وطائرات ورقية اهتز عرش دولتهم، والإرباك سيد الموقف في المؤسسة الأمنية والسياسية في الدولة العبرية، وهذا النجاح للفلسطينيين بعد مرور 70 عاماً على النكبة يسجل لهم أنهم شعب لا ينسى أرضه وجذوره.