أيام قليلة ويبدأ مضمار السباق مجدداً.. سباق مدته ثلاثون يوماً (أي ثلاثون فرصة للفوز).. وجائزته “العتق من النار”؛ أي تحرير الرقبة من النار.
إن كل رمضان يأتي هو بمثابة فرصة جديدة يمنحها الرحمن لنا علنا نفوز بالعتق.
إنه مضمار سباق تقرع فيه صفارة البدء مع الإعلان بالدخول لشهر الفضيل؛ حيث تعلو المساجد بأصوات التراويح وتفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين وتضاعف الأجور.. نواميس الكون تتغير.. يهيئ لنا الرحمن أجواء الطاعة والعبادة ولا يبقى علينا سوى أن نشحذ همتنا ونجدد عزمنا ونصدق في جهدنا.
وقبل البدء في هذا المضمار، لا بد لنا من وقفة نستشعر فيها أن هناك من رحلوا عنا ولم يكتب لهم بلوغ هذه الفرصة مجدداً، وهناك من هم معنا ولكن أعيا أجسادهم المرض فلن يتمكنوا من السباق معنا بالقوة اللازمة، إن كل ذلك يؤكد لنا أن بلوغ هذا المضمار مجدداً ونحن نتمتع بأثواب الصحة والعافية يعد نعمة تستوجب الشكر.. وينبغي علينا أن ندون عميق الشكر في أول ليلة من هذا المضمار.
ويقودنا ذلك أيضاً إلى أن نجدد نيتنا لله تعالى في كل عمل اعتدنا القيام به.. نجدد النية في الذهاب إلى العمل بأن العمل جزء من العبادة، ونجدد النية في زيارة الأقارب بأنها تحقيقاً لصلة الرحم، إن تجديد النية في كل أعمالنا بحد ذاته كفيل بتحويل بعض عادتنا إلى عبادات نؤجر عليها.
ونتذكر دائماً أننا على موعد مع موطن لإجابة الدعاء دبر كل صلاة، فلا ننسَ بأن نرفع أكف الضراعة ملحين بالدعاء بأن نكون من الفائزين بالعتق.
إن هذه الأيام الثلاثين خصها الرحمن بخصائص مختلفة ووضع لها أهدافاً محددة ينبغي لنا السعي لتحقيقها.
نبدأ السباق ونصب أعيننا “إن لله في كل ليلة عتقاء من النار”؛ أي في كل ليلة هناك فائزون.. وكل يوم هو فرصة جديدة لنا.. وستنتهي هذه الفرص بانتهاء هذا المضمار ولا ندري أندرك مضماراً غيره أم هو مضمارنا الأخير.
هنيئاً لكل من سيكون من الفائزين هذا العام.. هنيئاً لتلك الأرواح الطاهرة التي ستعتق هذا العام.. هنيئاً لكل من سيطوق بطوق النجاة.