لاحظت اهتماماً كبيراً وتشدداً في هذه المسألة على صفحات التواصل الاجتماعي إلى حد أن البعض قرر عدم الأضحية، حتى لا يقع في المحرَّم بالأخذ من شعره وظفره!
واهتمام المسلمين بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ حسَن وظاهرة طيبة، لكنْ علينا أن نضع الأمور في نصابها، وأن نهتم بالفرائض والواجبات اهتمامنا بالسنن والمندوبات.
ومن الأخطاء الشائعة: اعتقاد أنه يلزم المضحي وأهل بيته ترك الأخذ من شعره وبشره، والصحيح أنه مختص بالمضحي الدافع لثمن الأضحية دون غيره.
والأصل في هذه المسألة حديث أم سلمة في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره وبشره شيئاً.
وخلاصة ما أراه راجحاً في المسألة هو رأي أبي حنيفة أنه لا يحرم ولا يُكره للمضحي أن يأخذ من شعره وبشره في عشر ذي الحجة وذلك لما يلي:
اختلاف العلماء في رفع حديث أم سلمة ووقفه كما اختلفوا في دلالته فقال المالكية والشافعية بالكراهة وقال الحنابلة بالتحريم، والأوضح منه حديث عائشة رضي الله عنها: فتلتُ قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم فلم يحرم عليه شيء مما أحل له.
لا يُتصور التحريم في شعيرة أصل حكمها سُنة وهي الأضحية.
لم يقل أحد من الفقهاء بوجوب شيء على من أخذ من شعره وظفره حتى الحنابلة الذين حرموا ذلك.
كيف يُمنع المضحي من الأخذ من شعره وظفره ولا يمنع من لقاء زوجته؟!
المدة التي يمنع فيها المضحى من الأخذ من شعره وظفره أكبر من مدة إحرام أغلب الحجاج خاصة المتمتعين منهم، على أن القول بتشبه المضحي بالمحرم منقوض بإباحة الطيب والجماع وغير ذلك من محظورات الإحرام.
وعليه فمن وجد سعة وكانت طبيعة عمله تسمح بالامتناع عن ذلك عشر ذي الحجة فليفعل محتسباً الأجر، ولا ينكر على غيره ولا يُلزِم أهل بيته ومن يضحي عنهم بذلك.
والله أعلم.
(*) رئيس لجنة الفتوى بألمانيا وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.