حالة من الإرباك والضبابية تسود أوساط القيادة السياسية للكيان؛ فمن تهديد بالحرب مرورًا بقطع الوقود القطري إلى المناكفات والاعتراضات.
صورة تعكس مدى إصرار أهل غزة على الخلاص من الحصار الخانق وعنوانهم لتحقيق ذلك “مسيرات العودة”.
يتابع “المركز الفلسطيني للإعلام” الأجواء الجديدة التي طرحها الإعلام العبري، حول تخبط القيادة السياسية للكيان في مواجهة “مسيرات العودة” ووسائلها المختلفة.
جرأة غير مسبوقة
القناة 12 العبرية قالت: إن المجلس الأمني “الكابينت” سيعقد جلسة تقديرية على خلفية التوتر في الجنوب وقطاع غزة.
وكتب المحلل العسكري لصحيفة معاريف تال ليف رام مقالا تحت عنوان “لعبة التصادم.. حماس وإسرائيل على شفى الحرب”، قال فيه: إن وقف ضخّ الوقود الممول من قطر لغزة يُبقي أمام الطرفين خيارين فقط؛ إما أن يتراجع أحدهم، أو التصعيد والمواجهة العسكرية والسؤال هو: كيف يمكن ردع من سيطر عليه اليأس؟!
وأشار إلى أن “الحدث الأمني الذي وقع يوم الجمعة الماضي شرق البريج، ونتج عنه اختراق الحدود، والاقتراب من نقطة مأهولة بالجنود ومهاجمة جندي، يعدّ حدثًا خطيرًا وتصعيدًا جديدًا للتظاهرات، ويجب أن نشعل الإنارة الحمراء للتحذير من وقوع أحداث مشابهة، وأكثر دموية ضد الجنود على الحدود في الأسابيع القادمة”.
ويضيف المحلل أنه على مدار أكثر من 6 أشهر، تدير حماس مواجهات “عنيفة” ضد “إسرائيل” على حدود قطاع غزة، على أساس أن هذه التظاهرات شعبية وليست “عنيفة”، ويبدو أن الجماهير المشاركة بهذه التظاهرات تدرك جيدا أنها سوف تتعرض لنيران الجيش الإسرائيلي، ولكنهم لا يأبهون لذلك.
توجهات جديدة
وقال: إن جرأة الغزيين خلال تصعيد التظاهرات في الأسابيع الأخيرة تعبر عن توجهات جديدة؛ هناك مجموعات جريئة جدا تقترب كثيرا من الجنود دون خوف، وتحاول تحقيق إنجازات عسكرية، هؤلاء الأبطال بعيون الغزيين أصبحوا نماذجَ للتقليد والمحاكاة لبقية المتظاهرين، والأمور بدأت تتزايد رغم موافقة “إسرائيل” على دخول الوقود المموّل من قطر.
ويتابع الكاتب: “في الأسابيع الأخيرة استبيحت منطقة الجدار، وانهارت الأنظمة والقوانين الأمنية عند الحدود، التي لم يكن لأحد أن يتجرأ على الاقتراب منها بالماضي، وأصبحت هذه المنطقة رمزًا لمقاومة إسرائيل”.
تقليص الردع
ويكشف المحلل عن إدراك الجيش صعوبة تحقيق الردع ضد أناس مدنيين، “مستعدين للموت على الحدود، ومستعدين لتعريض حياتهم للخطر مقابل الوصول إلى الجنود والمساس بهم”، ويقول: “بالعكس؛ إجراءات إسرائيل العسكرية ضد هؤلاء لتعزيز الردع قد تضر بمكانة إسرائيل الدولية، ومع التفاهمات الجديدة وموافقة إسرائيل على إدخال الوقود القطري إلى غزة، يجب إعادة صياغة الخطوط الحمراء أمام حماس”.
وختم المحلل العسكري: تقلص الردع الإسرائيلي أمام حماس، جاء عقب تقلّص الرد العسكري على كل تظاهرة، وقرار ليبرمان الدراماتيكي لوقف ضخ الوقود هو مجرد محاولة للتأثير على الأحداث، عمليًّا “إسرائيل” وحماس سيستمرون بهذه “اللعبة” على الحدود عدة أسابيع أخرى، وبعد قرار ليبرمان يبقى هناك ثلاثة خيارات؛ وهي: تراجع “إسرائيل” والاستمرار في ضخ الوقود رغم استمرار الأحداث على الحدود، أو تراجع حماس، أو المواجهة العسكرية.
استنفاد الخيارات
وفي السياق ذاته نقلت صحيفة هآرتس عن أمنيين إسرائيليين معارضتهم قرار ليبرمان بقطع الوقود القطري عن القطاع، وبيّنوا أنه قد يضطر ليبرمان إلى التراجع عن تصريحاته؛ لأنه لا يمكن وقف تزويد غزة بالوقود والغاز عدة أيام دون أن يتسبب ذلك بتصعيد الأمور الأمنية أو زيادة تأزم الأوضاع الإنسانية في غزة.
وكشفت الصحيفة -صباح اليوم- النقاب عن وجود معارضة داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية؛ لقرار وزير الحرب الإسرائيلي، وأنه يجب التمييز بين الذي تزوده “إسرائيل” من وقود للقطاع وبين الذي تموّله قطر.
ونقلت صحيفة يديعوت عن وزير الحرب ليبرمان قوله: “قبل الذهاب إلى الحرب يجب علينا استنفاد جميع الخيارات الأخرى؛ لأنه عندما نرسل جنودًا إلى المعركة ندرك أن بعضًا منهم لن يعودوا إلى ديارهم؛ لذلك يجب علينا استنفاد كل وسيلة أخرى. لقد حولت حماس العنف على السياج إلى سلاح استراتيجي تأمل من خلاله تقويض صمودنا”، حسب زعمه.
النزول عن الشجرة
وفي تصريح لليبرمان قال: إن “إسرائيل وصلت إلى مرحلة يجب فيها تسديد ضربة قاسية لحماس بغزة. الوقود القطري لم يغير المعادلة، ولن يؤثر كثيرا على حماس، وهي مصرة على الاستمرار بالتظاهرات على الحدود دون الموافقة على التوصل إلى تهدئة أو صفقة تبادل”.
وفي السياق نفسه، نقلت شبكة ريشت كان العبرية عن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان قوله: “نفضل الوصول إلى ترتيب على حساب إدخال حلول مدنية لا مشاريع كبيرة. حماس هي المسؤولة عن كل ما يحدث، وإذا لم نرَ في الأيام القليلة القادمة ترتيبًا يعيد السلام، فهناك احتمال كبير أننا سنصل إلى معركة واسعة النطاق”.
وفي سياق متصل عرضت صحيفة “يسرائيل هيوم” محاولة من مجموعة الوسطاء الذين سيصلون هذا الأسبوع إلى “إسرائيل” وغزة “إنزالَ الطرفين عن الشجرة”، وفق تعبيرها؛ “حماس عن شجرة العنف على السياج الذي وصل إلى مرحلة جديدة يوم الجمعة، وإسرائيل عن التوقف التام عن دخول الوقود إلى قطاع غزة”، حسب تعبيرها.
وبينت أن سلسلة الوسطاء هم: ممثل الأمم المتحدة ملادينوف، ونائبه، ورئيس المخابرات المصرية، ومسؤولون قطريّون، فضلا عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين بعضهم سوف ينتقل إلى رام الله في محاولة لإقناع أبو مازن برفع يده عن خنق غزة.