تقود الخطبة الناجحة لزواج ناجح وسعيد والعكس صحيح، وكيف لا؟ فالخطبة الناجحة تؤسس لتعارف حقيقي وصادق وتضع القواعد التي سيبنى عليها الزواج بأوقات الرضا والغضب، ولا تنس الخطبة الذكية الخطوط الحمراء والصفراء التي يجب وضعها ليلتزم بها الطرفان دائماً.
نبدأ بالأمور التي يجب للجنسين فعلها بالخطبة:
– منها المجاملة اللطيفة للطرف الآخر وأسرته بدون مبالغة، فاللطف بالتعامل يعطي رسالة للآخر وأسرته أنه حريص على المودة والاحترام ويجيد تقديرهم وهو رصيد جيد يجب الحرص عليه بعد الزواج، ونكرر بلا مبالغة حتى لا يحصد نتائج سيئة مع اختيار توقيت المجاملة بذكاء لتبدو تلقائية وغير متعمدة، فالتكلف يفسد كل شيء.
صدق ومصارحة
– ونوصي بالصدق الذكي وقول الحقائق بلا تزييف وبلا حدة أو كلام جارح، فإذا لم يعجب الخاطب شيئاً بتصرفات خطيبته فليخبرها ولا يتجاهل ولا يقل لنفسه أريد الاستمتاع بمباهج الخطبة وسأوجله لبعد الزواج، فهذا أبشع خطأ شائع؛ فعندما تفعل الخطيبة نفس الخطأ بعد الزواج لاعتيادها عليه، وينكره –عندئذ- ستشعر وهي محقة؛ أنه تغير ويتصيد لها الأخطاء وسترفض بقوة وتتهمه بالإساءة إليها، وسيتجنب ذلك لو صارحها – بذكاء- بالخطبة أنها ستكون أفضل إذا تصرفت بأسلوب مختلف ويلخصه بأقل كلمات وبلا كلام مستفز، مثل كيف تصرفت هكذا، أو لم أتخيل يوماً ما فعلته، فهذا الكلام مقدمة لمشاجرة وليس لتقريب وجهتي النظر.
وعندما ينتهي من الكلام يقول بلا توسل وبعيداً عن الأوامر: أثق أنك ستفعلين الأفضل، ثم يغير موضوع الحديث بلطف وسيحصد المكاسب بمشيئة الرحمن، وللخطيبة فعل نفس الشيء إذا لم يعجبها تصرف من خطيبها.
– ومن المهم الاتفاق بوضوح تام بكل الجوانب المادية المتعلقة بتفاصيل الزواج وإعداد بيت الزوجية وعدم التأجيل، وأن يتم ذلك قبل إعلان الخطبة، مع مناقشة أدق التفاصيل والاتفاق عليها برضا الطرفين وأسرتيهما، والتأكيد أن أي تراجع عن الاتفاقات المادية غير مقبول، فمعظم المشكلات أثناء الخطبة وبعض مشكلات الزواج تحدث لأسباب مادية ويجب إغلاق الأبواب المؤدية إليها.
حزم بلا عدوانية
نتمنى إخبار الطرف الآخر بتوقعاتك منه بالخطبة وبالزواج وبأهم الأمور وعدم ترك مشكلات أو مضايقات بلا حل، كأن تحدث مشكلة عابرة بين الخطيبين أو بين الأسرتين، فنود عدم المبالغة بتفسيرها وكأنها كارثة تنذر بسوء الاختيار، فقد يكون الأمر سوء تفاهم أو بالون اختبار ليرى ما الذي سيتجاوز عنه الطرف الآخر بالخطبة وبعدها، ومن المهم جداً عدم تجاهل أي شيء يمس بالكرامة أو يخالف الاتفاقات المادية حتى لا يصنع الطرف المتجاهل تعاسته بيده، مع التحلي بالحزم ويختلف عن العدوانية، فالأول يكون رد الفعل قوياً مع الابتعاد عن الحدة أو الكلمات القاسية بعكس العدوانية التي تعني الهجوم وتحويل الأمر لمعركة كلامية يخسر فيها الجميع.
– تذكر أهمية ألا يتعامل معك الطرف الآخر وكأن استمرارك معه بالخطبة وبالزواج مضموناً مهما أساء إليك أو تراجع عن تعهداته؛ فلا بد أن تعلمه احترام مشاعرك واحترام أسرتك فتقديرها من تقديره لك، دون مبالغة، ولا تقبل منه أي سخرية منك أو من أهلك ولو بالمزاح ولا تفعل ذلك معه.
– اهتم بالاستماع إليه جيداً ولا تقاطعه عندما يسترسل بالكلام حتى إذا كنت تريد الكلام عن شيء مهم؛ دعه يشعر بأنك تضعه بمكانة مهمة، والاستماع الجيد يجعلك تتعرف عليه جيداً وعلى أسرته ليس للتقييم ولكن لتعرف كيف تعامله.
– تعرف على عيوبه ولا تبررها ولا تنكرها وقارنها بميزاته وتأكد أنك مقتنع تماماً بأن مميزاته أهم من عيوبه.
– كن واقعياً بتوقعاتك منه ومن أسرته، فلن يغير حياته لإرضائك ولن يتنافسوا بالاهتمام بك، فسيواصل الجميع حياتهم وستكون جزءاً فقط يضاف لاهتماماتهم.
– تعرف على هواياته واهتماماته وصداقاته فستفهم منها شخصيته أكثر وستعرف كيف تفوز بأفضل تعامل معه.
– استخدم الفرامل المكابح لمنعه من التعدي على أولوياتك؛ فالبعض أولوياته رفض النكد والعناد بكل أشكاله، وارفض التدخل الزائد بحياتك الخاصة، ولا تقبل بمحاولات التأثير بالدلال الزائد من الخطيبة عليك فهو محرم شرعاً، وينذر بمشكلات مستقبلية، فسيقل تأثير الدلال وستبقى المشكلات الصعبة، وللخطيبة ارفضي أسلوب المبالغة بالهدايا لفرض رأي لا توافقين عليه.
– لا تتنازل عن شيء مهم لك، كمبادئك أو علاقتك بأسرتك لإرضائه فسيعتاده وسيطلب المزيد، ولا نطالبك بإعلان الحرب وكن وسطاً بين التنازل والتشدد.
– تحكم بإعجابك وعاطفتك، واجعل عقلك القائد تربح، والعكس صحيح، ولا تحاول تغييره وتقبله كما هو، كما يتقبلك، ولا توافق على أي شيء يطلبه لتغيير أمر يخصك إلا برضاك، وأن يعرض عليك التغيير بأسلوب لائق، وإذا لم يعجبك الأسلوب لا تتجاهله حتى لو اتفقت مع المضمون.
– لا تجعل الطرف الآخر يعتاد على مصالحتك له حتى لو كان مخطئاً، ولا تجعله يعتاد على وجودك الدائم بحياته؛ ابتعد قليلاً ليفتقدك، ولا تحاصره بالاهتمام ولا تكثر من الهدايا ولا من الكلام اللطيف فكل ما زاد عن حده تحول للضد.
– لا تقبل بتهديده بفسخ الخطبة عند المشكلات، فسيهددك بالطلاق مستقبلاً عند أول مشكلة، ومهما شعرت بالارتياح، لا تخبره بأسرار أسرتك أو علاقتك معهم، ولو غضبت منهم؛ فسيعايرك بها عند أول خلاف كما يحدث دائماً.
– لا تخبره بتجاربك العاطفية، أو بتفاصيل خطبة سابقة؛ فحياتك السابقة تخصك وحدك، ولا تفتح أبواب الانتقاد والمقارنات ومشكلات وغيرة ستؤلمك.
– للبنات لا تجعلي خطيبك محوراً لحياتك، بل إضافة جيدة، ولا تقاطعي صديقاتك بعد الخطبة، ولا تهملي هواياتك، وتابعي توسيع حياتك تربحين، والعكس صحيح، وللشباب لا تتعامل مع خطيبتك وكأنها الوحيدة التي تفهمك، وتابع تحسين علاقتك بأسرتك وبأصدقائك.
– لا تخبر الطرف الآخر بتفاصيل حياتك وأخطائك، ولا تكذب لتحسين صورتك، واهتم بالحديث عن الأمور العامة كإدارة شؤون الأسرة وتربية الأولاد وتصوراتك لمستقبلك الوظيفي وطموحاتك بالحياة واهتم بردود فعل الطرف الآخر.
– إذا أخطأت؛ لا تكابر وسارع بالاعتذار بلا توسل، ولا تكرره، واقبل اعتذاره عندما يخطئ، وإذا كرره لا تتجاهل التكرار فيصبح عادة، فالاعتذار الحقيقي هو الذي لا يكرر صاحبه أخطاءه معك.
– لا بد من الاتفاق على عدم تدخل للأهل في المشكلات بالخطبة وبعد الزواج؛ فستكبر وتخرج عن السيطرة، والعكس صحيح، واحرص على أسرار الطرف الآخر، ولا تجعل تفاصيل خطبتك مشاعة بين الأصدقاء أو على وسائل التواصل الاجتماعي، فكلما زادت الخصوصية نجحت الخطبة والزواج، والعكس صحيح دوماً.
– لا تتكلم مع خطيبتك بالأمور الحميمية، فهذه الأمور لا يصح شرعاً الكلام بها قبل عقد القرآن، وإذا تكلمت معها أثناء الخطبة فستتجاهل عيوباً قاتلة لتواصل هذا الكلام أو ستتورط بتجاوزات تشوه الخطبة، وتذكر دائماً أن الخطبة وعد بالزواج وليست زواجاً وقد شرعت للتعارف فاظفر بأفضل تعارف.
– لا تسمحي لخطيبك بالكلام الحميم وارفضيه بحزم.
– تجنب الحديث بوقت متأخر ليلاً، حيث فرص الضعف والتجاوزات تزيد بهذه الأوقات، واحرص على الفوز بخطبة نقية وطاهرة ليرضى عنكما الرحمن ولتكون بداية لزواج ناجح وسعيد كما أدعو لكل البنات والشباب.