أدانت مشيخة الأزهر الشريف، الهجوم الإرهابي المروع الذي استهدف مسجدين في مدينة ” كرايست تشيرش” بنيوزيلندا، أثناء أداء صلاة ظهر الجمعة، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات.
وحذرت في بيان وصل “المجتمع ” من أن الهجوم يشكل مؤشرا خطيرا على النتائج الوخيمة التي قد تترتب على تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا، حتى تلك التي كانت تعرف بالتعايش الراسخ بين سكانها.
وشدد الأزهر الشريف على أن ذلك الهجوم الإجرامي، الذي انتهك حرمة بيوت الله وسفك الدماء المعصومة، يجب أن يكون جرس إنذار على ضرورة عدم التساهل مع التيارات والجماعات العنصرية التي ترتكب مثل هذه الأعمال البغيضة.
وطالب د.أحمد الطيب شيخ الأزهر بأن يتم بذل مزيد من الجهود لدعم قيم التعايش والتسامح والاندماج الإيجابي بين أبناء المجتمع الواحد، بغض النظر عن أديانهم وثقافاتهم.
وكان مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، كشف في أحدث تقاريره عن الإسلاموفوبيا في نهاية شهر فبراير الماضي أن كافة وسائل الإعلام الغربية تسعى جاهدةً إلى استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا في محاولة منها لتحويل “الجاني” إلى “ضحية”.
وقال في تقريره الذي رصده”المجتمع” :” لقد أضحت ظاهرة “الأعمال العدائية ضد الإسلام والمسلمين”، أو ما يُطلق عليه الغرب “الإسلاموفوبيا”، شكلًا من أشكال العنصرية المتسلطة على الإسلام والمسلمين. وانتشرت هذه الظاهرة بكثرة خلال العقود الأخيرة في الدول الغربية، وخاصة في أعقاب الهجمات الإرهابية التي ضربت تلك الدول، وعلى رأسها هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت بمثابة تحوّل قوي في العلاقات بين الدول الغربية والدول الإسلامية بشكل عام، ما يُوحي في أذهان البعض بأن هذه الظاهرة مرتبطة بشكل وثيق مع الهجمات الإرهابية، وهو أمرٌ خاطئ؛ لأنّ الأعمال المُعادية للإسلام والمسلمين باتت تُرتكب في الغرب بشكل يومي وليس عند وقوع هجوم إرهابي .. ما يجعل مصطلح “الإسلاموفوبيا” غير دقيق في توصيف حالة الكراهية وأعمال العنف التي يتعرّض لها المسلمون في مختلف الدول”.
وأضاف المرصد : ” إننا إذا ما رجعنا إلى مصطلح “الإسلاموفوبيا” نجده مكونًا من كلمتين: الأولى كلمة “الإسلام”، والثانية كلمة “فوبيا”، والتي تعني الخوف الشديد المَرَضي والرّهاب غير العقلاني من شيء ما، وهذا يطرح تساؤلًا من الأهمية بمكان: هل مصطلح “الإسلاموفوبيا” يُعَبِّرُ عن “الضحية” أم “الجاني”؟! ، وعندما نُمعن النظر في الوضع الراهن، نجد أنّ كافة وسائل الإعلام الغربية تسعى جاهدةً إلى استخدام هذا المصطلح في محاولة منها لتحويل “الجاني” إلى “ضحية”.
واستنكر التوجه الغربي في استخدام المصطلح قائلا :” وكأن مرتكب العمل العدائي هو إنسان مريض يُعاني من “فوبيا” الإسلام والمسلمين، وذلك كنوع من تبرير سلوك الجاني، ولزيادة الخلط بينه وبين الضحية، فيتحول الجاني إلي ضحية، فينسى الجميع العمل العنصري الذي تعرّضت له الضحية الأساسية، ويُفكر في “الجاني” كأنه هو “الضحية” لرد فعل على بعض الأعمال التي يرتكبها عدد قليل، من أصحاب الفكر المشوَّه، ممن ينتمون للدين الإسلامي، والذين ليس لهم قاسم مشترك مع شركائهم المسلمين الأبرياء في الوطن سوى الانتماء لنفس الدين، ما يجعل من هذا المصطلح “وصمًا عنصريًّا”. فإذا كان الأمر كذلك فأيّ مصطلح يُعَبِّرُ عن الأعمال العدائية التي يتعرّض لها المسلمون بكثرة في المجتمعات الغربية؟”.
وقارن التقرير بين استخدام مصطلح “معاداة السامية ” والاسلاموفوبيا ” قائلا :” إذا ما نظرنا إلى مصطلح “مُعاداة السامية” نجد أنه يُشير بوضوح إلى “الجاني” على أنه “عدو”، وهو ما يجعل “الضحية” واضحة، دون خلط بين “الجاني” و”الضحية”. فلماذا يستخدم الإعلام الغربي مصطلحين نقيضين في وصف الأعمال العدائية التي تُرتكب ضد أصحاب ديانتين؟. فعندما نستخدم مصطلح “الإسلاموفوبيا” يأتي في الأذهان في أول وهلة بأنَّ الإسلام هو “الجاني” بينما عند استخدام مصطلح “مُعاداة السامية” نجد أنَّ اليهودية هي “الضحية” وكأنَّهم لم يستخدموا اللفظَ بل طوَّعوه لرغبَتِهِم. لذا يجب على الإعلام الغربي ضرورة الحِيادية في استخدام المصطلحات التي تُوصِّف الاعتداءات بحق أصحاب الديانات”.
وشدد المرصد على أن مصطلح “الإسلاموفوبيا” يعكس النظرة غير الحِيادية التي يتعامل بها الإعلام الغربي مع الإسلام والمسلمين، كما يعكس انعدام الثقة في الإسلام والمسلمين، والتي تُعَدُّ وقودًا للأعمال العدائية ضد المسلمين في المجتمعات الغربية.
ووفق وسائل الاعلام أكدت الشرطة النيوزيلندية سقوط العشرات بين قتلى وجرحى في هجومين وقعا على مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش بجزيرة ساوث آيلاند، وأعلنت احتجاز ثلاثة رجال وامرأة بعد وقوع الهجومين.