فرضت تسريبات وإرهاصات “صفقة القرن” الأمريكية نفسها، التي ينوي الرئيس الأمريكي طرحها للعلن بعد عطلة عيد الفطر، على فعاليات ونشاطات وبيانات التفاعل مع الذكرى الـ71 للنكبة الفلسطينية.
فمنذ 71 عاماً والفلسطينيون يحيون سنوياً في الوطن والشتات ذكرى “النكبة”، مؤكدين تمسكهم بحق العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها قسرا عام 1948، غير أنهم يرون أن الذكرى هذا العام مختلفة، في ظل هجمة غير مسبوقة تستهدف مشروعهم التحريري، وحقهم في العودة.
ويُطلق الفلسطينيون مصطلح “النكبة” على عملية تهجيرهم من أراضيهم، على أيدي “عصابات صهيونية مسلحة” عام 1948، ويحيونها في 15 مايو، من كل عام، بمسيرات احتجاجية ومعارض تراثية تؤكد ارتباطهم بأراضيهم وحقهم في العودة إليها.
في العام 1948 أُعلن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أراضٍ فلسطينية، ووقعت ثلاثة أرباع فلسطين تحت سيطرتها، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية، وأصبح قطاع غزة تحت الإدارة المصرية.
صفقة القرن
ويرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، في حديث لوكالة “الأناضول”، أن لذكرى النكبة هذا العام خصوصية، في ظل مخططات تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في ديسمبر 2017 اعتراف بلاده بالقدس المحتلة عاصمة لـ”إسرائيل”، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس المحتلة في 14 مايو الماضي، ومحاولة تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ودعا أبو يوسف إلى التصدي لخطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميا بـ”صفقة القرن”، التي أعلنت واشنطن أنها ستكشف عنها بعد شهر رمضان الجاري.
ويتردد أن تلك الخطة تقوم على إجبار الفلسطينيين “بمساعدة دول عربية” على تقديم تنازلات مجحفة لصالح “إسرائيل”، خاصة بشأن وضع مدينة القدس المحتلة وحق عودة اللاجئين.
ويشدد أبو يوسف على أن الشعب الفلسطيني موحد في مواجهة الخطة، ومتمسك بحق العودة.
يوم عن فلسطين
فيما دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، في بيان، الفلسطينيين إلى المشاركة في إحياء الذكرى، واعتبار الأربعاء (ذكرى النكبة) يوما تعليميا عن فلسطين وتاريخها، لإبقاء الذاكرة حيّة في قلب وعقل كل فلسطيني.
ويقول رئيس “اللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حق العودة”، محمد عليان: إن الشعب الفلسطيني يحيي الذكرى الـ71 في ظل أخطار وتحديات صعبة؛ جراء الموقف الأمريكي، الذي يهدد المشروع الوطني.
ويتابع رئيس اللجنة التابعة لمنظمة التحرير: الولايات المتحدة تخطط لتصفية قضية اللاجئين عبر صفقة القرن.
ويشدد على أن الكل الفلسطيني موحد ومتمسك بحقوقه، وفي مقدمتها حق العودة.
ومنذ الاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة عاصمة مزعومة لـ”إسرائيل”، يرفض رئيس السلطة محمود عباس، التعاطي مع أي تحركات أمريكية في ملف السلام، ويدعو إلى إيجاد آلية دولية؛ بسبب الانحياز واشنطن لإسرائيل.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس المحتلة عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال “إسرائيل” للمدينة عام 1967، ولا ضمها إليها في 1981.
70 مذبحة
في العام 1948، هجرت العصابات الصهيونية قرابة 800 ألف من أصل 1.4 مليون فلسطيني، من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.
كما تم تهجير آلاف آخرين، لكنهم ظلوا داخل نطاق الأراضي التي خضعت لسيطرة “إسرائيل” لاحقاً.
وبحسب بيانات رسمية فلسطينية، ارتكبت العصابات الصهيونية، خلال “النكبة”، أكثر من 70 مجزرة ومذبحة بحق الفلسطينيين؛ ما أودى بحياة ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني.
وسيطر الاحتلال الإسرائيلي خلال مرحلة “النكبة”، على 774 قرية ومدينة فلسطينية، دمر 531 منها بالكامل، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه.
وفقاً للجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فإن عدد الفلسطينيين تزايد 9 مرات منذ النكبة، ليبلغ بنهاية 2018 نحو 13.1 مليون نسمة، منهم 6.02 مليون لاجئ.
وأضاف الجهاز، في بيان بمناسبة الذكرى، أن نحو 28.4% من اللاجئين يعيشون في 58 مخيماً رسميا تتبع لوكالة “أونروا” الأممية، بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 في سورية، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية (بما فيها القدس)، و8 مخيمات في غزة.
ولفت الجهاز إلى أن البيانات الحكومية لعام 2017 أظهرت أن اللاجئين يشكلون 43% من الفلسطينيين المقيمين في فلسطين.
لكن تلك التقديرات تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين؛ لوجود عدد غير مسجل لدى “أونروا”، إذ لا يشمل الإحصاء من تم تشريدهم بعد عام 1949، وحتى عشية حرب يونيو 1967، وأيضاً من تم ترحيلهم على خلفية تلك الحرب.
ومن بين العدد الإجمالي للفلسطينيين حول العالم، يعيش حوالي 6.48 مليون نسمة (49%) في “فلسطين التاريخية”، وهي: الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة و”إسرائيل” (الأراضي المحتلة عام 1948).