تتساقط الثلوج بانتظام كل مساء خلال العطلات في ذا جروف، وهو مركز تسوق أنيق في حي فيرفاكس في لوس أنجلوس. يحضر مئات من أجل مشاهدة العروض الليلية لما يعد أقرب وسط في لوس أنجلوس يحتفل بعيد الميلاد الأبيض.
في هذا العام سيكون لدى صانعي المرح في العطلات صحبة أكثر من المعتاد بعد أن عزز مالك العقار، كاروسو، الحضور الأمني في ذا جروف باستدعاء أفراد الشرطة خارج ساعات الخدمة وحتى بإحضاره أعضاء فرق الأسلحة الخاصة.
يأتي هذا التعزيز بعد موجة من السرقات في لوس أنجلوس وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة – بما في ذلك محاولة اقتحام متجر نوردستروم في ذا جروف في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر). حينها استخدم نحو 20 من المشتبه بهم المطارق لمحاولة اختراق النوافذ الأمامية لمتاجر التجزئة، لكن تم إبطاؤهم بسبب طبقة بلاستيكية أضافها كاروسو لتقوية الزجاج. وتم إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص.
قال ريك كاروسو، المطور العقاري الذي يملك ذا جروف: “إنه عرض قوة ضخم للغاية”، مبينا أنه درب الضباط على أن يبدو ودودين حتى لا يكسروا روح العطلة.
لم يكن تجار التجزئة الآخرون محظوظين على هذا النحو في صد مجموعات اللصوص المنظمة. في متجر لوي فيتون في أوك بروك، إلينوي، قام 14 شخصا بحشو أكياس بلاستيكية كبيرة بالملابس وبضائع أخرى تزيد قيمتها على 120 ألف دولار في تشرين الثاني (نوفمبر). وفي كاليفورنيا، استعادت السلطات أخيرا ثمانية ملايين دولار من البضائع المسروقة من تجار التجزئة سي في إس وتارجيت وولجرينز، إلى جانب 85 ألف دولار نقدا. وأغلق وولجرينز خمس صيدليات في سان فرانسيسكو لأن السرقات هناك بلغت خمسة أضعاف المتوسط في بقية البلاد.
أدت هذه الموجة من السرقات إلى زيادة الضغط على تجار التجزئة الذين يشعرون بالفعل بالضغط الناجم عن مشكلات سلسلة التوريد والتسوق عبر الإنترنت الذي شهد زيادة كبيرة بسبب الجائحة. وعزز هذا الأمر نقاشا وطنيا ساخنا حول انضباط الشرطة وإصدار الأحكام في الولايات المتحدة. ويقول رؤساء الشركات إن هذه الأحداث أثارت الرعب في قلوب موظفيهم.
كوري باري، الرئيس التنفيذي لشركة بست باي، قال للمحللين الشهر الماضي: “يمكنكم أن تروا هذا الضغط في بياناتنا المالية. والأهم من ذلك، بصراحة، يمكنك أن تروا هذا الضغط مع شركائنا. هذا أمر صادم لشركائنا وهو غير مقبول البتة”.
وجد مسح أجراه الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة في آب (أغسطس) أن 57 في المائة من أعضائه شهدوا زيادة في الجرائم المنظمة التي تستهدف التجزئة أثناء الجائحة، وأن ثلثاهم تقريبا شهدوا عصابات اللصوص تصبح أكثر عنفا مما كانت عليه في الأعوام الماضية.
كانت القائمة التي عددت أسباب الارتفاع في السرقات متنوعة، بما فيها ضعف الأمن، والتغييرات في إرشادات إصدار الأحكام، ونمو الأسواق عبر الإنترنت. وكانت أكثر العناصر المسروقة الملابس الفاخرة، ومنظفات الغسيل، وحقائب اليد، وأدوية الحساسية.
الخميس الماضي كتب رؤساء 20 محل تجزئة، من بينهم سي في إس وهوم ديبو وتارجيت، إلى زعماء الكونجرس لحثهم على التصرف. وحذروا من أن “الشبكات الإجرامية والشركات عديمة الضمير استغلت نظاما يحمي هوية أعضائها عند بيع منتجات غير آمنة أو مسروقة أو مقلدة، مع قليل من التبعات القانونية”.
وعلى وجه التحديد، يريد تجار التجزئة من الكونجرس فرض قيود على الأسواق عبر الإنترنت – بما في ذلك تلك التي تديرها أمازون وأي باي – حيث يمكن للصوص أن يبيعوا البضائع المسروقة، ويدعون مجلسي النواب والشيوخ لتمرير قانون النزاهة، والإخطار، والإنصاف في أسواق البيع بالتجزئة عبر الإنترنت الخاصة بالمستهلكين.
ومن شأن مشروع القانون الذي أيده الحزبان، والمعروف باسم “قانون إبلاغ المستهلكين”، أن يجبر مواقع إعادة البيع التابعة لجهات خارجية على التحقق من الهوية والتفاصيل المصرفية ومعلومات الاتصال لأي من باعة الكميات الكبيرة الذين يتاجرون في أكثر من 200 منتج أو أكثر من خمسة آلاف دولار من القيمة الكلية للبضائع في العام.
مع ذلك، اعترف رؤساء المتاجر بأنه “لا توجد إجابة بسيطة” على موجة جرائم البيع بالتجزئة، التي يعزوها خبراء الصناعة أيضا إلى حجم الوجود الشرطي، والاضطرابات الاجتماعية مثل وباء المواد الأفيونية، وتغيرات حقبة الجائحة التي شهدت إطلاق سراح مجرمين صغار كان سيتم احتجازهم في انتظار دفع الكفالة.
قال توني شيبارد، مدير حلول منع الخسارة في شركة ثينك إل بي، التي تبيع البرمجيات لتجار التجزئة، إن معظم محامي المقاطعات لا يزالون يتعاملون مع جرائم التجزئة المنظمة مثل السرقات الصغيرة، ما يوفر رادعا قليلا للمجرمين المحتملين. “يتمثل التحدي في تثقيف الأشخاص ووكالات إنفاذ القانون والمدعين العامين بشأن الفرق بين الإثنين، وضمان محاكمة شخص يرتكب جريمة بيع بالتجزئة منظمة بشكل مختلف تماما عن شخص يقوم بسرقة متاجر فقط”.
ينقسم المسؤولون المحليون حول أفضل استجابة لهذه المشكلة. قالت لوري لايتفوت، عمدة شيكاغو، هذا الأسبوع إنها “تشعر بخيبة أمل” لأن بعض المتاجر في شارع ميتشجان لا تفعل المزيد لتوظيف ضباط الأمن، والإقفال على البضائع في الليل، وربط حقائب اليد الفاخرة بالسلاسل.
لكن كاروسو، المطور العقاري، قال إن تعيين حراس أمن إضافيين يزيد من الضغط على صغار تجار التجزئة الذين يعانون ارتفاع تكاليف العمالة ومشكلات العرض. بدلا من ذلك ألقى باللوم على تدابير الحد من العقوبة على الجرائم غير العنيفة – وتحديدا اقتراح كاليفورنيا رقم 47. يذكر أن قانون 2014 أعاد تصنيف بعض جرائم السرقة وحيازة المخدرات من جنايات إلى جنح، ما يعني أن التهمة الأكثر خطورة هي فقط سرقة البضائع التي تزيد قيمتها على 950 دولارا.
قال كاروسو الذي شغل منصب رئيس لجنة شرطة لوس أنجلوس وورد اسمه مرشحا محتملا لرئاسة البلدية في انتخابات العام المقبل، إن المقترح رقم 47 كان “حسن النية” لكنه فشل. “صناعة البيع بالتجزئة تحتاج إلى التعاون والضغط لإجبار الحكومة على اتخاذ إجراءات. عندما تقضي هذا الوقت الطويل في الحديث عن السلامة، فهذا يعني أن الحكومة خذلتك”.
من جانبه، قال جافين نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا، إن السرقات واسعة النطاق “غير مقبولة”، لكنه دافع عن المقترح رقم 47، قائلا إن سلطات إنفاذ القانون لديها ما يلزم لقمع عصابات الجريمة المنظمة. فقد أمر دوريات الطرق السريعة في كاليفورنيا بزيادة الدوريات بالقرب من كبار تجار التجزئة واقترح تخصيص مزيد من الأموال في ميزانية البلدية للعام المقبل لمكافحة سرقة محال التجزئة.
وردا على سؤال حول القضية هذا الأسبوع، قالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن إدارة بايدن تعمل مع وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي وسلطة إنفاذ القانون الفيدرالي لتضييق الخناق على جرائم التجزئة المنظمة، وأشارت إلى زيادة مقترحة في التمويل لبرنامج خدمات الشرطة المجتمعية.
في الأثناء، يتأرجح تجار التجزئة وراء دعوة لقوانين فيدرالية جديدة للقضاء على شبكات الجريمة المنظمة التي تنشط عبر ولايات متعددة واختصاصات قضائية متعددة. فبعد اجتماع في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، كررت جبهة الخلاص الوطني دعوتها لإنشاء مركز تنسيق مشترك بين الوكالات يمكن من خلاله لتجار التجزئة الإبلاغ عن أي نشاط إجرامي منظم، على غرار الطريقة التي تبلغ بها الشركات عن الهجمات الإلكترونية.
وإلى أن يكون هناك المزيد من التنسيق، فإن كاروسو يشعر بالقلق من أن صغار تجار التجزئة سيستمرون في المعاناة. “بالنسبة إلى الأشخاص مثلي الذين لديهم موارد للأمان، هذا أمر. لكن أغلبية الشركات هي شركات صغيرة وتعتمد على إنفاذ القانون لأمنها. هذا هو العيب في الأمر”.