يعاني الاقتصاد اليمني منذ أكثر من 7 سنوات حالة من التدهور الشديد نتيجة الاضطرابات السياسية الداخلية والحروب الأهلية المدعومة من الخارج؛ ما انعكس بالسلب على المواطن العادي حيث تدنى مستوى المعيشة للأسر اليمنية وتزايدت معدلات الفقر، لتتحول إلى أزمة إنسانية.
وهو ما أكد عليه تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، الصادر في 20 ديسمبر 2021، بأن الناتج المحلي الإجمالي لليمن انكمش بنسبة 50% بين عامي 2014 و2020.
تراجع حاد للريال اليمني هو الأعلى منذ بدء الحرب في هذا البلد
تدهور العملة
بالإضافة إلى تراجع العملة المحلية، حيث شهد الريال اليمني تراجعاً حاداً في سعر الصرف أمام جميع العملات الأجنبية هو الأعلى منذ بدء الحرب في هذا البلد قبل سبع سنوات ليصل إلى 1703 ريالات أمام الدولار الواحد.
قبل أن يعاود إلى نحو 800 ريال للدولار الواحد بعد قرار إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي، إلا أنه ما زال منخفضاً حيث كان متوسط سعر الريال اليمني قبل الحرب في عام 2015 عند متوسط 215 ريالاً للدولار الواحد.
نحو 16.2 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي
وأرجع البنك تدهور قيمة الريال اليمني إلى جملة من العوامل الظرفية والهيكلية، التي تتعلق بتراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية وتقلّص عوائد الصادرات المتأتية أساساً من صادرات النفط.
وصاحب تراجع العملة اليمنية ارتفاعاً في الأسعار حيث وصل معدل التضخم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة حيث يتوقع البنك المركزي وصوله إلى 40% خلال العام الجاري، ما أدى إلى تدهور مستوى المعيشة وانخفاض متوسط دخل الفرد الذي فقد حوالي 60 % من قيمته.
ما أفضى إلى العديد من الكوارث الإنسانية، حيث بلغ نحو 16.2 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي، بينهم أكثر من 9 ملايين نسمة مهددين بخطر المجاعة، وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا).
أسعار المواد الغذائية ارتفعت في أجزاء من اليمن أكثر من 90% في 2021
وذلك مع انخفاض ملحوظ في المخزون السلعي والتمويني، نظراً لاعتماد اليمن على استيراد أكثر من 80% لتغطية احتياجاته الأساسية من الغذاء والدواء.
تدابير قاسية
وقال البرنامج الأممي، في تغريدة عبر موقع “تويتر”: “ارتفعت أسعار المواد الغذائية في أجزاء من اليمن (الواقعة تحت سلطة الحكومة) أكثر من 90% في عام 2021”.
وأوضح البرنامج، في بيانه: أن هذا الواقع “يدفع العائلات في اليمن إلى اللجوء إلى تدابير قاسية، مثل أكل أوراق الشجر، للبقاء على قيد الحياة”، ودعا برنامج المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الجوع في اليمن.
نسبة الفقر في اليمن ارتفعت إلى 85%
وتشير التقارير والبيانات الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية، إلى أن نسبة الفقر في اليمن ارتفعت إلى 85% من إجمالي عدد السكان البالغ 30 مليون نسمة، ما يدفعهم إلى الاعتماد على المساعدات في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم.
وتتزامن تلك المعطيات مع انتشار وباء كورونا واستمرار ظهور حالات الإصابة، حيث ارتفع إجمالي إصابات كورونا في اليمن إلى 10092 حالة بتسجيل 36 إصابة جديدة خلال الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر الجاري، فيما سجلت 12 وفاة بـ”كوفيد-19″.
ما يتطلب توافر الأدوية وأن تكون في متناول اليد، إلا أنه وفق بعض الاستطلاعات الميدانية لبعض الصحف المحلية والعربية، فإن وضعية أسواق الدواء في عدد من المدن اليمنية تشهد قفزة في الأسعار تتجاوز 600%، خاصة في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت.
قفزة في أسعار الدواء تتجاوز 600% خاصة في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت
وبدأت السلطات الطبية اليمنية إجراءات فنية مع الأمم المتحدة لاستلام 1.2 مليون جرعة لقاح جديدة ضد فيروس كورونا، منها 800 ألف جرعة من لقاح “جونسون آند جونسون”، و400 ألف من “سينوفاك”، إلا أن هذا لا يعد كافياً.
في خضم ذلك، يبقى من الضروري تحييد الاقتصاد اليمني تماماً عن الحرب، والعمل على حل الملف الاقتصادي بشكل سريع، وتوحيد السياسة النقدية والمالية، بالإضافة إلى العمل على تقديم دعم مباشر للمواطنين سواء من قبل الحكومة أو المنظمات الدولية المانحة.
بالإضافة إلى تعزيز موارد البلاد من النقد الأجنبي لدفع الريال إلى مزيد من الصعود، عن طريق إعادة إنتاج وتصدير النفط والغاز، وتوريد قيمة المبيعات إلى حسابات البنك المركزي.