بعد أكثر من عام من الفراغ الدستوري والسياسي في الصومال وانتهاء ولاية الرئيس عبدالله فرماجو في عام 2021، يقترب الصومال من تحقيق بعض الاستقرار والعودة لضفاف الديمقراطية؛ بإجراء الانتخابات الرئاسية اليوم الأحد بين 36 مرشحًا، إضافة إلى الرئيس فرماجو الذي يسعى للفوز بفترة رئاسية ثانية.
ويُعد فرماجو من بين أكثر المرشحين حظاً للفوز بمنصب الرئاسة، إلا أن هناك 3 مرشحين آخرين أقوياء، وهم: رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري (2017-2020م)، والرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود (2012- 2016م)، والرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد (2009- 2012م).
وقد أعلنت الشرطة الصومالية حظرًا للتجول يستمر 33 ساعة في العاصمة مقديشو، من شأنه أن يُبقي جميع السكان تقريبًا في المنازل خلال اقتراع في البرلمان، حيث بدأ الحظر من الساعة التاسعة مساء يوم السبت ويستمر حتى الساعة السادسة صباح يوم غدًا الاثنين، ويُستثنى من حظر التجول نواب البرلمان ورجال الأمن والموظفون الآخرون المعنيون بالتصويت.
ويتم الانتخاب الرئاسي في الصومال بطريقة غير مباشرة، حيث يختار نواب البرلمان بغرفتيه، البالغ عددهم 329 عضوًا، رئيس الجمهورية. ووفق الدستور الصومالي فإن المرشح الذي يحصل على ثلثي الأصوات (219 صوتاً) من إجمالي عدد أصوات البرلمان في الجولة الأولى من الانتخابات، يفوز بمنصب الرئاسة.
وإذا لم يحدث ذلك، فإن المرشحين الأربعة الأكثر حصدًا لأصوات البرلمانيين يذهبون إلى الجولة الثانية، وبعدها يذهب المرشحان الأكثر حصدًا للأصوات إلى الجولة الثالثة والأخيرة، إذ يفوز المرشح الذي يحصل على نسبة 50+1 من الأصوات.
وقد تم الانتهاء من الانتخابات البرلمانية في الصومال، في أواخر أبريل الماضي، واختيار نواب مجلسي الشعب والشيوخ، حيث يضم مجلس الشعب 275 نائبًا، ومجلس الشيوخ يضم 54 عضوًا.
وتُعقَد الانتخابات الرئاسية في قاعدة حلني للقوات الأفريقية في حي وابري بمقديشو، وسط إجراءات أمنية مشددة، خلف جدران واقية من الانفجارات، تحسبا لهجمات يمكن أن يشنها المتشددون.
وتأتي هذه الانتخابات خلال أسوأ موجة جفاف يشهدها الصومال منذ أربعين عاما، وعلى خلفية عنف تشهده البلاد بسبب الحرب التي يشنها متمردون، والصراع الداخلي بين قوات الأمن والتناحر بين العشائر.
في حديثه لـ”المجتمع” قال الصحفي بموقع “الصومال الجديد” عبدالله الفاتح: إن هذه الانتخابات تجري وسط أجواء سياسية واجتماعية مشحونة، واهتمام دولي وإقليمي لافت، ولعل أهم ما يميزها هو حجم التنافس غير المسبوق على منصب رئيس الجمهورية، حيث بلغ عدد المتنافسين على المنصب 37 مرشحًا، ولكن القليل منهم هو من لديه فرصة للتقدم إلى الجولة الثانية.
وأكد الفاتح أن هذه الانتخابات ستكون مفصلية وحاسمة في تاريخ الصومال، كما أنها خطوة مهمة لتصحيح المسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، والتخلص من الثالوث البغيض، الاستبداد والإرهاب والفساد، الجاثم على رقاب الشعب منذ إنهاء العهد الديمقراطي الأول بشكل مأساوي، وتسلل العسكر إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري قاده الرئيس الراحل محمد سياد بري، في 21 أكتوبر 1969.
ويتوقع الفاتح، في ضوء المعطيات والمؤشرات الحالية، أن يخرج معظم المرشحين من السباق في الجولة الأولى للانتخابات، بمن فيهم الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو، ويتنبأ أن المنافسة يمكن أن تقتصر على الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود، والرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد، في حال عدم ظهور أي مفاجأة.
نحن الآن أمام الدقائق الأخيرة التي تفصل الصومال عن تحقيق الديمقراطية المفقودة، والاستقرار المأمول، هذه الدقائق الحاسمة والمرتقبة في تاريخ الشعب الصومالي قد تُغير الكثير والكثير في مستقبل الصومال، فهل يشهد الصوماليون انتخابات نزيهة ونتائج مرضية؟