استعاد شابان في غزة البصر، بعد أن تبرعت أسرة الشهيد وسيم عزام بقرنيتيه، ليستردا بصرهما بعدما كانا لسنوات طويلة يعانيان من مرض في العين.
وسيم (28 عاما)، كان مقاوما في نخبة كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستشهد في 23 سبتمبر الماضي، غرقا في البحر شمال قطاع غزة، وهو الشهيد الأول الذي تستجيب أسرته للتبرع في حملة “ومن أحياها” ضمن “البرنامج الوطني لزراعة القرنيات“.
شهيد تبرع لمصاب حرب
“إنه لفخر كبير أن يستعيد ابني البصر بقرنية شهيد”، يقول والد الشاب محمد حمدان (19 عاما)، الذي أصيب بحمى شوكية خلال الحرب (الإسرائيلية) الثالثة على غزة عام 2014، ألحقت ضررا بعينيه وقدرته على البصر.
وقال حمدان -للجزيرة نت- “كان محمد طفلا عندما اندلعت حرب 2014 (معركة العصف المأكول)، ونتيجة القصف الشديد -وكنا نقطن آنذاك في جباليا شمال غزة وفي منطقة تعرضت لغارات جوية صهيونية عنيفة- أصيب محمد بحمى شوكية أثرت على شبكية العين“.
ومنذ ذلك الحين لم تنجح محاولات أسرة محمد في الحصول على “تحويلة للعلاج في الخارج” لزراعة قرنية تعيد لابنها بصره الطبيعي، وقال والد محمد “إنه إنجاز كبير أن تجري عمليات زراعة القرنية في غزة في ظل الحصار وقلة الإمكانيات“.
وأضاف “تفتح مثل هذه العمليات أفقا كبيرا بالأمل للكثير من المرضى، الذين يواجهون صعوبات ومعوقات في الحصول على تحويلة من أجل العلاج في الخارج“.
ويشعر حمدان بسعادة مضاعفة، ويقول “سعادتي لا توصف، ابني استرد بصره وعافيته، والفضل بعد الله تعالى يعود لشهيد مقاوم، سيبقى ذكره حاضرا في الدنيا، وسيرى ابني النور طوال حياته بقرنيته”، مضيفا “نشعر الآن أننا دم واحد مع أسرة الشهيد وسيم، وتواصلنا لن ينقطع“.
وإثر هذه العملية، قرر والد محمد التبرع -بعد وفاته- بأعضائه لمرضى يحتاجون زراعة أعضاء ليستردوا صحتهم وعافيتهم، وقال “إنها صدقة جارية.. وأشجع الجميع للتبرع في سبيل الله“.
عطاء بلا حدود
وبثقة وبكلمات قليلة فسر من خلالها موافقته على التبرع بقرنيتي ابنه الشهيد وسيم، قال سمير عزام -للجزيرة نت- “شعبنا يستحق الحياة والتضحية.
“وسيم كان يحب الناس، ويسعى من أجل مساعدتهم وخدمتهم، وقد رأيت الفرحة في عيون شابين وأسرتهما، وهذا كان يسعد وسيم في حياته، وهو “صدقة جارية” عنه بعد استشهاده، يقول والد الشهيد، ويتابع “بفضل الله الآن أرى وسيم في عيون هذين الشابين، والحمد الله الذي جعل عطاء وسيم لا ينقطع حيا وميتا“.
ويقول أحمد ابن عم الشهيد وسيم -للجزيرة نت- “كان وسيم شابا خلوقا، مقاوما في وحدة النخبة” في كتائب القسام، وقد ترك زوجته وابنتين“.
وبعد استشهاده اقترح أحمد على عمه “فكرة التبرع بالقرنية”، وأضاف “لم يتردد عمي في الموافقة بالتبرع كصدقة جارية تحيي بصر شابين مريضين“.
وقال والد الشهيد “إنها لحظة مباركة عندما انتهت عملية الزراعة بنجاح، ورأيت الفرحة في عيون المرضى وأهاليهم“.
“ومن أحياها“
وأجرى طاقم طبي محلي عمليتي الزراعة، برئاسة استشاري طب وجراحة العيون ومدير عام تنمية القوى البشرية في وزارة الصحة الدكتور عبد السلام صباح، واستشاري طب وجراحة العيون الدكتور حسام داود.
وقال صباح -للجزيرة نت- “إنه شعور عظيم أن يجري طبيب زراعة قرنية شهيد لمريض في غزة، التي يعرف عن أهلها شجاعتهم ورباطهم، وحبهم للجهاد”. وأضاف “الشهداء هم أعلام الأمة والمنارات الشامخة، وتبرع أسرة الشهيد وسيم بقرنيته، هو امتداد لجهاده وعطائه، وتتويج لمسيرة يرسمها الشهداء بدمائهم“.
ويرى صباح في التبرع بالقرنيات الحل الرئيسي لحل مشكلات مرضى العيون في غزة، التي تحتاج سنويا 250 قرنية، في حين المتوفر أعداد قليلة، الأمر الذي يشكل ضغطا على “قوائم انتظار العلاج بالخارج“.
ودشنت وزارة الصحة في غزة “البرنامج الوطني لزراعة القرنيات”، للتشجيع على التبرع بالقرنيات من ضمن حملة أطلقت عليها “ومن أحياها”، استلهمت تسميتها من مطلع الآية القرآنية “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا“.