تتجه الأنظار داخل “إسرائيل” لزعيم حزب الليكود بينامين نتنياهو “والملك” الذي سيطر على مملكة “الدولة العبرية” لعقود، وهو يسعى لتشكيل حكومته السادسة، في ظل وقوعه في حبال الابتزاز وشباك الشروط، التي باتت معلنة من رفاقه في الائتلاف اليميني بضرورة تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.
وتضع شروط الحلفاء، “نتنياهو” أمام اختبار سينجح في تجاوزه بحسب المراقبين؛ لكنّها تؤسس لحكومة من “صفيح زجاجي”، لن تصمد أمام الأعباء والابتزازات طويلا.
وكلّف الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، “نتنياهو” بتشكيل الحكومة، الأحد الماضي، بعد فوزه بـ32 مقعدا بانتخابات الكنيست الأخيرة.
وإلى جانبه، يتألف معسكر “نتنياهو” من تحالف “الصهيونية الدينية” (14 مقعدا) بقيادة بتسلإيل سموتريش الذي يضم حزب “عوتسما يهوديت” بزعامة عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير.
كما يشمل معسكر “نتنياهو” حزبي “شاس” (11 مقعدا) و”يهدوت هتوراه” (7 مقاعد) الدينيين.
وأمام “نتنياهو” مهلة 28 يوما لتشكيل الحكومة، يمكن أن يمدها الرئيس 14 يوما أخرى، وفي حال فشل سيكلف “هرتسوغ” مرشحا آخر.
ويسعى المتطرف “بن غفير” لإدخال قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين ضمن اتفاق الائتلاف الحكومي مع “نتنياهو”، كشرط لانضمامه إلى الائتلاف، بحسب ما أفادت به صحيفة يديعوت أحرنوت، قبل يومين.
وأشارت “يديعوت” إلى أن سن قانون “إعدام الأسرى” هو أحد الوعود الكبيرة التي قدمها “بن غفير” في حملته الانتخابية، وهو الآن يطمع في التوصل لاتفاق بسن هذا القانون قبل الموافقة على الانضمام إلى الائتلاف الحكومي.
وتحدثت عن وجود أغلبية واضحة في الائتلاف تؤيد مثل هذا القانون، لكن ليس واضحًا إن كان حزب “الليكود” متحمسًا لسنه.
حكومة من زجاج!
الباحث بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، يشير إلى وجود جملة من الابتزاز يتعرض له “نتنياهو” داخل حزبه، وداخل ائتلافه اليميني أيضا، “جمعيها تعتمد على المطالبة بحصص سيادية، ويحاول قدر الإمكان تلبيتها بما يمكّن لنفسه القرار”.
ويشير “بشارات” إلى أنّ 29 يوما و14 أخرى إضافية، هي المهلة التي تمنح لـ “نتنياهو” لتشكيل الحكومة، وإلّا ستحال لـ منافسه يائير لابيد أو التوجه لانتخابات سادسة.
ويرجح “بشارات” خيار الوصول لتشكيل حكومة، خاصة وأنها فرصة متميزة لتشكيل حكومة يمينية خالصة بالنسبة للائتلاف وشركائه، لكنها لن تخلوا من الابتزازات التي سترافقه حتى النهاية.
أمّا الوزارات السيادية وتحديدا الخارجية والقضاء، فهي محط ابتزاز من نوع مختلف هذه المرة داخل بيت “نتنياهو” في حزبه الليكود، و”هذا سيدفعه لمواجهة من نوع آخر”، أما شروط حلفائه بالائتلاف وتحديدا المطالبة بتنفيذ أحكام الأعدام بالأسرى، “فهي دعاية فقط لن تستطيع الحكومة تنفيذها”، وفق “بشارات”.
ويرجح ضيفنا أن تذهب وزارة الجيش لصالح بيني غانتس، وهو تكليف مختلف هذه المرّة اذ يعتمد على شخصية من الوسط.
ابتزاز ولكن!
من جهته، يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي بمركز التخطيط خالد شعبان، إن ما يتعرض له “نتنياهو” لا يخضع لابتزاز حرفي، وإن كان محاطا بمجموعة من الشروط؛ لكنّ القضية الأساسية لديه أنه حقق شروطه الخاصة به وأدناها تحييد قضايا الفساد المتعلقة به.
ويضيف “شعبان” : “حلفاء نتنياهو يطالبون بوزارات سيادية، لكن المعركة الأساسية تكمن في الصراعات الداخلية لدى حزبه على الحقائب السيادية”.
ويستبعد” شعبان” إمكانية تكليف وزارة الجيش لأحد من خارج معسكر اليمين، مردفًا: “في المحصلة جميعهم سيخضعون لتعليمات المؤسسة وضوابط الإيقاع الخاصة بها”.
ويلفت الباحث لتجربة آفغيدور ليبرمان الذي تولى وزارة الجيش في ظل تهديداته المعروفة ضد الشعب الفلسطيني، ولم يستطيع أن يذهب بعيدا عن تعليمات المؤسسة العسكرية، مردفًا: “أرى أن الاختبار الحقيقي يكمن في التنافس على البؤر الاستيطانية وهذا مكمن التوجه اليميني للفترة المقبلة”.
إرضاء ممكن!
من جانبه، يرى رئيس مركز مدى للدراسات بالداخل المحتل مهند مصطفى، أن “نتنياهو” يستطيع تجاوز هذه الخلافات، وسيعمل على إسنادهم لوزارات هامشية ويبقي الوزارات السيادية معه في القرار.
ويوضح “مصطفى” : “سيظل نتنياهو متمسكًا بالسياسة الخارجية، إلى جانب احتفاظ وزارة الجيش بقوانينها التي تضبط إيقاعها خطط الجيش”، مضيفًا: “نتنياهو يدرك شهية حلفائه للوزارات، ولديه من القدرة التعامل مع هذه الشروط على قاعدة التنافس المحدود”.
ويبيّن ضيف سند أن اليمين الإسرائيلي وأدواته تعتمد على الدعاية والأسلوب الشعبوي، وهي ستسقط بحكم التجربة”.
ويلفت إلى أن “بن غفير يمثل التيار الشعبوي الذي ينتمي إليه ليبرمان، ويعتمد على تصريحات عنترية لن تجد طريقها للتنفيذ، وهي ستسقط مع مرور الوقت أمام عدم الإيفاء بهذه الوعود الانتخابية”.
ويتحدث “مصطفى” عن أنّ قدرة “نتنياهو” في التحكم بهذا التيار كبيرة، وهي لا تحظى على قدرة الفعل أمام الوضع الإسرائيلي الحالي، مستشهدًا بتصريحات “بن غفير” التي هددّ فيها بتهجير فلسطينيي الداخل، واصفًا إياها بأنها “تصريحات رغبائية عشوائية شعبوية تسقط مع مرور الوقت، وأن الهدف منها غالبا الحصول على تأييد أصوات اليمين والمستوطنين”.