- أنا فتاة مسلمة، والحمد لله محجبة، قمت بعقد القران، ولم أقم بحفل الزفاف، فما زلت في بيتنا، واتفقنا أن يكون الزفاف العام القادم بعد تخرجي في الجامعة، ولكن زوجي بدأ يطالب بالجماع بي، ولكني كنت أرفض دائماً، وبدأت المشكلات، واتهمني بأنني لست بكراً لذلك أنتظر يوم الزفاف، ووعدني بالطلاق.
ومؤخراً اتصل بي واستسمحني؛ ولكن كان يخدعني، حيث قام بأخذ كلمة مرور بريدي الإلكتروني، وتجسس على رسائلي، واتهمني بإقامة علاقات غير شرعية؛ لأنني أحتفظ بعناوين لأحد الرجال كنت أعمل معهم ويحملون تاريخ السنة الماضية قبل أن أرتبط به وكان على علم بأنني أعمل معهم وكيف تركت ذلك العمل، ويعلم الله أنني ليس لي معهم أي علاقة.
أعلم أنني أخطأت؛ حيث لا توجد صداقات مع الشباب، ولكني تبت إلى الله، وعند ارتباطي به قاطعتُ كل الشباب، وبالأمس سبَّني وسبَّ عائلتي، وقال لي: لا دين لكِ، أنتِ منافقة.. إلخ.
فهل عليَّ ذنب إن أنا طلبت الطلاق؟
– الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل إذا عقد على الفتاة عقداً شرعياً فقد أصبحت الفتاة زوجة له؛ فيحل له منها ما يحل للزوج من زوجته من سائر وجوه الاستمتاع من الجماع فما دونه، إلا أنه ينبغي التنبه إلى أنه إذا كان هناك اتفاق على تأخير الدخول أو جرى العرف بذلك، فينبغي للزوج مراعاة ذلك؛ لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، ومن المُسلَّم به أن العُرف أصل معمول به في الشرع عند أهل العلم.. وأنتِ قد ذكرتِ أنكم اتفقتم على أن يكون البناء في العام القادم؛ فلا بد للزوج من الالتزام بهذا، لحديث: «إنَّ أحقَّ الشروطِ أن تُوفوا به، ما اسْتحْلَلْتُم به الفروجَ» (الراوي: عقبة بن عامر، صحيح البخاري).
أما هذا الزوج فقد وقع في بعض المخالفات الشرعية التي استدرجه إليها الشيطان فاتبع خطواته ونسي نهي ربه سبحانه عن اتباع خطوات الشيطان، وأولى هذه المخالفات هي:
– اتهامه لكِ بعدم البكارة، وهو اتهام قبيح لا ينبغي أن يسارع إليه للضغط على زوجته نفسياً لتلبي رغباته، فهذا نوع من الابتزاز المقيت الذي ينبغي للمسلم أن يبتعد عنه، بل إن فعله هذا قد يدخل في باب القذف الذي هو من كبائر الذنوب ويوجب لعنة علام الغيوب.
– وثاني هذه المخالفات هو ما كان منه من تتبع لعوراتكِ وتجسس على خصوصياتك، وهذه مخالفة صريحة لأوامر الله جل وعلا وأوامر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، قال الله سبحانه: (وَلَا تَجَسَّسُوا) (الحجرات: 12)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَنافَسُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْواناً» (رواه أبو هريرة، صحيح مسلم برقم 2563).
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: صعد رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المنبر فنادَى بصوتٍ رفيعٍ فقال: «يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ» (أخرجه الترمذي (2032) واللفظ له، وابن حبان (5763)، وأبو الشيخ في “التوبيخ والتنبيه”).
وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم» رواه أبو داود وصححه الألباني).
– وثالث هذه المخالفات هو ما كان منه من سب لكِ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «سِبابُ المسلمِ فسوقٌ، وقِتالُه كفرٌ» (رواه عبدالله بن مسعود، صحيح البخاري برقم 48)، فيجب على هذا الزوج أن يتوب إلى الله من هذه الذنوب بل أقول من هذه الكبائر.
أما بالنسبة لكِ، فإنا ننصحك بالصبر وعدم التعجل في أمر طلب الطلاق، لعل هذا يكون من باب الطائف الشيطاني العابر الذي يمس أهل الإيمان وسرعان ما يتوبون منه إلى الله، قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) (الأعراف: 201)، فإن تاب ورجع فبها ونعمت، أما إن ظهر لك أن هذا خلق ثابت فيه، متأصل في نفسه فلك حينئذ طلب الطلاق منه قبل أن يتم الزواج وتتشابك الأمور بالحمل وغيره.
______________________________________
(*) من فتاوى الشبكة الإسلامية.