إنه صلاح شحادة، مؤسس الجناح العسكري الأول لحركة «حماس»، الذي عرف باسم «المجاهدون الفلسطينيون»، وكان قائداً لـ«كتائب عز الدين القسام»، التي تقود عملية «طوفان الأقصى» للشهر الثاني على التوالي.
ولد في 24 فبراير 1952م بمدينة يافا شمال فلسطين المحتلة، ونزحت أسرته إلى قطاع غزة، ليقيم في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، ويعايش معاناة شعب جرى تهجيره من أرضه.
حصل على درجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من مصر، وخلال هذه الفترة، انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وعمل باحثاً اجتماعياً في مدينة العريش المصرية، ولاحقاً عاد إلى بيت حانون، وعمل مفتشاً للشؤون الاجتماعية في قطاع غزة، ثم انتقل للعمل في دائرة شؤون الطلاب في الجامعة الإسلامية بغزة.
اعتقله الاحتلال «الإسرائيلي» عام 1984م، وقضى في المعتقل عامين، قام بعدها بتكوين خلايا «المجاهدون الفلسطينيون» مع بداية الانتفاضة الأولى التي تشكلت منها نواة «كتائب عز الدين القسام».
أعيد اعتقاله في أغسطس 1988م، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، بتهمة المسؤولية عن الجهاز العسكري لـ«حماس»، إلى أن تم الإفراج عنه في مايو 2000م، بعد اعتقال دام 12 سنة، لكن ذلك لم يثنه عن الاستمرار في المقاومة وتطوير الجناح العسكري لـ«حماس»، حتى صنفته أجهزة الأمن والاستخبارات «الإسرائيلية» بالمطلوب رقم (1).
تقول المواقع التابعة لحركة «حماس»: إن جهود شحادة كانت وراء إطلاق الصاروخ القسامي الأول تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، بفضل جهود وحدة التصنيع التي شكلها إلى جانب الوحدات والأكاديميات العسكرية المتخصصة.
كما كان له شرف التخطيط والإشراف على عدة عمليات استشهادية أودت بحياة العشرات من الجنود «الإسرائيليين»، ونجح في تطوير الجهاز العسكري للحركة، ومد المقاومة بأعداد كبيرة من الشباب، فضلاً عن تطوير الصناعة العسكرية المتواضعة للمقاومة من «الهاون» إلى الصواريخ ومضادات الدبابات، كما يعود له الفضل في التخطيط لاقتحام مغتصبات الاحتلال.
اعتبر شحادة صيداً ثميناً لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» الهالك أرئيل شارون، الذي أمر باغتياله، في قصف نفذته طائرة من طراز «إف 16»، في 23 يوليو 2002م، وذلك بإلقاء قنبلة تزن طناً على بناية في حي مزدحم بمدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده برفقة زوجته، وآخرين.
قال شارون عنه بعد استشهاده: ضربنا أكبر ناشط في حركة «حماس»، الشخص الذي أعاد تنظيم حركة «حماس» في الضفة الغربية من جديد، إضافة إلى النشاطات التي نفذها في قطاع غزة.
ووصفه يكوف بيري، الرئيس الأسبق لجهاز «الشاباك»، قائلاً: هذا الرجل هو اليد اليمنى للشيخ أحمد ياسين.
أدى الشهيد شحادة دوراً تاريخياً في تحويل دفة «انتفاضة الأقصى» إلى منحى المقاومة المسلحة، مشدداً على عدم استعداده للتنازل عن الجهاد منهجاً وطريقاً للخلاص من رجس الاحتلال، حتى حفظ عنه قوله: «الجهاد أمر رباني ولا نطلب إذن أحد لمواصلته».
ومع رحيل شحادة ظن الاحتلال أنه قصم ظهر «القسام»، لكن كتائب المجاهدين كانت أشبه بالإعصار الذي لا يهدأ، فقد أخذته على غرة، في طوفان زلزل العالم، واقتحم الحصون، وحطم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.