المتأمل في السياق القرآني يلحظ أن لبني إسرائيل علواً، والمقصود بهما علو التكبر والتمكن والسيطرة والهيمنة مع الفساد في الأرض؛ قال تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً {5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً {6} إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً) (الإسراء).
والمتأمل اليوم في واقع الكيان الصهيوني يجد مظاهر عدة لعلوه، منها:
1- استخفافهم بدول العالم لا سيما العربية:
فهم لا يكترثون بها ولا يحسبون لها حساباً، ولعل ما يحدث على معبر رفح اليوم من عجز وخنوع عن إدخال المساعدات الإنسانية لأهلنا في قطاع غزة المحاصر لدليل على إذلال اليهود للعرب والمسلمين بسبب علوهم.
2- استخفافهم بكافة المحافل الدولية:
اليهود لا يكترثون بقرارات مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو منظمات حقوق الإنسان العالمية أو المحاكم الدولية.
ومما يدل على ذلك قيام سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة بتمزيق تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وجه ممثلي دول العالم، وأخبرهم أن مكانه سلة المهملات!
3- خنوع كافة رؤساء دول الغرب لهم:
بالرغم من عدوان اليهود المتكرر على الشعب الفلسطيني واقترافهم مجازر عدة بحق المدنيين، وبالرغم من مخالفة الكيان الصهيوني لقرارات مجلس الأمن العديدة ومخالفتهم لكافة القرارات الدولية، فإننا نجد كافة رؤساء دول الغرب وأمريكا يقفون بجوارهم ويقدمون لهم كافة أنواع الدعم والمساعدات المادية والعسكرية؛ وذلك لخشيتهم من نفوذ الصهيونية العالمية.
4- سيطرتهم الإعلامية والمادية:
استطاع اليهود عبر عدة عقود السيطرة على وسائل الإعلام بشكل كبير، على سبيل المثال نجد الصحف البريطانية والفرنسية والأمريكية الأكثر شهرة في العالم تخضع لنفوذهم الإعلامي كصحف «الغارديان» و«فاينانشال تايمز»، و«نيويورك تايمز» و«نيوزويك»، وغيرها كلها تخضع لملاك يهود يوجهونها توجيهاً صهيونياً لصالح الكيان الصهيوني.
وأما سيطرتهم المادية، فمعلوم أن ثروات العالم يتحكم بها عائلات قليلة ومعروفة تملك العديد من الشركات والبنوك وشبكة علاقات قوية مع الملوك ورؤساء حكومات وأصحاب نفوذ، ومن بين هذه العائلات روتشيلد اليهودية الأكثر ثراء في العالم، ولطالما تم شراء نفوذ دول وذمم شخصيات عن طريق المال.
5- ابتزازهم لأصحاب النفوذ:
دأب اليهود على ابتزاز ذوي النفوذ، وهذا الابتزاز تارة يكون عن طريق الابتزاز الأخلاقي كما اعترفت بذلك وزيرة خارجية الكيان الصهيوني سابقاً عندما كانت تعمل في المخابرات «الإسرائيلية»، وتارة يشمل الابتزاز دولاً، وذلك عن طريق تضخيم ما يسمى بالهولوكوست بهدف منح مناعة للكيان الصهيوني وتعويضات من كل نقد مما يجعلهم فوق القانون، وترتب على إثر ذلك سن قوانين في الغرب تحاسب وتجرم كل فرد ينتقد اليهود تحت مسمى معاداة السامية، إضافة إلى استغلال الهولوكوست لابتزاز العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا بتعويضات مالية سخية.
6- اقترافهم مجازر مروعة بحق أبناء قطاع غزة:
قيامهم بحرب إبادة بحق الأطفال والنساء غير عابئين بالرأي العام العالمي أو مناشدات العديد من الدول بوقف الحرب أو قرار المحكمة الدولية، والسبب إدراك اليهود بخنوع كافة الدول لسيطرتهم وعلوهم بما في ذلك خنوع أمريكا لهم؛ لعلمهم ويقينهم أن القرار الأمريكي يخضع لحكم ونفوذ اللوبي الصهيوني، وبقية الدول لا تجرؤ على مخالفة أمريكا.
هذه بعض مظاهر علو بني إسرائيل في وقتنا المعاصر، وسوف ينتهي هذا العلو بإذن الله على يد عباد الله الصالحين أولي بأس شديد ويسوؤوا وجوه بني إسرائيل بإذن الله.
ولعل «طوفان الأقصى» المبارك يكون بداية نهاية علوهم.