يأمل كل أب وأم أن يُتم أطفالهما حفظ القرآن الكريم، خاصة خلال الإجازة الصيفية، وهو أمر محمود، لا يقدر بثمن، ولا تضاهيه جائزة، سوى الفوز بمرضاة الله في الدنيا والآخرة.
وللتيسير على أبنائنا، يمكن بكل يسر حفظ كتاب الله وإتقان تلاوته وتدبر آياته، شريطة توافر العزيمة لتحقيق ذلك، خاصة في ظل توافر برامج ودورات مكثفة لإتمام حفظ القرآن الكريم في غضون شهرين أو ثلاث، أو أكثر.
ولكي يسهل الحفظ، يفضل تحديد موعد يومي لذلك، مع تحديد قدر من الآيات أو الصفحات لإتمام حفظها، وقد قام العلماء بتقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء، وقسموا الجزء إلى حزبين، والحزب فيه إلى أربعة أرباع، أي أن المرء حسب قدرته يمكن أن يحفظ كل يوم حزباً، أو نصف حزب، وبالتالي يستطيع أن يحفظ الجزء الواحد على مدار 4 أيام، أي يمكن ختم كتاب الله (30 جزءاً)، في غضون 120 يوماً (4 شهور)، إذا كان معدل الحفظ يسير بانتظام.
وهناك تجربة أكثر تنافسية، نفذتها جمعيات متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم، جنوبي مصر، وتعتمد التربة على تكثيف الحفظ اليومي بمدار 10 صفحات يومياً، حيث يبلغ عدد صفحات كل جزء من القرآن الكريم 20 صفحة، فلو حفظ المسلم 10 صفحات يومياً، فإنه سيتم حفظ كتاب الله خلال 60 يوماً.
وتبلغ صفحات القرآن الكريم بالترتيب المعتمد في أغلب المصاحف 604 صفحات مقسمة إلى 30 جزءاً، وموزعة على 114 سورة، أي أنه في حال امتلاك الطفل قدرة قوية على حفظ جزء يومياً، فإنه سيستطيع بفضل الله إتمام حفظ كتاب الله خلال شهر واحد فقط، أو ليكن مقدار الحفظ على أقل تقدير، ربع كل ليلة، أي حفظ 240 ربعاً هي تقسيمات القرآن في غضون 8 شهور فقط.
هذه التجارب ليست من باب الاستعراض، بل لفتح باب التنافس، وتنويع خيارات الحفظ أمام أبنائنا وبناتنا، خاصة في ظل توافر الوقت، وتزايد الشكاوى الأسرية من الفراغ خلال الإجازة الصيفية، مع وضع المحفزات والجوائز لشحذ الهمم نحو نيل هذا الخير الكبير، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (رواه البخاري).
ومن المعينات على الحفظ، البعد عن المشتتات، وتجنب التلفاز والهاتف ووسائل التواصل، واعتبار تلك الدقائق خلوة مع الله، واتصالاً مع الخالق.
ويحفز على حفظ القرآن، القراءة على يد محفظ متقن لأحكام التلاوة والتجويد، وذلك لتعلم المخارج الصحيحة للحروف، مع إمكانية سماع الآيات من أصحاب الأصوات الندية، ومتابعة قنوات وإذاعات القرآن الكريم التي تقدم برامج ثرية وتلاوات كاملة للمصحف الشريف.
ويفضل عند الحفظ تكرار الآيات، ومحاولة تدبرها وتفهم معانيها، والاطلاع على التفاسير الخاصة بها، ومن الممكن أن يضاف لذلك طريقة الحفظ بالكتابة، وقراءة الآيات التي تم حفظها أثناء تأدية الصلوات الخمس، بما يضمن تثبيت وتمتين حفظها، ومراجعتها.
كذلك يحبذ الحفظ المنتظم في الصغر، قال الإمام ابن الجوزي: من رزق ولداً فليجتهد معه، فإذا بلغ 5 سنين أخذه بحفظ العلم، فإن الحفظ في الصغر نقش في حجر.
وقال ابن العثيمين: الطريقة المثلى لحفظ القرآن الكريم أن تحفظه وأنت صغير السن، ففي حفظ القرآن حال الصغر فائدتان؛ الأولى: سهولة الحفظ، والثانية: رسوخ المحفوظ في القلب بحيث لا ينساه.