الأخطار التي تزيل الدول كثيرة، ولكن أخطرها انتشار الظلم والتظالم بين الناس وطمس روح العدالة بحيث يفقد المواطن الاطمئنان على ماله ونفسه ومستقبله.
ومن المقولات الخالدة لشيخ الإسلام ابن تيمية: «إن الله يقيم الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة، وإن كانت مسلمة».
فالعدل أساس الملك، وأهم ركائز بقائه، فمتى ذهب ذهب الملك.
وقد اختصر الهرمزان هذه الحقيقة حيث قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد رآه متوسداً بردته تحت الشجرة نائماً مطمئناً بلا حراسة: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر»!
وهذا يقودنا الآن إلى الأحداث التي جرت في سورية وسقوط نظام بشار المجرم الذي استبد وظلم وقهر الشعب السوري وجعله بين قتيل ومهجر وأسير، وما انكشف لنا بعد سقوط النظام من قصص الخارجين من سجونه، من أمور يندى لها الجبين، ولا تصدَّق؛ مما يجعل العاقل يعتقد أن هؤلاء ليسوا بشراً أسوياء، بل لا يمتون للإنسانية بصلة.
وبعد هذا الخزي، من ذا الذي يصدق أنهم سوف يحررون بيت المقدس، وأنهم سينصرون الحق وينشرون العدل بين الشعوب؟!
إن الخارجين من جحيم السجون السورية يذكرون مآسي الوطن الجريح بتسلط زمرة من الفسقة الفاسدين، الذين وجب على الشعب السوري محاسبة كل من له يد في هذا الإجرام البهيمي، بل ولا يرحم منهم أحداً، وفق شريعة الله تعالى في الأرض.
لقد منَّ الله تعالى بفضله على الشعب السوري المجاهد برفع هذا الظلم عن كاهله، ولله الحمد؛ ما سيمنحهم فرصة ذهبية في إرساء دعائم حقوق الإنسان الصحيحة، المتمثلة بدين الإسلام وتعاليمه السمحة، وإنشاء منظمة حقوقية لنصرة المظلومين من الشعوب المقهورة في الوطن العربي الكبير؛ حيث كشفت السجون السورية الوجه الحقيقي لبعض الأنظمة العربية من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان.
ومن المأمول من هذا الشعب البطل، وبعد أن يستقر الوضع العام، بإذن الله تعالى، أن ترى هذه المنظمة الحقوقية النور التي قد تكون باب خير لكثير من المسلمين، فنحن أهل الإسلام أحق بنشر معاني حقوق الإنسان وكرامته على أرض الواقع، بخلاف المتشدقين المنافقين في مشارق الأرض ومغاربها.
قال تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص).