انتقدت صحيفة “النيوزويك” الأمريكية في تقرير لها يوم الثلاثاء الماضي سياسة القمع التي يتبعها النظام المصري وخاصة ضد شباب وأنصار جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت محظورة في مصر, مشيرة إلى أن سياسة القمع والعنف التي تمارس ضدهم لن تنهي وجود الجماعة الإسلامية بل سيدفعها ذلك إلى “ترك السلمية”.
وقال التقرير الذي نشر أمس الجمعة: إن السيسي يرتكب كوارث في مجال حقوق الإنسان هي الأسوأ على الإطلاق، حيث قام بحظر التجمع السلمي، وقامت الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين، وارتكبت انتهاكات بحق آلاف المعتقلين بدون محاسبة مرتكبيها.
وأشار إلى أن أي معارض للنظام يواجه بأقصى صور القمع، ويتم استهداف الإخوان بشكل خاص، ومنذ الإطاحة بالرئيس مرسي تم سجن عشرات الآلاف من أعضاء الجماعة وفر القليل إلى المنفى وبخاصة إسطنبول.
وقارن تقرير الصحيفة بين أحكام القضاء على أعضاء وقيادات الجماعة وبين الأحكام التي صدرت ضد مبارك، حيث حكم على مرشد الجماعة بالإعدام في أبريل 2014م من بين 682 آخرين في محاكمة استمرت ثماني دقائق فقط، وقام القضاء المسيس أيضاً بالحكم على الرئيس مرسي بالإعدام في مايو 2015م، أما مبارك، دكتاتور الثلاثين عاماً، فقد حصل على ثلاث سنوات فقط لاتهامه بتهم فساد.
ونقل التقرير عن أحد الناشطين السابقين بالإخوان القول: إن الإخوان المسلمين سيستمرون في النضال ضد النظام الحالي بسبب وجود 100.000 أسرة لديها سبب مباشر للأخذ بالثأر من نظام السيسي، ومن المستحيل أن تتم السيطرة على جميعهم، فهم متماسكون بالرغم من القمع الذي يعمل على تماسكهم كما يعمل الغراء.
وأشارت الصحيفة إلى المذابح التي استهدفت أنصار الإخوان حيث تحول صيف 2013م إلى حمام دم، وقتل أكثر من 800 متظاهر في فض اعتصام رابعة، وهو ما اعتبرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” أسوأ من المجزرة التي حدثت في ميدان “تيانانمن” بالصين عام 1989م.
وقالت الصحيفة: إن بنية الإخوان متماسكة بسبب شروط العضوية الصارمة بسبب القمع الذي مورس ضدها على مدار العقود الماضية، وبحسب شادي حميد، الخبير بشؤون الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز، فإنه ليس من السهل الحصول على عضوية الجماعة، فالأعضاء عليهم أن يمضوا من خمس إلى ثماني سنوات كأفراد عاديين لكي يحصلوا على العضوية الكاملة، ويقول معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: إن الجماعة تسعى إلى أسلمة الفرد عن طريق عملية “تلقين جامدة”، يلي ذلك أسلمة العائلة، والمجتمع، والدولة، والعالم.
ورأت الصحيفة أن جزءاً من القبول الشعبي للجماعة يرجع إلى تبنيها للإسلام السياسي جنباً إلى جنب مع العمل الاجتماعي؛ مما أكسبها السمعة الجيدة عن طريق إدارة المدارس، والمستشفيات والنوادي الرياضية، والخدمات الاجتماعية الأخرى، وانتشرت الجماعة في العديد من الدول من السنغال إلى روسيا، وفي مصر يقدر عدد الإخوان بـ500.000 يشارك العديد منهم بـ15% من دخولهم كتبرع للجماعة.
واعتبرت الصحيفة أن قمع السيسي للجماعة يمكن أن يغيرها جذرياً، حيث يوجد انقسام بين أولئك المتمسكين بعدم العنف والآخرين الذين يعتبرون العنف شرعياً في بعض الحالات، ونقلت عن حميد القول: إن النظام الحالي قد أجبر الجماعة على تحول جيلي، فبسبب وجود الحرس القديم بالخارج أو في السجون كان على الأعضاء الأصغر أن يرتفعوا إلى مستوى الحدث ويتولوا القيادة.
وتشير الصحيفة إلى أنه من بين القيادة الجديدة من يطالب بـ”العنف الدفاعي” الذي يهدف إلى زعزعة النظام بالهجوم على البنى التحتية مثل شبكة الكهرباء والانتقام من قوات الأمن.
ولفتت الصحيفة إلى أن دولاً أخرى تراقب الموقف عن كثب، فالإخوان إحدى الحركات السياسية القليلة التي تنبذ العنف في الشرق الأوسط وواحدة من الأفضل تنظيمياً.